عدد المساهمات : 3050 نقاط : 60693 تاريخ التسجيل : 14/10/2010 الموقع : http://www.ashairjanob.com
موضوع: الرسالة التاسعة والثلاثون ذكرى الاحتلال التاسعة الخميس أبريل 26, 2012 7:00 pm
الرسالة التاسعة والثلاثون
ذكرى الاحتلال التاسعة
الحمد لله القوي المتين والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وعلى آله وصحبه أجمعين.
في التاريخ أحداث لا يمكن أن تمحوها الأيام أو تنساها الذاكرة بتقادم الزمان، ولاسيما إذا اقترنت تلك الأحداث بأفراح كبيرة أو مآسي عظيمة، أما إذا جمع الحدث بين النقيضين – الفرح والحزن – فلا ريب أنه سيكون حدثا مميزا وتاريخا لا يمكن أن ينسى، وهذا ربما ينطبق على ذكرى احتلال العراق.
لقد كان التاسع من نيسان قبل تسع سنوات يوما محفورا في ذاكرة العراقيين والملايين من المسلمين وغيرهم من شعوب العالم، البعض يستذكر منه الاحتلال الأمريكي وما جاء به من شرور استمرت حتى هذا التاريخ، وآخرون يستذكرون ردة الفعل التي أبداها شباب المساجد برفع راية المقاومة، هو تاريخ يعبر عن صورة لها وجهان، وجه مأساوي وآخر مشرق.
ربما التعبير بلفظ (المأساة) لا يعبر عن حقيقة ما جاء به المحتل، فهو لفظ (صغير) قياسا بما لحق بالعراق وشعبه، والمصيبة الأكبر أن الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي – ومنها انتهاكات حقوق الإنسان – كانت تحت شعار (الحرية)، وأن الظلم والفساد والتسلط وما رافق (العملية السياسية) جاء باسم (الديمقراطية)، ولقد كانت الجرائم التي ارتكبها المحتل وحكوماته من البشاعة ما جعل الأقلام تعجز عن وصفها، فلقد بات غياب الأمن هو الطابع السائد للعراق، وأصبح الخوف ملازما للجميع، الفرد يخاف على نفسه من القتل أو الاعتقال في أي لحظة، والمعتقل يخاف على نفسه من التعذيب والتصفية، العائلة تخاف على أبنائها في ذهابهم وإيابهم، وتخشى عليهم حتى وهم في أحضان أهلهم، الجميع مهدد بغض النظر عن سنه أو عمله أو انتمائه، والقائمة طويلة ...
أما الصورة المشرقة التي ظهرت على يد المقاومة العراقية فهي صفحة لم يقتصر الافتخار بها على الشعب العراقي الأصيل؛ بل يتفاخر بها الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية، مقاومة نهضت سريعة بغير مقدمات إلا تربية إسلامية تحث على معاني الجهاد وترفض القبول بالمحتل أو الرضوخ للاستبداد، فصائل فرض الواقع عليها الظهور، وبجهود ذاتية نشأت وتطورت وتوسعت، وبتموين ذاتي تسلحت وطورت عملها، يتيمة بقيت بلا سند سياسي من الأشقاء ولا معونة إعلامية فضلا عن المعونة المالية، فشقت طريقها بين الصخر وأذهلت العالم بعملها، وبإمكانيات متواضعة قهرت جيش (القطب الأوحد) وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر ومرغت أنفه بالتراب، فكانت المقاومة العراقية (الأسطورة) الواقعية وأعجوبة العصر الحديث.
لم يكن الاحتلال الأمريكي ومن تحالف معه مجرد جنود مدججين بالسلاح يسقطون تمثالا في أحد ساحات بغداد؛ بل هو مشروع سياسي واقتصادي وثقافي وما الوجه العسكري إلا بدايته، ولذا فإن نهاية الاحتلال تتمثل بهزيمة مشروعه بكل صفحاته وليس بغياب صفحته العسكرية من الساحة وتسترها وراء واجهات أخرى صنعها.
ولأن المقاومة العراقية تعلم هذا يقينا فإنها أعلنت استمرار جهادها وعدم إلقائها سلاحها، فمشروعها (التحرير) يقابل مشروع الاحتلال، ولن تتوقف المعركة إلا بتحقيق المشروع الكامل بالتحرير الناجز والوفاء بما عاهدت الشعب العراقي بإقامة دولة العدل لينعم الإنسان بما حرم منه وتعطى حقوقه التي أمر الله بها، فهو عهد قطعناه على أنفسنا استجابة لأمر ربنا سبحانه وتعالى.
على هذا المنهج نسير ونتواصى مع بقية الفصائل بالثبات عليه؛ فهو الحق الذي نؤمن به ونتواصى معهم به ونتواصى بالصبر عليه، فالمعركة لا تزال مستمرة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ولشعبنا نقول (إن الصبر مفتاح الفرج) ولقد صبرتم كثيرا وتحملتم ما لم يتحمله شعب سواكم.. فبارك الله بصبركم وجعله الله في صحائف حسناتكم، ولا تنسوا ما اقترفه الاحتلال وعملاؤه بحقكم وسرقة أموالكم وانتهاك حقوقكم.. فإن الأيام دول، وستدور على الظالمين، ولعل الأحداث من هروب جيش أمريكا، ومناكفات واقتتال لصوص العملية السياسية تثبت لكم ذلك، فواجبنا اليوم التكاتف ورص والصفوف وتوحيد الجهود شعبياً مع المقاومة لتعجيل عملية تغيير الحال المزري إلى غد مشرق.