في البداية علينا أن نوضح:-
- بكوننا سبق وكتبنا مقالاً بعد أيام قليلة من تسليم الموصل نشر في عدة مواقع ذكرنا فيه: "نرى أن من حقنا أن نشكك بكون عملية هروب القوات الصفوية تمت اعتباطا ومن قبل القادة الميدانيين، حيث هنالك احتمال كبير بأن الأوامر بالانسحاب صدرت من جهات عليا ومن المالكي بالذات. من حق القارئ أن يعتقد بأننا نهذي لأنه لا يوجد أي سبب يدعو المالكي لإصدار مثل هذه الأوامر. فنقول:
- الدليل الأول: إن مسؤولي الإقليم أكدوا وصول 500 ضابطا إلى إقليم كردستان، من الهاربين من الموصل. وطبعا عملية الهروب تمت دون أن تقع أية معركة بين القوات النورية التي قدر عددها ب 200 ألف وقوات الثوار. ورغم كوننا غير عسكريين ولكن المسرحية هذه بعيدة عن التصديق دون وجود أوامر عليا بالانسحاب.
- إن الضابط الهارب من المعركة (جبنا أو خيانة) يتوقع الإعدام في حالة وقوعه بيد السلطات المختصة، ولكننا علمنا بأن القادة الكبار جدا عادوا إلى بغداد وهم كل من عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي، دون خشية الإعدام. ولكن قد يقال: وهل أن المالكي أصيب بالجنون ليقوم بتسليم الموصل والشرقاط وتكريت.. الخ. كهدية إلى ثوار العشائر أو (داعش)؟ نقول: وفق قناعتنا المالكي أكثر من مجنون (وأخطر من نيرون الذي أحرق روما) لكون لديه هدفا لا يستطيع التنازل عنه ألا وهو البقاء في السلطة وبأي ثمن ولذا بعد فشل كافة محاولاته لإقناع (التحالف الوطني) لترشيحه لولاية ثالثة فقد اقتنع بأن استيلاء المسلحين (السنة) على الموصل سيجبر مجلس النواب على إقرار حالة الطوارئ. أي سيبقى في الحكم وبسلطات مطلقة أكثر من السابق مما يسمح له بتصفية كافة من عارض ترشحه لولاية ثالثه (الدكتور عبد الإله الراوي: ثورة العشائر المباركة أراء وتساؤلات. "شبكة البصرة" 14/6/14)
- بأن مقالنا هذا سوف يعرض سريعاً الأهداف الجوهرية التي كان المالكي يطمح بتحقيقها من وراء تسليمه الموصل لتنظيم "داعش" دون شرح وتبيان الدلائل على كل هدف لكون كل منها يحتاج إلى مقال مستقل أو أكثر آملين أن نقوم بذلك مستقبلا.
وحسب قناعتنا فإن تسليم الموصل لـ"داعش" لم تكن من بنات أفكار المالكي ولكنها خطة محكمة اشتركت بها عدة دول لتحقيق مصالحها وأهمها إيران وأمريكا والكيان الصهيوني وعلينا أن لا ننسى النظام السوري الذي أرسل "داعش" إلى العراق بناء على طلب حليفه النظام العراقي وطبعا فإن الذي قام بإصدار أمر التنفيذ هو المالكي كما سنوضح في مقال آخر إن شاء الله.
- للأسف سوف نضطر لاستخدام مصطلحي (الشيعة والسنة) قائلين: لعن الله من أراد خلق الفتنة التي لم يكن يعرفها العراقيون قبل الاحتلال والهيمنة الصفوية وهنا علينا أن نبين بأن هنالك فرقا كبيرا بين الشيعة العلوية والشيعة الصفوية كما موضح في المصادر المذكورة أدناه علما بأننا نقصد في مقالنا بالشيعة الصفويين الذين يخضعون للنظام الصفوي في طهران وليس الشيعة العلوية.
بعض المصادر
1 - علي شريعتي التشيع العلوي والتشيع الصفوي
2 - كتاب موسى الموسوي : الشيعة والتصحيح
3 - أحمد الكاتب: التشيع السياسي و"التشيع الديني" "الانتشار العربي" - بيروت 2009.
بعد هذه المقدمة الطويلة نسبيا، نقوم بعرض الأهداف التي كان المالكي يأمل تحقيقها كما يلي:-
أولاً - توحد الشيعة والتفافهم حول الحكومة وحصول المالكي على ولاية ثالثة.
يعلم الجميع بأنه قبل سيطرة "داعش" على الموصل كانت الخلافات قد بدأت تتفاقم بين مكونات التحالف الشيعي وحتى بين أعضاء الكتلة التي يقودها المالكي وهي دولة القانون ولذا فإن تهديد "داعش" كان سببا لتوحيدها، كما أدى لوقوف المرجعية الشيعية خلف مبادرة تكوين ما أطلق عليه الحشد الشعبي أو المفروض أن يطلق عليه الحشد الشيعي لكونه حكرا على هذه الطائفة.
ولكن المالكي رغم نجاحه المذكور أعلاه فإنه لم يستطع الحصول على ولاية ثالثة لكون معارضيه أكثر من أن يستطيع إحصائهم وأكثر مما توقع وبالأخص الأكراد والمكون السني وبعض الشيعة ولذا وقفت الولايات المتحدة الأمريكية موقفا صلبا ضد بقاء المالكي رئيسا للوزراء، ولكن المالكي استمر مصرا للبقاء بموقعه لو لم تخذله إيران وتضطره للتنازل عن تعنته.
نعم لقد نجح المالكي بتوحد الشيعة أمام ما أطلق عليه خطر "داعش" ولكن قسما كبيرا منهم بقي مصرا على عدم السماح للمالكي للبقاء في موقعه كرئيسا للوزراء.
ورغم ذلك فإن المالكي لم يتنازل إلا بشروط تعجيزية تحقق قسما منها – تعينه نائبا لرئيس الجمهورية – وأخرى نأمل بعدم تحقيقها ومنها بصورة خاصة عدم محاسبته عن جميع الجرائم التي قام بها سواء المالية أو الطائفية أو العسكرية وخصوصا تسليم الموصل والمحافظات الأخرى والتي ستتم دراستها لاحقا إن شاء الله.
مع ذلك يجب أن لا ننسى بأن قادة إيران منحوا المالكي الحصانة وأكدوا له بأنه سيكون في مأمن عن أية محاسبة عما قام به خلال سنوات حكمه.
وفي هذا المجال علينا أن نذكر:-
- أن خامنئي أصدر فتوى تحرم ملاحقة نوري المالكي قضائيا وعشائريا في العراق ("العراق فوق خط أحمر" 17/11/14).
- كما كشف مصدر بالتحالف الوطني أن إيران دخلت على أزمة الاستجواب والتحقيق في قضية أحداث الموصل وأبلغت رئيس حكومة الاحتلال السادسة حيدر العبادي رفضها فتح أي تحقيق مع سلفه نوري كامل العلي بشأن القضية. ("العراق للجميع" 17/12/14)
ثانياً - الانتقام من المحافظات المعتصمة ضد النظام الطائفي الصفوي.
يعلم الجميع بأن المظاهرات والاعتصامات التي نظمت ضد الحكم الطائفي كانت سلمية وذات مطالب مشروعة باعتراف النظام وأعوانه الذين وعدوا بتحقيقها ولكنهم في الحقيقة لم يبذلوا أي جهد لتحقيق أي هدف منها، بل قاموا بجرائم بشعة للقضاء على الاعتصامات وسوف نكتفي بذكر المجازر التي قام بها جيش المالكي في الحويجة والفلوجة والرمادي ولا يستطيع أحد أن ينكر القصف اليومي بطائرات النظام على مدينة الفلوجة والمدن الأخرى وقتل المواطنين الأبرياء وتهديم مساجدها.
وهذا القصف يطلقون عليه خطأ القصف العشوائي حيث أنه وفق قناعتنا ليس قصفا عشوائيا بل قصفا متعمدا لقتل أكبر عدد من المكون الأخر ولإرغام الباقين على الهجرة من مدنهم المعتصمة.
على كل رغم كل هذه الجرائم لم يستطع النظام العراقي من اخماد ثورة العشائر في تلك المحافظات ولذا قام المالكي وبالاتفاق مع داعش على تسليم هذه المحافظات لهم مؤقتا ليضع العراقيين الأحرار الذين وقفوا وبحزم ضد النظام الطائفي بين شقي الرحى وهذا ما حصل فعلا.
أي أنهم وقعوا: - بين "داعش" التي قامت وتقوم بقتل كل من يرفض إعلان البيعة لخليفتهم من رؤساء وشيوخ العشائر وكل من يرفض الرضوخ لأوامرهم وقراراتهم البعيدة عن الإسلام السمح وتهجير الغالبية العظمى من أهالي المناطق التي استولى عليها هذا التنظيم ليلجئوا إلى مخيمات لا تقيهم لا من برد الشتاء ولا من حر الصيف مع حرمانهم شبه الكامل من الغذاء والدواء والذين وصل عدد هم إلى أكثر من أربعة ملايين مواطن عراقي.
هنالك خلافات كثيرة عن عدد المهجرين أو المشردين حيث أن أحد نواب كركوك يقول بأن عدد المهجرين خارج محافظاتهم يقدر بثلاثة ملايين وهنالك أكثر من ثلاثة ملايين مهجرين داخل محافظاتهم مؤكدا بأن عدد الذين لجئوا إلى محافظة كركوك هم 400 ألف مهجر.
كما أن وزير الهجرة أكد بأن 400 ألف عائلة استلمت منحة المليون دينار عراقي (فضائية "الشرقية" – "الحصاد" 15 و 16/1/15 ) وهذا يعني بأن عدد الأفراد المشمولين هم أكثر من مليونين على افتراض أن معدل عدد أفراد الأسرة الواحدة 5 أشخاص.
علما بأن الغالبية العظمى والتي تقدر بـ(40) بالمائة من المهجرين يؤكدون بعم استلامهم المنحة المذكورة . ونستنتج مما ذكرناه أن عدد المهجرين أكثر من 4 ملايين مواطن.
ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن قضية المهجرين أصبحت هي الأخرى تجارة مربحة للفاسدين الذين أصبحوا المتحكمين بوطننا الحبيب منذ الاحتلال إلى يومنا هذا.
ولذا هنالك احتمال بأن 200 ألف عائلة أو أقل من الـ(400) ألف قد استلمت فعلا المنحة والبقية استلموها على الورق فقط والمبالغ ذهبت إلى جيوب موظفي وزارة الهجرة واللجان المختصة.
وهنالك حادثة وقعت في مدينة السليمانية قبل عدة أيام ونشرحها ببساطة:- قررت إحدى المنظمات الإنسانية الدولية بتوزيع مبلغ 210 دولار لجميع النازحين في السليمانية لغرض مساعدتهم في مجال السكن وحضر موظفون من وزارة الهجرة بتاريخ 11/1/2015 وقاموا بتوزيع المبلغ المذكور لـ(90) شخص فقط بعدها أخذوا أكثر من 300 بطاقة تموينية أخرى على أن يعودوا في اليوم التالي لتسليمهم المبالغ. والنتيجة أن هؤلاء الموظفين لم يعودوا نهائيا أي أن أصحاب الـ(300) بطاقة وأكثر تم اعتبارهم قد استلموا المبالغ لكونهم سلموا البطاقات التموينية وبالنتيجة فإن المبلغ الذي لا يستهان به أي 300 مضروبا في 210 دولار قد ذهب إلى جيوب الموظفين ورؤسائهم وربما حتى الوزير يكون مشترك بالعملية.
- وبين الحشد الشيعي الذي يقوم بعمل مجازر بحقهم وبهدم مساكنهم وسرقتها وإجبار من بقي منهم في المناطق المحررة!!! – على الرحيل وعدم السماح لهم بالعودة لمناطقهم بعد تحريرها!! وهذا ما تم في جرف الصخر والضلوعية وأغلب مدن ديالى عدا بامرلي طبعا.
نعم لقد قامت هذه (المليشيات) بتفجير أغلب مساكن المواطنين ومساجدهم وجوامعهم بحجة قيام "داعش" بتفخيخها.
من حقنا هنا أن نتساءل: هل يعقل أن يقوم "داعش" بتفخيخ مساكن وجوامع السنة ولا يقوم بتفخيخ دور وحسينيات الشيعة في بامرلي التي أغلب سكانها من إخواننا الشيعة؟
حيث كما يعلم الجميع بأن أهالي بامرلي عادوا إلى دورهم بعد (تحرير) مدينتهم مباشرة ولم يسمح للمواطنين السنة للعودة إلى مدنهم (المحررة).
كما أن ما يهدد السكان السنة في محافظات ديالى وكركوك وبابل هو محاولة الحشد الشيعي القيام بتغيير الخارطة السكانية أي بترحيل المواطنين من السكان الأصليين من السنة من مناطقهم لجلب شيعة وإسكانهم في هذه المناطق . والدلائل كثيرة ونشير فقط إلى:- (مصطفى العبيدي: مخاوف من التغيير الديموغرافي والانتقام بعد تحرير المناطق من "تنظيم الدولة" بغداد - "القدس العربي": 14/1/15 والميليشيات تهجر 400 عائلة من المقدادية خلال يومين. ومصادر: ميليشات متنفذة تجبر اهالي سامراء على ترك منازلهم خلال 72 ساعة. "العراق للجميع" 14 و15/1/15)
وعلينا أن نشير إلى أن الأكراد قاموا ويقومون بنفس العملية لجلب أكراد بدلا من العرب السنة الذين يقومون بتهديم وتفجير دورهم. (البيشمركة تفجر 700 منزلاً للمدنيين السنة في محافظة ديالى بهدف التغيير الديموغرافي. "العراق للجميع" 13/1/15)
ولكن الخطر الكبير الذي يتهدد المدن التي ثارت ضد النظام الطائفي أعظم بكثير وخصوصا الذين بقوا، مضطرين في مدنهم وقراهم -. وبعد أن رأوا معاناة اللاجئين في الخيام ولعدم قدرتهم المادية على تأجير مساكن لهم ولعائلاتهم – ففضلوا البقاء في مساكنهم وتحمل كافة النتائج التي قد تترتب على ذلك، أي فضلوا الموت على الهجرة إلى المخيمات.
نعم إذا قامت قوات الحشد الشيعي وما يطلق عليها القوات الحكومية بإرغامهم على ترك دورهم أو الموت فماذا يعملون؟
وخصوصا فإن هادي العامري الضابط بالحرس الثوري الإيراني والأمين العام لمنظمة بدر أنذر مواطني مناطق شمال المقدادية بـ"ترك المنطقة لحين تطهيرها حيث سنوجه ضربة قوية إلى الإرهاب ونخشى عليهم من آثارها" (طلب إخلاء المدن مصدر عسكري لـ (الزمان): مفاوضات ترجئ اقتحام آخر 18 قرية في ديالى "الزمان" 28/12/14)
"نقول لهذا الدعي هل عاد أهالي جرف الصخر وسلمان بيك، والتي مضى على (تحريرهما) أكثر من ثلاثة أشهر؟ ونحن نعلم جيدا بأنه لم تعد أي عائلة إلى دارها لحد الآن (النائب خالد المفرجي بحوار على فضائية "الشرقية" - "الحصاد" 15/1/15)
والجميع يعلم بأن (ميليشيات) ما يسمى الحشد الشعبي قامت بجرائم فضيعة أثناء سيطرتها على ناحيتي (جلولاء والسعدية) بمحافظة ديالى، وقضاء (بيجي) بمحافظة صلاح الدين وإن تلك القوات المسعورة مارست سياسة الأرض المحروقة، وذلك بتدمير وإحراق المساجد وسرقة المحال التجارية وهدم منازل المواطنين وتجريف الأراضي.
وأوضح بيان لهيئة علماء المسلمين بأن عدد المساجد التي تم حرقها وتدميرها كلياً أو جزئياً بلغ (20) مسجدا، هي: (جامع أبي حنيفة، ومحمد رسول الله، ورياض الصالحين، والمستقيم، والتواب الرحيم، والشهيد الكروي) في ناحية جلولاء، و(جامع النقشبندي الجديد، والنقشبندي القديم، ومحمود باشا الجاف، وأم سلمة، والمهيمن، وخديجة الكبرى) في ناحية السعدية، و(جامع الفتاح، والصمد، والرفاعي، والنور، والمصطفى، والطعمة، وسيد أحمد) في قضاء بيجي. ("موسوعة الرشيد" / وكالات 01/12/2014)
وفي هذه الحالة أي إذا تم تطبيق مبدأ سياسة الأرض المحروقة فستحدث مجازر غاية في الخطورة أبعدنا الله وأبعد أهلنا عنها ووقاهم شرها.
ولذا فإن حكومة العبادي ترفض تسليح العشائر السنية في المناطق التي تسيطر عليها داعش كما أن ممثلي التحالف الصفوي (الوطني) يعمل على عرقلة إصدار قانون الحرس الوطني وهم يرفضون تخصيص أي مبلغ لهذا الغرض في ميزانية 2015 بحجة التقشف .لكونهم يصرون على (تحرير) كافة هذه المناطق من قبل الحشد الطائفي ليعيث في الأرض فسادا.
فنقول لهم أولا هل يوجد لما يطلق عليه الحشد الشعبي قانون أم أنه صدر بقرار رئيس الحكومة فقط وثانيا لماذا تتوفر المبالغ لهذا الحشد ولا توجد مبالغ للحرس الوطني؟؟
وهنا يحلو لنا أن نقوم بالإشارة لقول أحد قادة العملية السياسية والمحسوب على السنه وهو صالح المطلك "الخلل الكبير هو وجود قوات إيرانية تحارب داعش وهنالك عراقيون يريدون محاربة داعش لا يزودون بالسلاح". ("الشرقية" 7/1/15)
ثالثاً - إدخال القوات الإيرانية لحماية النظام الصفوي في العراق.
نظرا لعدم ثقة المالكي بجيشه الذي أفسده رغم كون الغالبية العظمى من ضباطه وأفراده تم ضمهم للقوات المسلحة من (المليشيات) المدربة في إيران (ضباط الدمج)، فقد كان يخشى من قيام ثورة أو انقلاب ضد النظام الذي زرعه المحتل بالاتفاق مع إيران، ولذا فقد توسم أن تقوم الجارة (الشقيقة) كما يطلقون عليها بالهيمنة العسكرية على العراق ليكون مطمئنا على نظامه ضد أي تحرك يقوم به المكون الآخر (السني).
وطبعا لا يوجد أي إحصاء حقيقي لعدد القوات الإيرانية المتواجدة في العراق ولكن يقال بأن:-
على الرغم من أن إيران لم تصل إلى درجة الإعلان عن تدخل رسمي مسلح لإبقاء المالكي في السلطة، إلا أن "الحرس الثوري الإيراني" أرسل أفراد من "قوة القدس" وطائرات للهجوم الأرضي ومجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار إلى العراق، وسط الدعوات المتزايدة لتنحي رئيس الوزراء العراقي السابق. وقد كمن الهدف العملي لهذا الانتشار في حماية المجتمعات والأماكن المقدسة الشيعية العراقية الرئيسية من سيطرة "الدولة الإسلامية" ومع تمركز فرق "فيلق القدس" حاليّاً في سامراء وبغداد وكربلاء، وقاعدة "سبايكر" سابقاً (قاعدة الصحراء الجوية) قرب تكريت، فإن إيران في وضع فريد للإحاطة بأي حالة طارئة قد تنشأ في شمال ووسط وجنوب العراق. ويُذكر أن هذه الوحدات كانت أساسية أيضاً لخطة إيران في تنظيم الميليشيات الشيعية المحلية التي تعمل مع قوات الحكومة العراقية لكنها مقرّبة من طهران، على غرار وحدات الميليشيا الشيعية في سوريا. (فرزين نديمي: توسع الدور العسكري الإيراني في العراق "معهد واشنطن" 8/9/14)
وحسب معلومات وردت الى المقاومة الايرانية من داخل النظام ان عدد عناصر الحرس لفيلق القدس في العراق يصل إلى 7000 شخص. ونشر العديد منهم في كل من محافظات بغداد وديالى وصلاح الدين وكل من مدن سامراء وكربلاء والنجف وخانقين والسعدية وجلولاء. كما يرافق عدد كبير من قادة وخبراء قوات الحرس، الميليشيات الارهابية في مختلف مناطق العراق. وبدأت تحلق مقاتلات النظام منذ تشرين الثاني (نوفمبر) فوق السماء العراقي وتنفذ مهام حربية في الوقت الراهن في محافظتي ديالى وصلاح الدين. (نزار جاف: عابديني لـ"السياسة: سليماني اختار أبو مهدي المهندس نائباً للعمليات وقائداً للميليشيات .السياسة الكويتية 28/12/14)
ولا نرى داع لتأكيد كون قاسم سليماني أصبح قائدا أعلى لكافة القوات العسكرية التي تقوم بمحاربة "داعش" لأن الجميع يعلم ذلك.
رابعاً:- التهرب من ميزانية عام 2014 والتي تم توزيع أغلبها كهدايا لغرض الانتخابات ولغرض بقاء المالكي في موقعه أي حصوله على ولاية ثالثة. ونعتذر عن الدخول في تفاصيلها لكونها تحتاج لبحث طويل جدا وسوف نشير فقط إلى:-
اعتراف العبادي نفسه الذي قال إن: "الآلية المتبعة في وزارتي الداخلية والدفاع للسنوات الثمان الماضية تسببت بفقدان العراق مئة مليار دولار من خزانته العامة وذلك عبر شبكة معقدة من اللصوص والمنتفعين على حساب المال العام بحسب مصدر حضر الاجتماع". (لماذا الصمت؟. العبادي: فقدان 100 مليار دولار من خزينة الدولة!! بغداد/ "شبكة أخبار العراق" 6/10/2014) هذا المبلغ في وزارتين فقط.
ولتأكيد أحد النواب عن اختفاء أكثر من 40 مليار دولار من الموازنة العامة وظهورها في الحملات الانتخابية ("العراق للجميع" 17/5/14)
كما كشف رئيس المؤتمر الوطني احمد الجلبي عن ان المالكي أنفق نحو أربعة وأربعين مليار دينار خارج اطار الموازنة العامة وبشكل غير قانوني خلال أربعة سنوات، فصلاً عن بلوغ الميزانية السرية لرئيس الوزراء سبعة مليارات دولار، وهي لا تخضع لرقابة (البرلمان) أو وزارة المالية وهي غير مدونة في الموازنة العامة للدولة. (ميزانية المالكي غير خاضعة للرقابة 7 مليار دولار. "شبكة أخبار العراق" 21/8/14)
ونختتم كلمتنا هذه بالقول بأننا واثقون بأن الشعب العراقي الأبي سوف لا يقف مكتوف الأيدي بل سيكشف كافة مخططاتهم الخبيثة لتتم محاسبتهم على كل ما اقترفوه من جرائم بحقه، ولا يضيع حق وراءه مطالب كما أن ثقتنا بالله عالية وهو القائل ((ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)) صدق الله العظيم
* الدكتور عبد الإله الراوي - دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا