في كل يوم يتضح أن لإيران في العراق جيوشاً جرارة، يقودها ويشرف عليها نحو ألف خبير من كبار جنرالات حراس الثورة والقوات المسلحة الحكومية الرسمية، والمعروف أن طهران دأبت على السعي إلى إقحام نفسها بالتحايل وبالقوة من خلال سياسة الأمر الواقع في 'تحالف' مواجهة تنظيم 'داعش' والحركات الإرهابية الأخرى، لتعطي لوجودها العسكري في العديد من الدول العربية، وفي مقدمتها سورية، الطابع 'الشرعي'.
ربما هناك، مِمَّنْ لا يعرفون حقائق الأمور، مَن لا يجدون ضيراً في مشاركة إيران في الحرب على الإرهاب باعتبارها دولة إقليمية معنية بهذه المسألة الخطيرة، لكن ما يجب لفت انتباه هؤلاء إليه هو أنَّ أي وجود عسكريٍّ إيراني، إنْ في العراق أو في سورية، سيُنْظر إليه على أساس طائفي ومذهبي، خصوصاً أن طهران دأبت منذ انفجار الأزمة السورية في 18 مارس (آذار) عام 2011 على إرسال أرتال طائفية من كل حدبٍ وصوب للدفاع عن نظام بشار الأسد وحمايته من شعبٍ يُفترَض أنه شعبه.
شكل العرب السُّنة حاضنة لـ'القاعدة' ولاحقاً لـ'داعش'، لأنهم تعرضوا لإذْلال طائفي وقومي من الذين اعتبرهم بول بريمر واعتبروا هُمْ أنفسَهم المنتصرين، ولذلك فإن هؤلاء، أي العرب السُّنة، اعتبروا التمدد الإيراني في بلدهم، العراق، إنْ في هيئة ميليشيات طائفية أو أجهزة استخبارية ومخابراتية أو قوات عسكرية، بمثابة احتلال بغيض يستهدفهم دون غيرهم، ويستهدف مكانتهم ودورهم التاريخي.
هذا هو ما دفعهم دفعاً إلى الاحتماء بدايةً بـ'القاعدة' ولاحقاً بـ'داعش'، فحالهم أصبحت كحال 'المستجير من الرمضاء بالنار'، وما زاد هذه الأوضاع المأساوية تفاقماً هو تربع نوري المالكي على كرسيِّ الحكم ثمانية أعوام متتالية، بقي يتصرف خلالها كـ'مندوب' وكوكيل للوليّ الفقيه، وبقي يُمعن، عن سابق تصميم وإصرار، في إهانة العرب السُّنة وإذلالهم، والتصرف معهم على أنهم فلول نظام صدام حسين، وأنه غير مسموح لهم بأن يشاركوا إطلاقاً في المرحلة الجديدة.
هذه هي البيئة التي جعلت 'داعش' يحقق كل هذا الحضور الذي حققه في مناطق العرب السُّنة، وكان بالإمكان تدارك هذه الأمور لاحقاً لو أنَّ إيران لم تحُلْ دون عسكرة وتسليح هذه المناطق السنية، بحجة أن أهلها سيسرِّبون الأسلحة التي سيحصلون عليها إلى التنظيمات الإرهابية، وبخاصة ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، والصحيح هو أنَّ الإيرانيين، الذين ينطلقون من منطلقات مذهبية وطائفية، لا يريدون أي إخلال بموازين القوى القائمة الآن، ويصرّون على استمرار تفوق الكتلة المذهبية التي يعتبرونها جالية إيرانية في العراق.
ولذلك فإنه يجب أن يدرك كل المعنيين بهذه المسألة أن كل هذا الوجود العسكري الإيراني الذي يزداد مع مطلع شمس كل يوم سيدفع العرب السُّنة، أولاً في العراق وثانياً في سورية، إلى التمسك بـ'داعش' وغيره من المجموعات والتنظيمات الإرهابية، وهذا يجب أن يفهمه الأميركيون جيداً، فهم كما يبدو مَن دفعوا إيران إلى تعزيز وجودها العسكري على الأراضي العراقية والسورية، وهم مَن يحاولون إقناع باقي دول 'التحالف' بإمكانية انضمام طهران إلى هذا التحالف.
[rtl]السموم الفارسية في الرسوم الكاريكاتيرية[/rtl]
التاريخ: 2015-01-23 12:22:16
ماجد مكي الجميل
[rtl]مرةٌ أخرى ومن جديد، فَحَّ النظام العنصري الفارسي سمومه وأحقاده على العرب برسومٍ كاريكاتيرية لئيمة وحاقدة لا تقل خسةً ونذالةً عن تلك التي ألفناها منذ عقودٍ، سواء في الصحافة الصهيونية أو الغربية عموماً.[/rtl]
[rtl]لا يعدم نظام ولي الفقيه في طهران أي فرصة إلَّا ويقف صفاً بصف، وكتفاً بكتف مع أيِّ حملة صهيونية ـ غربية لتشويهِ صورة العرب والإسلام، وتأليب الرأي العام العالمي ضدَّهم. لكن في الوقتِ نفسه، فنظام ولي الفقيه، ليس كالكيان الصهيوني، فهو مُحبٌ للعرب والإسلام، ويعمل على تحرير القدس، والموت لأمريكا وإسرائيل، وهذا هو الخبث بعينهِ![/rtl]
[rtl]بينما موجة (شارلي أبدو) ما تزال في عنفوانها، دون أن تظهر بعد أي علامةٍ على بدء الإنحسار، وإذا بنظام، ولي الفقيه، علي خامنئي، يدخل على خط الحملة ويشارك فيها وهي في ذروتها، وكأنه لا يكفيه أن مجلة (شارلي أبدو) التي كانت تبيع 40 ألف نسخة، بالكاد، وإذا بها باعت يوم الأربعاء 14 كانون الثاني/ يناير أكثر من 7 ملايين نسخة في أكثر من لغة، لأول مرة في تاريخها.[/rtl]
[rtl]اشترى نظام "ولي ولي الله" (الإمام الغائب ولي الله، وعلي خامنئي ولي الغائب، فهو ولي ولي الله، بالنتيجة) عذراً واهياً ليُشارك في الحملة الصهيونية ـ الغربية الحالية ضد العرب والمسلمين. أما العذر، فهو فوز فريقه بصعوبة بالغة على نظيره الإماراتي (واحد/ صفر) يوم الإثنين 19 كانون الثاني/ يناير الجاري خلال تصفيات المجموعات المشاركة في بطولة كأس آسيا لكرة القدم المقامة حالياً في أستراليا. هذا الفوز دفعه لإطلاق رسومات كاريكاتيرية مليئة بالإهانات المجانية للعرب.[/rtl]
[rtl]في الرسم الكاريكاتيري أدناه (منشور في إحدى الصحف الإيرانية يوم 21 كانون الثاني/ يناير بعد فوز إيران على الإمارات)، يظهر الخليج العربي (أطلقت عليه الصحيفة اسم الخليج الفارسي، بطبيعة الحال) بعينٍ غاضبة، وهو يمخط عربياً خارج مياه الخليج. أما العربي "المخاط"، فيقع على البر العربي كي لا يُلوِّث مياه الخليج.[/rtl]
[rtl]تم رسم العربي بالصورة النمطية ذاتها التي ألفناها من الكاريكاتير الصهيوني/ الغربي: رجل قصير، بدين، حافي القدمين. ويظهر العربي "المخاط" وهو يهوي صارخاً من جزيرة البحرين تحديداً ليس من غيرها، وهي محل أطماع فارسية معروفة، في إشارة واضحة إلى تنظيف البحرين من العرب المخاط. وتم رسم البحرين على أنها المنخر الأيسر، ليس إلا، "للخليج الفارسي" الذي هو رمز لـ "إيران الفارسية".[/rtl]
[rtl]وللتذكير فقط، أن، علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني قال بتاريخ 14 أيار/ مايو 2012 في رده على مشروع اتحاد مقترح بين السعودية والبحرين أن "البحرين ليست لقمة سائغة بإمكان السعودية ابتلاعها بسهولة، وإذا كان من المفترض أن تتحد البحرين مع دولة أخرى فيجب أن تكون هذه الدولة إيران".[/rtl]
[rtl]من جانبه، قال مدير صحيفة كيهان، حسين شريعة مداري- الذي عينه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي- إنه "يحق للجمهورية الإسلامية التي تحافظ على وحدة الأراضي الإيرانية باستعادة محافظة انفصلت عن الأمة الإسلامية ... وإن البحرينيين يعتبرون أنفسهم إيرانيين وبحسب تقارير، فإنهم يرغبون في العودة إلى فلك إيران".[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]في الكاريكاتير الثاني (أدناه)، تظهر يدٌ ضخمة مطوقة بعلم إيران، في إشارة إلى يد إيران، وهي تدفع بإصبع واحدة، من دون عناء، كرة قدم كبيرة كُتَب عليها "الخليج الفارسي" في فم قزم عربي يرتدي الكوفية والعقال، وقد دخل جزءٌ من الكرة في فم العربي مما أدى إلى حبس أنفاسه، وجحوظ عينيه وهما تكادان تخرجان من مقلتيهما بسبب اختناقه.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]في الصورة الثالثة، تظهر صحيفة "بيرسيبوليس" وهي تحمل العنوان التالي "نبردبادزدان خليج فارسي" أي "الحرب مع لصوص الخليج الفارسي". هذه الجريدة أخذت اسمها نسبة إلى عاصمة الإمبراطورية الإخمينية (330 ـ 550 ق.م). وإحياءً للإمبراطورية الفارسية القديمة، أقام شاه إيران في أكتوبر عام 1971 أكبر احتفال من نوعه في التاريخ استغرق خمسة أيام بالقرب من أطلال هذه المدينة التي تقع على بعد 70 كيلومتراً شمال شرق شيراز في محافظ فارس.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]في الكاريكاتير الرابع شماتة واضحة، وقد جُبِلَ أصحاب الحقد بالشماتة، إذ ما علاقة خسارة فريق لمباراة كرة قدم بقضية أخرى تتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث المغتصبة من قبل إيران، التي لم تتمكن الإمارات من استعادتها.[/rtl]
[rtl]في هذا الكاريكاتير (أدناه)، يظهر طفل رضيع يلبس الحفاظات، والعقال العربي، والمصاصة في فمه، وقد كُتِب على حفاظته "الإمارات". يحاول الرضيع، عبثاً، أن يُلامس واحدة من الجزر الإماراتية الثلاث التي احتلتها إيران بتواطؤ بريطاني بعد إنسحاب القوات البريطانية منها دون أن تسلمها لأصحابها الشرعيين. تماماً مثلما فعلت بريطانيا بعد انتهاء انتدابها على فلسطين في 14 أيار/ مايو عام 1948 تاركةً السلطة للعصابات الصهيونية المسلحة في فلسطين (هاغاناه، أرغون، بالماخ، شتيرن، المتفرخة عن العصابتين الأم إنسل، وليحي).[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]في الرسم الكاريكاتيري الخامس الذي نشرته صحيفة "خبر ورزشي"، تظهر جزمة ضخمة لكرة القدم في ساق إيرانية وهي في طريقها لتدوس على رجل عربي يهرب مذعوراً من الجزمة التي فاق حجمها حجم العربي بمقدار مرتين تقريباً. وقد كُتِبَ على العربي "الإمارات".[/rtl]
[rtl]من دون استغراب، وكالعادة أيضاً، صورة العربي عند رسام الكاريكاتير الإيراني هي نفسها عند نظيره الصهيوني، والأميركي، والفرنسي، والبريطاني، وحتى الروسي. هو، أولاً وقبل كل شيء، قبيحٌ، ذو أنف كبيرة، سمين، قصير، غير متناسق في تقاطيع وجهه...الخ.[/rtl]
[rtl]وعلقت الصحيفة الإيرانية على فوزها على الإمارات بالقول "على الإماراتيين أن يدركوا أن الخليج الفارسي للإيرانيين، كما أن كرة القدم أيضا تبقى إيرانية، والخليج هو فارسي".[/rtl]
[rtl]"الحقد أعمى"، فعلاً وحقاً. هذه هي كرة القدم، مثلها مثل باقي الألعاب الرياضية، كل فريق يخسر مئات المرات، ويربح مئات المرات، وهذا حال الفرق الإيرانية. لكن الحقد الأعمى لا يرى هذا المنطق البسيط.[/rtl]
[rtl]لو أخذنا بمنطق رسام الكاريكاتير الإيراني، فإن إيران خسرت مئات المرات، معنى هذا أنها ضُربت بجزمة كبيرة مئات المرات. ووفقاً للمنطق ذاته، فإن أكبر ضربة بجزمة تلقتها إيران على الإطلاق كانت في خسارتها كأس شباب آسيا لكرة القدم أمام الفريق العراقي عام 1977، عندما سدد حسين سعيد هدف الفوز بضربة رأسية في الدقيقة الأخيرة، أو في نصف الدقيقة الأخيرة، قبل انتهاء المباراة، مما دفع بإبن الشاه، رضا بهلوي، إلى الخروج من الملعب، وعدم تقديمه كأس البطولة للفريق العراقي، حقداً وغيضاً، وكأن المنطق الفارسي يقول أنه غير مسموح لفريق عربي أن يفوز ببطولة رياضية.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]بخلاف الرسوم الكاريكاتيرية المتعلقة بمباريات تصفية نهائي كأس آسيا لكرة القدم، نرى العشرات بل المئات من الرسوم الكاريكاتيرية الإيرانية التي تحط من قدر العرب. والرسم الكاريكاتيري أدناه، هو إحداها.[/rtl]
[rtl]وخلق من الشبه 40[/rtl]
[rtl]يستنسخ رسام الكاريكاتير الإيراني، حسين يوزباشي، بشكل أعمى، الصورة النمطية الصهيونية- الغربية ذاتها عن العربي. فها هو قبيح، عيناه جاحظتان، أنفه كبيرة تصل إلى شفته العليا، دشداشته وعقاله رماديان إشارة للوساخة، أظافره على شكل مخالب، كرشه كبيرة، قدماه صغيرتان لا تتناسبان مع حجم جسمه، يجلس على برميل نفط تسربت منه بقعة نفط كبيرة، ويشرب من كأس دماء ضحايا أسعار النفط العالية.[/rtl]
[rtl]يا سبحان الله، وكأن إيران دولة مستوردة للنفط عانت وتعاني من أزمة شحة النفط أو غلاء أسعاره بسبب العرب. وكأنها غير منتجة ولا مصدرة للنفط، أو أنها رحيمة بأسعاره، لا تصرخ ليل نهار مطالبة بزيادة أسعار النفط.[/rtl]
[rtl]أستطيع أن أقول، أني شاهدت رسوماً كاريكاتيرية تعكس هذه الشخصية العربية، عشرات بل مئات المرات في الصحافة وأجهزة الإعلام الغربية والصهيونية. لكن كما قلنا، أنه استنساخ فارسي أعمى للرسوم الكاريكاتيرية الصهيونية والغربية، لا لهدف سوى الإساءة مجاناً للعرب، حتى وإن كان الكاريكاتير لا يتطابق مع المنطق، فمثلما قلنا أن إيران دولة منتجة للنفط، والإيراني أيضاً يجلس على برميل للنفط ولا يعاني من شحته. ولله في خلقه شؤون.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]أما رسام الكاريكاتير الإيراني، عباس كودارزي، فقد رسم تركيا، والعرب، والولايات المتحدة يتآمرون على نظام بشار الأسد الذي جعل من سوريا حديقة خلفية لنظام "ولي ولي الله". رسم كودارزي، الأطراف الثلاثة على شكل كلاب ضخمة مسعورة، يقف فيها "الكلب العربي" في الصدارة، وهو وحده الذي يقتل بسيفه.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]ليس لديَّ أدنى شك أن هناك رقابةً من وزارة الأعلام، أو أي جهة رقابية أخرى تشرف على الصحف الإيرانية قبل أن تطبع وتنشر. لكن يبدو أن التجاوز على العرب أمرٌ مسموح به في إيران الرسمية.[/rtl]
[rtl]ليس غريباً أن نرى هذا التجاوز، وهذه الرسوم الكاريكاتيرية في الصحف الإيرانية، بل يوجد فعلاً في صحف بلاد "الولي الفقيه" أسوأ من ذلك بكثير. لكن الغريب أن نرى صمتاً مطبقاً من جانب الحكومات العربية، والجامعة العربية، وعدم تحرك أقلام الكتاب والصحفيين والمفكرين، لإيقاف إهانات الإعلام والصحف الإيرانية والصهيونية والغربية، وغيرها ضد العرب.[/rtl]
[rtl]وليس من قولٍ في هذا السياق سوى لأبي الطيب المتنبي:[/rtl]
[rtl]مَن يَهُنْ يَسهُلُ الهوانُ عليهِ ما لِجرحٍ بِميّتٍ إيلامُ[/rtl]