اعلن في بغداد عن تأجيل نقل الملف الامني للعاصمة بغداد من قيادة العمليات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الى وزارة الداخلية التي كانت تستعد لتسلم هذا الملف اعتبارا من مطلع الشهر الحالي كما صرح وزيرها محمد الغبان في نهاية العام الماضي، في وقت تباينت فيه الاراء عن اسباب التأجيل الذي يعتقد الكثير من المتابعين السياسيين والامنيين انه جاء لاعتبارات موضوعية بعد ان اتضح ان وزارة الداخلية تحولت الى فرع لمنظمة (بدر) التي يقودها هادي العامري
.
وابلغت مصادر نيابية مطلعة (العباسية نيوز) ان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي هو الذي اتخذ قرار تأجيل نقل الملف الامني للعاصمة من وزارة الدفاع الى وزارة الداخلية لتخوفه من حدوث تداعيات أمنية تعصف ببغداد خصوصا وان لديه قناعات مسبقة بان الوزير الغبان غير قادر على احداث تغييرات في هيكيلية الوزارة وتصحيح مسارها بما ينسجم مع منهجه الاصلاحي، لارتباطات وزير الداخلية بأجندة المنظمة التي ينتمي اليها (بدر) وهي اجندة تحتم على الغبان التقيد بها وكثير منها يتعارض مع السياسات التي تعهد رئيس الحكومة بتنفيذها وابرزها اعادة ثقة المواطن العراقي بالاجهزة الامنية التي تتبع الداخلية بعد سنوات من اشراف المالكي عليها من خلال عدنان الاسدي الوكيل الاقدم للوزارة الذي عاد الى مجلس النواب نهاية الاسبوع الماضي نائباً عن محافظة المثنى بعد تسريحه من منصبه.
وكان العبادي قد اضطر الى اختيار محمد الغبان وزيرا للداخلية وهو قيادي في منظمة بدر المعروفة بانها مليشياوية ولديها سجل حافل بالانتهاكات الموثقة، بديلا عن زعيمها هادي العامري الذي كان يعد الوزارة استحقاقا انتخابيا لمنظمته غير ان اعتراضات الجانب الامريكي والكتلتين الكردية والسنية وبعض اطراف التحالف الوطني كالتيار الصدري والمجلس الاعلى على تسلمه الداخلية، فوتت عليه الفرصة التي كان يتمنى اغتنامها واجبر في النهاية على تسمية الغبان في صفقة سياسية وصفت بانها (مقبولة) لمنظمته والكتل والاطراف المعترضة عليه شخصيا.
ومشكلة الغبان الذي امضى عدة سنوات في بريطانيا لاجئاً انه يفتقر الى الخبرة في قيادة وزارة بحجم وطبيعة الداخلية العراقية التي نخر الفساد جميع مفاصلها وبروز مراكز قوى متنفذة فيها عقب الاحتلال وتولى وزراء لا يتمتعون بالكفاءة والمهنية حولوا الوزارة واجهزتها الى اقطاعيات حزبية وطائفية.
ومما فاقم من مشكلة هذا الوزير انه ضعيف الشخصية ومنقاد تماما الى رئيسه الحزبي هادي العامري ونائبه ابو مهدي المهندس اللذين نجحا في تعيين سيد وهب مديرا عاما لمكتبه بدلا من اللواء عدي سمير المحسوب على الوكيل الاقدم السابق للوزارة عدنان الاسدي.
وتشير المعلومات عن سيد وهب تشير الى انه عريف في الجيش العراقي السابق كان يحمل اسم وهاب علي عباس من آهالي مركز قضاء الخالص بمحافظة ديالى وله قرابة مصاهرة مع اولاد عمومة هادي العامري، هرب الى ايران عام 1984 ابان اشتداد الحرب بين العراق وايران وانضم الى مجموعة (التوابين) حيث نسبه الايرانيون للتحقيق مع الاسرى العراقيين لشراسته وعاد الى العراق عقب الاحتلال مرافقا للعامري واستمر معه الى ان اختاره مديرا عاما لمكتب الغبان.
واستنادا الى ما يدور في وزارة الداخلية حاليا فان سيد وهب هو الوزير الحقيقي وصاحب الامر والنهي فيها، في حين بات الوزير الغبان مجرد (باشكاتب) حسب وصف نقل عن عقيل الخزاعي الذين عين مؤخرا وكيلا للوزارة لشؤون المتابعة والاستخبارات.
ووفق ما يتردد في الاوساط السياسية والكتل النيابية في بغداد حاليا، فان ثمة ازمة بدأت تلوح في الافق تهدد الهدنة القائمة بين رئيس الحكومة حيدر العبادي ورئيس منظمة بدر العامري، سببها اعتراض الاخير على تعيين النائب عن كتلة (العراقية) عبدالله الجبوري وكيلا لوزارة الداخلية بعد ان حظي ترشيحه لهذا الموقع بموافقة العبادي واغلبية الوزراء الاكراد والسنة في حكومته ، وقالت مصادر نيابية للـ(العباسية نيوز) ان النائب عن كتلة (بدر) قاسم الاعرجي وقف في (كافتريا) مجلس النواب واعلن بان كتلته ستبادر الى سحب الوزير الغبان في حال تعيين الجبوري وكيلا له.
وتقول تلك المصادر بان العامري يعترض على تعيين الجبوري وكيلا لوزارة الداخلية لان الاخير سبق له وتولى ادارة محافظة ديالى وعضوية مجلسها منذ 2003 ومعروف عنه تصديه لمليشيات بدر في المحافظة التي يسعى العامري الى تهجير اغلبية سكانها والعمل على تشييعها.
وعبد الله حسن رشيد دخيل الجبوري هو في الاصل من ناحية المنصورية التابعة لقضاء المقدادية درس طب الاسنان في بريطانيا وعمل فيها وحصل على جنسيتها قبل ان يعود الى العراق في عام 2003 ويعين محافظا لديالى حتى عام 2006 بعدها انتخب عضوا في مجلس المحافظة وهو ايضا نائب في مجلس النواب منذ 2010 ضمن كتلة اياد علاوي .
على الصعيد نفسه فان محافظ العاصمة بغداد علي التميمي هو الاخر يتفق مع رئيس الحكومة على ارجاء تسليم الملف الامني وحصره بوزارة الداخلية في الوقت الراهن ، حيث طرح خلال اجتماع مجلس محافظة بغداد مع الوزير الغبان نهاية الشهر الماضي عدة مقترحات طالب الوزارة تطبيقها قبل انتقال ملف أمن العاصمة اليها، ابرزها: اعتماد زي رسمي موحد لمنتسبي الاجهزة الامنية التابعة للداخلية، ووضع اسماء ورتب المنتسبين على زيهم الرسمي، وتحديد ارقام مختارة وواضحة على العجلات والاليات التي تستخدمها اجهزة الوزارة ، ومنع توقيف المواطنين البغداديين او اعتقالهم الا بموجب مذكرة قضائية ترسل نسخة منها الى اللجنة الامنية لمجلس محافظة بغداد مع بيان سبب التوقيف او الاعتقال.
وكانت العاصمة شهدت خلال الشهرين الماضيين حالات خطف للمواطنين ورجال اعمال وصاغة من قبل عصابات تدعي ارتباطها بوزارة الداخلية وتطالب بدفع (فديات) مالية، في حين تؤكد المعلومات انها تتبع مليشيات بدر.
وتبقى قضية نقل الملف الامني لبغداد من وزارة الدفاع وحصره بوزارة الداخلية محل بحث ونقاش الى ان تتخذ الاخيرة سلسلة اجراءات وضوابط تقوم على العدل والمهنية والحيادية، وهذه مسألة يستحيل ان تتحق في ظل وزير مرجعيته السياسية منظمة حزبية ومليشياوية وليست الحكومة العراقية.