السلام عليكم ورحمة الله
خروقات كويتية جديدة. . بقلم كاظم فنجان الحمامي
نحن عندما نتحدث عن الخروقات الكويتية أو الإيرانية في خور عبد الله أو شط العرب, فان تشخيصنا لها قائم في معظم الأحوال على أحكام وبنود الاتفاقيات والأعراف والقواعد الدولية والإقليمية والثنائية.
فالخروقات الكويتية الجديدة, على سبيل المثال, تنتهك أحكام القرار (833), وتتجاوز تحديدات هذا القرار الجائر الذي جاءت نصوصه في صالحها, على الرغم من انه اشد القرارات ظلما وتعسفا ضد العراق, لأنه حرم العراق من حقوقه الشرعية في خور عبد الله, ومنح الكويت حدودا بحرية إضافية على حساب السواحل العراقية المنكمشة بفعل تدخلات القوى الاستعلائية الغاشمة, تأتي الخروقات الكويتية لتخالف بنود هذا القرار, الذي حقق لها من المكتسبات ما لم تكن تحلم به.
اما كيف وقعت هذه الخروقات, وكيف تجرأت الكويت على انتهاك الخطوط الحمراء لهذا القرار, فنقول لكم: أن القرار (833) وضع تصورا عاما للحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت, واعتمد في تصوره هذا على (162) دعامة حدودية مثبتة على الخرائط الدولية بخطوط العرض والطول في البر والبحر, فالدعامة الأولى, رقم (1) مثبتة فوق الموقع الصحرواي الذي تلتقي عنده الحدود الثلاثية المشتركة بين العراق والسعودية والكويت, فيبدأ العد التصاعدي من هناك, مرورا بالدعامات المتوالية في الترقيم, ثم تمر الحدود بالدعامة رقم (2), ثم الدعامة (3), والدعامة (4), والدعامة (5), وهكذا يجري الترقيم على هذا المنوال المتصاعد, حتى ينتهي عند الدعامة (162), وهنا مربط الفرس, فهذه الدعامة الختامية تتحدد بالإحداثيات الآتية:
خط العرض: 29 درجة, 15 دقيقة, 9.6324 ثانية شمالا
خط الطول: 48 درجة, 24 دقيقة, 50.8383 ثانية شرقا
فلو أسقطنا هذه الإحداثيات الموقعية على الخارطة, لوجدنا أن الدعامة (162) تتموقع بين العوامتين الملاحيتين (17) و(15).
ولكي نتعمق في شرح صيغة الترقيم الملاحي للعوامات العراقية المشار إليها هنا, نذكر أنها عبارة عن علامات مضيئة عائمة على سطح الماء, تحدد المسار الذي ينبغي أن تسلكه السفن في ذهابها وإيابها من والى الموانئ العراقية, يبدأ ترقيمها من جهة البحر بالعوامة رقم (1), ثم تليها العوامة رقم (3) على بعد ستة كيلومترات تقريبا, تأتي بعدها العوامة (5), فالعوامة (7), فالعوامة (9), فالعوامة (11), فالعوامة (13), فالعوامة (15), فالعوامة (17) حيث الموقع المقترح لميناء (مبارك), ويستمر العد الفردي التصاعدي حتى ينتهي عند مقتربات ميناء (أم قصر).
والآن دعونا نعود إلى آخر الدعامات الحدودية الفاصلة بين العراق والكويت في ضوء تطبيقات القرار (833), والتي قلنا أنها تقع بين العوامتين الملاحيتين (17), و(15), بمعنى أن الحدود البحرية المشتركة تقع إلى الشمال من العوامة الملاحية (15), وبالتالي لا وجدود للحدود الكويتية عند العوامة الملاحية (13) وما بعدها, ولا يحق لزوارق الدورية الكويتية أن تمارس أي نوع من النشاطات البحرية في المسطحات المائية الواقعة جنوب العوامة (15), بمعنى أن الممر الملاحي الواقع بين العوامة الملاحية رقم (1) والعوامة الملاحية رقم (15) غير خاضع لسلطة الزوارق الكويتية, وذلك في ضوء أحكام القرار (833).
بيد أن زوارق الدورية الكويتية تصر على مطاردة زوارق الصيد العراقية جنوب الدعامة (162), فتلقي القبض على الصيادين بتهمة تجاوز الحدود المائية, وتصر على تفتيش سفن الانتشال العاملة بمحاذاة العوامة الملاحية العراقية رقم (11), وتجبرها على إبقاء العلم الكويتي مرفوعا أعلى قمم السواري للرافعة التركية المكلفة بانتشال حطامات السفن الغارقة في الموقع المذكور. وان من يذهب إلى موقع الرافعة التركية سيجد العلم الكويتي مرفوعا إلى جانب العلم العراقي, وبينهما علم المرشد البحري العراقي المكلف بإرشاد الرافعة وتوجيهها.
ان هذه التشكيلة المتناقضة من الأعلام الدولية المرفوعة فوق سارية سفينة واحدة تعد من أطرف وأندر وأغرب المواقف الملاحية والدولية, ولم يسبق لها أن وقعت في مكان آخر على سطح كوكب الأرض, فمن غير المعقول أن يُرفع علم المرشد البحري التابع إلى دولة العراق, والى جانبه ثلاثة أعلام دولية (عراقية, وكويتية, وتركية), وعيش وشوف. .
بتعذر على المشاهد من الناحية العملية والسيادية أن يرى تكرار هذا الخرق الفاضح, حتى لو كانت السفينة متحركة في أضيق جزء من شط العرب بين العراق وإيران, فقد جرت الأعراف الدولية على قيام السفن المتوجهة إلى العراق برفع العلم العراقي وعلم المرشد حتى عند اقترابها من أرصفة ميناء عبادان ببضعة أمتار, بيد ان الوضع مختلف تماما في خور عبد الله فالكويت ترفع علمها الى جانب العراقي خارج تحديدات القرار (833), وخارج كل التصورات المنطقية والتشريعية.
ربما يصعب على القارئ الكريم فهم أسلوب الترقيم, وربما يصعب عليه التعرف على صيغة تثبيت المواقع بخطوط الطول والعرض, لكننا نتوجه إلى التشكيلات العراقية المكلفة بحماية سواحلنا ومياهنا, ونطالبهم برصد هذه الخروقات والتأكد منها على ارض الواقع, ومن نافلة القول نذكر أن الكويت استغلت علاقتها المتينة بالأدميرالية البحرية البريطانية المعتمدة واستعانت بها في مد خط الحدود نحو البحر إلى ما بعد الدعامة الحدودية رقم (162) باتجاه خور العمية, ومن لا يصدق هذه الكلام ننصحه بمراجعة الخارطة الملاحية الأدميرالية رقم (1235) لكي يشاهد بنفسه كيف تمددت الحدود الكويتية حتى صارت قريبة من الحدود البحرية الإيرانية.