بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
البصره في ماضيها وحاضرها
ابن البصره
البصره الفيحاء.. مدينة المدن.. فينيسا العراق.. حاضنة الشعراء والادباء والعلماء والمفكرين.. أم الخير.. الضرع الذي شرب ويشرب ابناء العراق من خيراته تنعي اليوم من بناها.. تلك المدينة الصامدة الصابره التي وقفت بكل عز وكبرياء أمام جحافل العدو الحاقد بحرسه الوثني وباسيجه الاحمق... المدينة التي كانت تفوح في ارجائها روائح طلع النخيل والقداح والجوري والتي تحملت وتحمل اهلها انواع الخوف والرعب والمصير المجهول.. ففي ارجائها خلال الحرب مع جارة السوء ايران كانت تستنشق رائحة البارود والدم والموت.. تصحو وتنام على هدير المدافع والراجمات..كانت مدفعية العدو الحاقد تدك بيوتها ومعالمها ومابين الحين والاخر يثور دخان القذائف الرمادي احيائها حاصدا ارواح اهلها دون تمييز مابين طفل في طريقه للمدرسه او عجائر قادهن مصيرهن للموت وهن في طريقهن للسوق لبيع مخضراتهن.
احتل العدو ميناء الفاو وارتفع نباح الكلب الاملط رفسنجاني معلنا انتصار قوات الفرس المجوس معلنا للكويت بأن تتقبل الجار الجديد وماكان خباز التفتوني يعلم ان صولة الحق قادمة لامحاله..في الفاو شاهدنا حقد العدو وكفره والحاده حينما حولوا جامعها الى مستودع قمامه رغم ايات القرآن المنقوشه على جدرانه.. مدللين بذلك انهم لازالوا زرادشتية كسرى ورستم وخيل لهم ان بقائهم سيطول في تدنيس تلك الارض الطيبه التي سرعان ما اجتاحتها دبابات احفاد سعد ابن ابي وقاص والقعقاع فدفنت جثث قتلاهم في ممالحهاحيث فروا كالارانب المذعوره.. آنذاك كانت مدن العراق تعيش بمنأى عن ويلات الحرب حيث ينام اهلها ملئ جفونهم والبصره تصحو على دوي المدافع وصواريخ العدو.. كانت المعارك تدور حول مشارفها في نهر جاسم وبحيرة الاسماك وكشك البصري وغزيل.. وكان الاطفال البصريون يعيشون تحت مطارق مدفعيه العدو التي تحصد ارواحهم بلا رحمه.. كانوا يلعبون في شوارع وازقة مدينتهم ويتنافسون على معرفة نوع قذائف مدفعية العدو الحاقد فيصرخ هذا : هذه روسيه وتنطلق اخرى ويقول طفل آخر : هذه نمساويه وآخر امريكيه وحينما تنطلق راجمه يهتف اصغار هذه راجمه.. كانوا شجعانا رغم الخطر المحدق الذي يهدد مدينتهم ومامن طفل بصري عاش فترة الحرب الا وتجده صلب العود.. لقد تعفر نسيم البصره برائحة الموت ودخان المدافع فما تخاذل اهلها ولم يفروا من عقر دورهم هلعا وجبنا بل صمدوا صمود الغر الميامين امام هجمات العدو اللئيم الظلامي التطلعات.
من عاش في البصره يدرك اي نعيم عاشت تلك المدينة التي احتضنت كل العراقيين بجميع مذاهبهم ودياناتهم وعاش الاجانب في طمأنينه وعيش رغيد فقد كان فيها اطباء مشهورين مثل طبيب العيون بوران سنك والدكتور برودي البريطاني والدكتور كودمن البريطاني والدكتور لامير الفرنسي والدكتور اتيشه وزوجته.. كان فيها من المربين الافاضل الذين علمونا اللغة الانكليزيه بكل اهتمام امثال الاستاذ جون ديلي وآلن كنك ومن الاساتذة العرب محمود شحاته وقنديل والاحمدي حفني وزايد
فقد كانت البصره فنار العلم والثقافه فماذا حل بها اليوم؟
يقال في الامثال : بعد خراب البصره.. قد ينطبق هذا القول على فترة ثورة الزنج لكنه اليوم ينطبق بكل ماتعنيه تلك الجملة من دمار وخراب.. فتلك المدينه التي سقت عطاشى المحافظات بثرواتها الطبيعيه التي كانت تضخ كما تضخ اوردة القلب في جسد الانسان نراها اليوم تنعي من بناها فقد صارت مدينة المدن سابقا مدينة المزابل والاوساخ والاهمال المتعمد ووقوعها تحت تأثير اعداء الامس من آل ساسان.. هذه المدينة المسالمه التي اشتهر اهلها بدماثة الحلق وحسن المعشر وكرم الضيافه تعيش اليوم في محنة مابعدها محنه.. لقد عبثت بمقدراتها ايادي العابثين فقد حل في ربوعها بعد الاحتلال محافظين فاسدين من احزاب عميله لاهم لهم الا السلب والنهب فساءت الاحوال لان المحافظ مشغول بجمع المال الحرام ونقله الى الكويت فقد كان محافظ البصره السيئ الصيت والابن لأكبر مهرب خمور ومخدرات للكويت مصبح الذي اضاف لقب الوائلي.. ابنه على سر ابيه لكن بصورة رسميه حينما تم تعيينه محافظا كونه من حزب الرذيله وكانت الاموال العراقيه تتسرب الى الكويت بملايين الدولارات ففي عهده الميمون شفطت بنوك الكويت مالايقل عن 800 مليون دولار قام بتهريبها شقيق المحافظ اسماعيل مصبح واجهزة الامن الكويتيه على علم واطلاع بتهريب تلك الاموال التي هي دماء العراقيين يمتصها احفاد دراكولا العراق.
تعرضت البصره الى مآسي وكوارث فقد طالتها ايادي الارهاب التي نسبتها دوائر حكومة الاحتلال الامنيه بأنها تحمل بصمات القاعده وعجبا ان تلك العصابه المطارده في ارجاء العراق تملك كل تلك الامكانات الهائله التي تضرب من خلالها ارجاء العراق شرقا وغربا شمالا وجنوبا.. حينما انفجرت العبوات الناسفه سوق عبدالله بن علي حيث كان المتسوقون في ذروة تواجدهم اعلنت سلطات حكومة الاحتلال ان الحادث نتيجة انفجار مولدة كهربائيه لكن سرعان مااكشفوا خيبتهم حينما اتضحت الاموربوجود سيارات مفخخه انفجرت لتحصد ارواح اكثر من 45 شهيدا وقيل بأن حكومة الاحتلال القت القبض على المجرمين وتنفس البصريون الصعداء آملين ان ينال هولاء العقاب الرادع وتعلق جثثهم في ساحة سعد وأم البروم لكن جرى تكريمهم بوضعهم في القصور الرئاسيه.. وطال انتظار ذوي الشهداء بأن تطال هولاء عقوبة الله عزوجل وترتاح ارواح المغدورين لكنهم فوجئوا ببيان يشير الى هروب المجرمين الذين تسللوا من معتقلهم المريح عيانا بيانا وجرى تهريبهم الى ايران حيث اتضح انهم يتبعون ميليشيات مدعومة من ايران وانهم فوق القانون.
مثلهم مثل عصابة ثار الله التي تزعمها رجل شاذ ومأبون كان نائب ضابط بالبحريه اسمه يوسف سناوي اضاف لقب الموسوي والذي كان فارا ومطلوبا من الجهات الامنيه كونه احد المجرمين الذين شاركوا في جرائم قتل اثناء الحركة الغوغائيه سنة 1991 والتي سماها عملاء ايران بالانتفاضة الشعبانيه وقد فر هاربا الى عقر اسياده وعاد بعد الاحتلال ليتزعم اخطر عصابة تحت مسمى منظمة ثار الله حيث ارتكبت تلك العصابة الايرانيه الجرائم البشعه ضد ابناء البصره فأغتالت الكثير من اعيانها واطبائها واساتذتها ومفكريها تنفيذا لاوامر اسيادهم.. كان يوسف سناوي رأس الافعي حيث اوجد لنفسه مقرا قرب المستشفى العسكري بالمعقل محاطا بحماية مشدده من معدومي الذمة والضمير الذين شاركوا بعمليات اغتيال على مرأي ومسمع من المواطنين حيث كانت السيارات المسماة بالبطه التي يستقلها القتلة المأجورين لتنفيذ جرائمهم وكانت الرشاشات والمسدسات تحصد وجهاء البصره واطبائها ومحاميها وكل من رفع صوته متذمرا من هيمنة تلك العصابات الاجراميه المدعومه من جارة السوء.. حينما قام المالكي بصولة فرسانه وبناء على نصيحة المحتل للقضاء على العصابات الاجراميه مثل جيش المهدي تحديدا اشاروا عليه بتحجيم سلطة عصابة ثار الله على اساس بيع الجمله افضل من بيع المفرد فقامت قوات الاحتلال البريطاني بتطويق وكر عصابة ثار الله وبعد تبادل اطلاق النار ومقتل عدد من اعوانه تم القاء القبض على المجرم يوسف سناوي مع اشقاءه الذين شاركوه في جرائمه والتي اعترف بأن عصابته قامت باغتيال 800 مواطن يعرف فقط عدد محدود منهم قدره ب 300 مغدور.. تنفس البصريون الصعداء بالتخلص من عصابتين عميلتين لايران تكلت بأبناء البصره وروادتهم الامال بأن تقوم حكومة الاحتلال بتوقيع اقصى العقوبات على قادتها الذين اعترفوا بجرائمهم خصوصا يوسف سناوي واشقاؤه وبطانته وسرت شائعة تلقاها البصريون بفرحة غامره بأن تنفيذ حكم الاعدام بالمجرم يوسف سناوي واشقاؤه سيتم في ساحة سعد لكن اتضح ان الذين جرى اعدامهم ليسوا سوى اذناب هذا المجرم الذين مارسوا عمليات القتل بأوامر صادره منه.. حكومة تقطع ذيل الافعى وتترك رأسه وهذا العجب العجاب... اليوم يوسف سناوي يعيش خالي البال في ايران بعد ان وصلت اوامر من مكتب دولة رئيس الوزراء..ابن طويريج بتسهيل مهمة خروج سناوي وعائلته ليلا بسيارات حكوميه عن طريق مخفر الشلامجه.. ومن العجب العجاب ان تعثر قوات الاحتلال البريطانيه على ملايين الدولارات مكدسة في دواليب وحقائب اثناء مداهمة وكر الافعى.. ولزم البصريون الصمت المطبق على اساس اذا بليتم فاستتروا لان حكومة الاحتلال لن تكون افضل من عصابة يوسف سناوي.
في الاسبوع الماضي تعرضت منطقة فقيره من مناطق البصره الى اعتداء اثيم فقد انفجرت عربات صغيره في خمسه ميل الفقيره التي يبحث سكانها عن قوت يومهم بكل مشقه كونها السوق الرئيسي لسكان القرى المجاوره والاهوار ببيوتها ودكاكينها المتواضعه وكعادة حكومة العار صرحت بأن الجريمه تحمل بصمات القاعده فهل للقاعده تلك الامكانات والاستعدادات كي تستهدف منطقة سكانها لاناقة لهم ولاجمل بالسياسه ولماذا لم تستهدف جهات حساسه تصيب مقتلا في حكومة المالكي؟ لماذا خمسه ميل بسكانها البسطاء فهل يتكرم الذين ينطقون بأسم الحكومه بتفسير سبب استهداف خمسه ميل ولماذا يلقى اللوم على المسئولين الامنيين لتبرير فشل حكومة الاحتلال من تامين حياة المواطنين وبسط الامن والامان ولماذا يقدمون ضباط الامن اكباش فداء لتبرير فشل تلك الحكومه الكسيحه من تأمين ابسط معاني الامان.. فوجود وزارة الدفاع والداخليه اضافة الى رئاسة الوزراء بيد رجل واحد كان رصيده المعروف بائعا للمحابس والسبح في السيده زينب ليكون زعيما اوحدا للعراق الذي كان مرهوب الجانب مرفوع الرأس.. البصره تعاني من اهمال واضح لانها مدينة مستباحه بكل ماتعنيه الكلمه والنفوذ الايراني وعصاباته التي تزهق ارواح الابرياء واضح لايقبل الشك فوقوعها قرب حدود جارة السوء جعلها هدفا سهلا تحت سمع وبصر وتشجيع حكومة المالكي مما شجع ضعاف النفوس والحواسم واللكامه من اصحاب العمائم ممن يريدون اللحاق بركب الذين لم تمتلئ بطونهم بالمال الحرام على المطالبه باعلان البصره اقليما حتى يلغفوا ماشاء لهم من اموال العراق المهدوره ان البصره اليوم اضحت خرائب واطلالا وتغيرت معالمها واختفت الوجوه البصريه السمحه ليحل محلهم وجوه صفراءكوجوه الافاعي لااحد يدري من اين جاءوا مما جعل البصريون يشعرون بالغربه في مدينتهم.. ام الخير تعاني الاستهداف والفقر والجوع والخوف ومحافظين نص نعل لااحد يدري من اي قمامة خرجوا ومجلس محافظه يضم المشبوهين واللغافه واصحاب الماضي الملوث ويحق القول عن البصره بخراب البصره فالذي يمر اليوم بهذه المدينة الصابره ليس اكثر من محاولات لطمس معالمها ورموزها حيث يلتزم سكانها الصمت رغم كل الاستهداف المقصود من قبل حكومة المالكي وشرطته وجيشه التي استهدفت حتى دوايين شيوخ العشائر وعلى رأسهم الشيخ الغانم الذي جرت مداهمة منزله وديوانيته من قبل شبيحة ابن طويريج دون احترام للتقاليد والعرف العشائري لكن من سنعاتب؟ رئيس حكومه وجد نفسه من الحضيض الى كرسي رئاسة الوزاره مع وزارتين امنيتين هما عصب حياة العراق لكني اعود واقول بقلب اصيب بالاحباط والجزع موجها كلامي لرئيس الوزراء بأن لاحياة لمن تنادي.. ولوتسوى العتب جا عاتبيتك.. فكلكم ياوزراء ومسئولي حكومة العار من طينة واحده تتبعون كقطعان الخراف راعيا احمقا قاد العراق الى مصير مجهول وسار على خطى حكومات الاحتلالين الامريكي والفارسي بعد ان صار عراق الحضارات خرائبا تنعى اسراب البوم فوق اطلالها.
لقد سمعنا وقرأنا مرارا وتكرارا مطالبة مسئولي النجف بتخصيص مبلغ 100 دولار شهريا اعانات لسكانها من واردات النفط بينما التزم البصريون الصمت رغم ان مدينتهم هي البقرة الحلوب لكل العراقيين حينما كان نفط العراق للعراقيين قبل ان يصبح نهبا لشركات الاحتلال الاحتكاريه والتي تعاقد معها ابن شهرستان بزواج كاثوليكي.. لك الله يابصرة الفراهيدي وحسن البصري وابوالجوزي وسوق المربد وبدر السياب فقد عاث اللصوص والقتله بعد الاحتلال فسادا.. عجل الله فرجك عاجلا وليس آجلا فقد طالت المعاناة واصبحت مدينة القمامه والمزابل والاستهداف وحسبنا الله ونعم الوكيل