ناشطون سياسيون في البصرة، السبت، تأسيس تجمع سياسي يتبنى مشروع تحويل المحافظة الى اقليم فيدرالي، فيما أكدوا أن التجمع يعتزم المشاركة على مستوى المحافظة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.
وقال أمين عام تجمع البصرة المدني جواد كاظم المريوش في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "التجمع الذي أعلنا اليوم عن انبثاقه يقع مقره العام في البصرة ولا يرتبط بقوى سياسية من خارجها، وهو يتألف من ناشطين مدنيين وسياسيين وأكاديميين وإعلاميين"، مبيناً أن "التجمع سوف يلتزم خلال مسيرته السياسية بالديمقراطية الحديثة مفهوماً وتطبيقاً، كما يلتزم بالمعارضة السلمية لأساليب إدارة الحكم المبنية على المحاصصة والمكونات والحزبية المقيتة وما تسببت به من فساد مالي وإداري".
ولفت المريوش، وهو أيضاً نقيب المعلمين في المحافظة، الى أن "الهدف الاستراتيجي للتجمع هو السعي الحثيث وتحشيد الجماهير لأجل نيل حق البصريين الدستوري في إقامة الاقليم"، مضيفاً أن "التجمع يعتقد بأن حجر الأساس في أي تقدم اجتماعي وازدهار اقتصادي يرتبط مباشرة باللامركزية الإدارية، إلا أن تجرية اقليم كردستان بتميزها الخاص والتاريخي أوجدت هاجساً لدى العراقيين بأن إقامة الاقاليم في العراق يهدد الوحدة الوطنية، ولذلك ينبغي عدم الخلط بين الكونفدرالية وتشكيل الأقاليم".
من جانبه، قال نائب الأمين العام لتجمع البصرة المدني ثائر هادي الأعرجي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "التجمع ككيان سياسي بصري ديمقراطي سوف يسعى الى المشاركة على مستوى البصرة في الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات"، موضحاً أن "التجمع يهدف الى تدعيم وتعزيز المجتمع المدني في سبيل معالجة الأخطاء والاخفاقات المتكررة التي ارتكبها سياسيون وتسببت للعراق بأزمات كبيرة وكثيرة في غضون الأعوام السابقة".
وأشار الأعرجي، وهو رئيس مهندسين في إحدى الشركات الصناعية العامة، الى أن "مشروع جعل البصرة اقليماً لو لم يكن مطلباً شعبياً متوافقاً مع الدستور لما أخذنا على عاتقتنا كتجمع سياسي السعي لتحقيقه وفق السياقات الدستورية والقانونية، والاقليم بنظرنا لا يعني في كل الأحوال تقسيم أو إضعاف العراق، بل على العكس تماماً".
وكان أعلن النائب السابق وائل عبد اللطيف في (4 كانون الأول 2014) إطلاق (الحملة الشعبية لتكوين اقليم البصرة) التي تهدف الى جمع تواقيع المواطنين الراغبين بتأسيس الاقليم تمهيداً لتقديم طلب الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من أجل إجراء استفتاء أولي على المشروع، فيما أعلن التيار الشعبي لاقليم البصرة خلال مؤتمر تنسيقي عقده في (20 كانون الأول 2014) انه تمكن خلال أيام قليلة من جمع أكثر من 20 ألف توقيع تمهيداً لتقديم طلب الى المفوضية العليا للانتخابات لتتولى تنظيم استفتاء أولي، وقبل الحديث عن مسودة دستور الاقليم أخذ في غضون الأشهر القليلة الماضية الآلاف من البصريين يتداولون عبر مواقع التواصل الاجتماعي علماً مقترحاً للاقليم، والبعض منهم علقوا العلم في مكاتبهم ومحالهم وعلى سياراتهم الشخصية تعبيراً عن تأييدهم للمشروع، بينما وجه معارضون إنتقادات لتلك الظاهرة، واعتبروا العلم نسخة مقلدة من علم مقاطعة (يوكون) الكندية.
يذكر أن الناشط السياسي وائل عبد اللطيف يعد أول من حاول جعل البصرة إقليماً بعد عام 2003، حيث تمكن أواخر عام 2008 من الحصول على تواقيع 2% من الناخبين، وقدم طلباً رسمياً إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإجراء استفتاء على تشكيل إقليم البصرة، لكن محاولته كان مصيرها الفشل بسبب تعذر الحصول على نسبة 10% من أصوات الناخبين، وهي المرحلة التي تمهد في حال نجاحها لإجراء استفتاء جماهيري عام، وفي عام 2010 وقع غالبية أعضاء مجلس المحافظة على طلب يدعون فيه إلى تحويل البصرة إلى إقليم، وأرسلوا الطلب إلى مجلس رئاسة الوزراء لإصدار أوامره إلى المفوضية من أجل الإعلان عن مدة معينة يتم خلالها الترويج للمشروع من قبل القوى السياسية الداعمة له، وبعدها يتم تحديد موعد لإجراء استفتاء جماهيري في البصرة، لكن مجلس رئاسة الوزراء لم يرد رسمياً على ذلك الطلب، فيما تحرك مجلس المحافظة أواخر عام 2013 مرة ثانية لتأسيس اقليم البصرة، ولوح بمقاضاة مجلس الوزراء في حال تجاهله أو رفضه طلب تأسيس الاقليم الذي وقع عليه 12 من أصل 35 عضواً، لكن الطلب تم تجميده أو سحبه ضمن إطار تفاهمات سياسية.
أما أول محاولة ذات نزعة يمكن تفسرها على انها إنفصالية فتعود الى عام 1921 عندما قدم عدد من رجال الدين وشيوخ العشائر والسياسيين والتجار والمثقفين البصريين طلباً يحمل تواقيعهم الى الحكومة البريطانية جاء فيه "لا يرغب أهالي البصرة في شيء غير الخير لأهالي العراق، ولا شيء أحب إليهم من أن يسيروا جنباً الى جنب على اسلوب تعود منه الفائدة على الفريقين، وعلى العالم عموماً، ولكنهم يعتقدون بأنه لايمكن الوصول الى هذه النتيجة إلا بمنح البصرة إستقلالاً سياسياً".
يشار الى أن القوى السياسية في البصرة تتباين مواقفها بشأن تطبيق الفدرالية، حيث تعارضها بعض الأحزاب والحركات جملة وتفصيلاً، فيما تؤيدها أخرى بنسب متفاوتة، كما تطمح جهات سياسية إلى تشكيل إقليم فدرالي تكون عاصمته البصرة ويتألف من ثلاث محافظات هي وميسان وذي قار، وأخرى ترى أن الصيغة الأمثل لتطبيق الفدرالية تكمن بتأسيس إقليم تكون عاصمته النجف ويضم تسع محافظات من الجنوب والفرات الأوسط.