المكتب الاعلامي
عدد المساهمات : 3050 نقاط : 60693 تاريخ التسجيل : 14/10/2010 الموقع : http://www.ashairjanob.com
| موضوع: شيعة العار أكثرية.. أم أقلية؟ علي الصراف الإثنين مايو 14, 2012 7:01 pm | |
| شيعة العار أكثرية.. أم أقلية؟ علي الصراف الكل يعرف، ان الوضع الراهن فى العراق يسمح لأى أحد بان يرتكب أى جريمة. و"أى أحد" يعنى أى أحد بالفعل. القوات الامريكية ترتكب جرائم كل يوم. وهى تخطط لجرائم، لتحقيق اهداف مختلفة. حتى أكثر الناس سذاجة يستطيع الاستنتاج ان هذه القوات لا تحتل العراق لان الولايات المتحدة تحولت الى "جمعية خيرية". وهكذا، فمن اجل تحقيق اهداف محددة، فانها تقوم بتدبير جرائم وتنفذ عمليات تصب فى المجرى الذى تريد ان تسير الأمور فيه. "صناعة المستقبل، او ما يحدث فى المستقبل، علمٌ قائم بذاته. والخبراء الامريكيون فيه هم من بين الأفضل فى العالم قاطبة. الصورة الأبسط لهذا العلم تقضى بترتيب سلسلة مترابطة من الاحداث وتوفير المستلزمات -المادية والبشرية والاعلامية...- لتكرارها او تأكيدها او مضاعفتها او البناء فوقها من اجل ان تجرى الامور فى الاتجاه المرغوب فيه. فيكون "المستقبل" ليس لغزا او وهماً أو ضرباً بالرمل، ولكن تحديدا هو ما تم الاعداد لعدته فى الماضي. فاذا كان تعميق الشروخ الطائفية فى أى بلد هدفا مفيدا، فلن تعدم الولايات المتحدة السبيل لجعل هذه الشروخ حقيقة واقعة، بل حقيقة ما بعدها حقيقة أبدا. هناك أيضا شركات الأمن التى تتولى حماية قادة الاحزاب والمليشيات العراقية. ومجندو هذه الشركات، وان كانوا يخدمون اغراض الاحتلال ويساهمون بقسطهم فى تنفيذ استراتيجياته، الا انهم يرتكبون جرائم من كل نوع. وهم مُخترقون من كل جهة لخدمة هدا الجهاز او ذاك من اجهزة المخابرات الدولية التى لها اغراض خاصة بها فى العراق. وهناك أيضا وأيضا ارهابيو تنظيم "القاعدة" الذين ينفذون جرائمهم، تارة لغايات عقائدية مطلقة -الجهاد-، وتارة لغايات سياسية -ترويع المدنيين-. ولئن دلت الكثير من الشواهد على ان اعمال هذا التنظيم تخدم، من حيث يدرى ابن لادن او لا يدري، اغراض واستراتيجيات الولايات المتحدة، فان هذه الشواهد نفسها تؤكد ان هذا التنظيم صار جزءا من حالة الفوضي، ومثلما ان كل قوات الاحتلال لم تقدر على كبح جماحه، فمن الأولى بالعراقيين -شيعة وسنة- ان ينظروا الى امكانياتهم لـ"سحق" هذا التنظيم او "طرده" بتواضع. وفضلا عن مليشيات الاحزاب، هناك مأجورون كثر، يمكنهم القيام بأى جريمة مقابل ثمن. وبالنسبة لشعب ثلاثة أرباعه جائع، فان العثور على مجرمين لن يكون صعبا. ضع هذا كله فى الحسبان، وسيمكن للمرء ان يدرك ان الجرائم يمكن ان ترتكب من جانب أى أحد. فبأى معني، بحق الجحيم، يجوز ان يُتهم السنة بارتكاب جريمة هدم مرقد الامامين فى سامراء. وبأى معني، يؤخذون، كلهم على بعضهم، بجريرة عمل قد يكون وراءه أى أحد؟ وبأى معنى يقتلون وينكل بهم وتهدم مساجدهم، هكذا، على مجرد الشبهات؟ كائنا ما تكون عظمة أى جريمة، فانها ليست، بحد ذاتها هى المشكلة، طالما انه يمكن ان يقف وراءها أى أحد. رد الفعل الطائفى والمليشياوى المنظم هو المشكلة. هو الفضيحة. هو العار الذى سيظل معلقا على جبين الشيعة فى العراق. وهو عار لن يستطيعون غسله، حتى ولو بكوا عليه، مليون سنة. لماذا؟ لانهم أثبتوا -بصفة أكثر جماعية- انهم غوغاء وهمج، ومن السهل ان ينخرطوا فى أى سياق دموى ضد مواطنيهم، وانهم، بمقدار أكثر جماعية، أقل عراقية مما يزعمون، وانهم مستعدون لخدمة أغراض الاحتلال، وان يرتكبوا أى جريمة ضد أى أحد، برخص وابتذال ما بعده رخص وابتذال أبدا، وليثبتوا انهم عار على العراق. عار على دجلته وفراته. وعار على السبعة آلاف سنة من تاريخه، بكل ما جاءت وما حملت. *** هل عرف تاريخ النزاعات الطائفية فى العالم العربى او الاسلامى حربا أهلية إكثر وحشية من الحرب الأهلية اللبنانية -5791-0991-؟ ألم يكن من "الطبيعي" فى أجواء الانقسام الطائفى هناك ان يفعل الجميع الشيء نفسه، كلٌّ دفاعا عن مصالحه وحقه فى الوجود؟ ولكن، حتى فى أسوأ الظروف وأعقدها وأكثرها وحشية كان السُنّةُ عالماً مختلفاً. الكل هناك كان يحمل السلاح، إلا السنة! الكل هناك كان يذبح ويدمر وينظم مليشيات، إلا السنة! الكل هناك كان لديه أحزاب تنطق بلسان حاله، فى معترك تقاسم الحصص، إلا السنة! الكل هناك كان يبحث عن مصادر دعم وتمويل خارجى لحروبه الصغيرة، إلا السنة! الكل هناك كان يبيع ويشترى لبنان فى سوق النخاسة الدولية، إلا السنة! والكل هناك كان يقيم "جمهوريات زواريب"، إلا السنة! لماذا؟ ألانهم أنبياء؟ لا، ولكن لانهم كانوا، وما يزالون، على أقليتهم،... أكثرية. منطق الأكثرية وعقليتها هو ما جعل سُنة لبنان يترفعون عن تفاهات وصغائر وجرائم كل الأقليات اللبنانية الأخري. لم يتعامل سنة لبنان مع انفسهم على انهم أقلية. كانوا ينظرون الى أبعد من لبنان ليجدوا انهم فيه، وخارجه، أكثرية، وامتداد لأكثرية. الأكثرية لا تكون أكثرية من دون مزيج من رٍفعة وتواضع؛ او من دون شعور بالانتساب الى قيم جامعة أعلي، او من دون قابلية على الضم والاحتواء والتمدد الاجتماعي. وحدود الأكثرية مفتوحة، ليس لانها نقيض مطلق لمنطق الخوف والعزلة والانغلاق الأقلوى فحسب، بل لانها تعبير عن شعور بالإمتلاء والثقة أيضا. وهذا ما يمنحها القدرة على التسامح، حتى مع ما يرتكب ضدها من جرائم.. وبينما ترزح كل أقلية تحت شعور بالضيق، تملك الأكثرية شعورا بالسعة. وما يعتبره الأقليون "خطرا ماحقا" فى كل صغيرة ونافلة، لا ينظر اليه الأكثريون، بفضل ما تمنحه السعة من ثقة، على انه كارثة حتى ولو كان "كبيرة الكبائر". الشيعة العراقيون، فى المقابل، أكثرية عددية، نعم، ولكنهم أقلية عقل ومنطق. يبكون ظُلما -على سبيل النفاق والتورية- وهم ظَلَمة وأنانيون وذوو صغائر. وما أن اتاح لهم الاحتلال الامريكى -وكان هذا خزيا قائماً بذاته- الفرصة لكى يركبوا مركب النفوذ والسلطة حتى تحولوا الى مليشيات و"جمهوريات زواريب" تبحث كل منها عن "حصة" ومصادر دعم لتمويل حروبها الصغيرة، ليس ضد "الآخرين" فحسب، بل وضد بعضها البعض أيضا. الكل يبكى على الحسين. ولكن لكل "زاروب" منهم موكب عزائه الخاص، وحسينه الخاص أيضا. الشيعة العراقيون، بحسب هذا الواقع، مجموعة أقليات -غير متآخية- وليسوا أكثرية. ومثل كل أقلويين فى عالم الطائفية، فانهم أقل وطنية من غيرهم دائما، وأقل جدارة بالانتساب الى الجامع والكلى والشامل فى بلدهم. وهم عندما يهبّون لنحر السنة، ولهدم جوامعهم، فانهم لا يثبتون شيئا سوى انهم عار ليس على العراق فحسب، بل وعار على الحسين، وعار على على بن أبى طالب، وعار على محمد، وعار على الإسلام كله أيضا. *** العراق، بحدوده الجغرافية الراهنة وبدولته، كيان حديث. وهو شيء مختلف تماما عن "أرض السواد" او "بلاد الرافدين" او "ما بين النهرين". وهو ثمرة انهيار سلسلة من الامبراطوريات الكبري، كانت الامبرطورية العثمانية آخرها. السنة هم الذين أسسوا وبنوا هذا العراق الحديث. ولكن ليس لانهم سنة، بل لانهم كانوا أهل مدينة فيه؛ ولانهم كانوا نوعا من "ارستقراطيته" الباشوية؛ ولانهم كانوا أقرب الى التعليم والثقافة والتأهيل الادارى من غيرهم. الشيعة والاكراد، كانوا وما يزالون، أبناء هوامش وأطراف وريف. وهم فقراء غالبا، وبطبيعة الحال، أقل قربا من التعليم والتأهيل. ولولا الدولة التى بناها السنة، لتكون وطنا جامعا، لما كان أبناؤهم ذهبوا الى المدرسة. بمنطقهم الأكثري، أراد بُناة العراق الأوائل ان يكون هذا البلد بلدا للجميع. وكان أول رئيس وزراء فيه شيعياً، فى نظام ملكى دستورى وقف على رأسه شريفٌ ما كان من المهم حتى ان يكون عراقياً. فيصل الأول، ابن الشريف حسين، ولد فى الحجاز، وخاض مع ضباط، جلهم من الموصل، حملته ضد فلول العثمانيين حتى حطت به الرحال فى الشام. فلما عزله الفرنسيون ورفضوا توليته حكماً، استقبله العراقيون ونصبوه على رأسهم ملكاً. ولم يكن أمر تلك الملكية كله سوءاً. ومثل أى دولة فى طور التأسيس، وخاضعة، فوق ذلك، للاستعمار والهيمنة الأجنبية فقد ظلت نهبا للقلاقل والاضطرابات السياسية. ولئن كان من الطبيعى ان يرتقى أبناء المدن المراكز الادارية المرموقة ويشكلون جهاز الدولة وبنيتها الأساسية، فان نفوذ السنة فى العراق، كان بهذا المعني، نفوذا إجتماعيا -طبقيا- لا طائفيا. نعم، كان صدام حسين سنيا. وهو، على سبيل المفارقة، من سُنة الهوامش والأطراف لا من سنة المدينة. وكان من الطبيعي، حسب محصلته الاجتماعية، ان يكون طاغيا. الفقراء وابناء الريف لا ينتجون، اذا فازوا بسلطة، إلا الطغاة. طبيعتهم الاجتماعية هى مصدر الجوع للسلطة، وهى أُس القسوة ونقص السعة فى سلوكهم السياسي. ولكن السنة لم يكونوا، تحت سلطته، سُنة. ولا كانوا هم أنفسهم "طائفة". ولكنهم اليوم يُعاقبون كطائفة، ويُدفعون دفعا لكى يكونوا طائفة، وتُصنع لهم أحزاب لكى يُحملوا على محمل الشرخ الطائفي. ويجرى تهميش هيئتهم الجامعة وغير السياسية -هيئة علماء المسلمين- لكى لا يكونوا صوتا وطنيا جامعا. كل هذا لكى يقعوا تحت رحمة أقليات طائفية -لكل منها موكب عزائه الخاص- من ابناء الريف والهوامش والأطراف الجائعة. حتى اذا ما قام أحدٌ، أى أحد، بارتكاب جريمة مثل جريمة هدم مرقد الامامين فى سامراء، هب الطائفيون الشيعة، ليقتلوا ويستبيحوا دم الذين صنعوا لهم بلدا. ألا انكم أقليون حتى ولو كنتم أكثرية. ألا انكم عار على كل أكثرية. ألا اني، -وأنا لست سوى على طالب حسن -الصراف- حسين طالب.... من اسرة "السادة الطوال المدامغة" سليلة الامام موسى الكاظم فعلى بن ابى طالب- بريء منكم. وبريء من أمامكم -السيستاني- الذى صار جون نغروبونتى رئيس هيئة المخابرات الامريكية يمتدح "اعتداله" و"خدماته" علنا فى جلسات الكونغرس. وكان من الأولى به، بعد هذا المديح-الفضيحة، ان يدفن نفسه حياً. فلئن كنتم عارا على العراق؛ عارا على دجلته وفراته، فانكم عار عليّ أنا أيضا
| |
|