أقامت الجبهة العربية لتحرير الاحواز بكوادرها وبمعية الجالية الأحوازية إحتفالية كبيرة ومهيبة في مدينة ماستريخت الهولندية يوم السبت الذي صادف 18/4/2015 بمناسبة مرور 35 عاماً على تأسيس الجبهة في العشرين من نيسان عام 1980 في العراق بعد ان تشكلت من كافة التنظيمات والحركات السياسية الاحوازية التي سبقتها في التشكيل والذي صادف أيضاً الذكرى 90 لاحتلال الاحواز من قبل النظام الفارسي.
وقد حضر هذا التجمع الخيّر نخبة فاضلة من الشخصيات العراقية والعربية من سياسيين ونشطاء ومناضلين ورواد فكر وأكاديميين ومثقفين وخاصة ممثلين عن الثورتين العراقية والسورية اضافة الى جمعٍ غفير من قياديي الجبهة وكوادرها ومسانديها ومحبيها. والمفرح أيضاً حضور رؤساء او ممثلين عن فصائل وجبهات نضالية احوازية أخرى شاركوا رفاقهم في هذه الاحتفالية المميزة.
ففي قاعة جميلة تقع على أطراف مدينة ماستريخت امتلئت بأعلام دولة الاحواز التي احتلها شاه ايران في عام 1925 بعد خديعة مدويّة وبتواطئ بريطاني حيث تم أسر الشيخ خزعل وحكومته وأودع السجن حتى فارق الحياة بعد عدة سنوات، ولا زال الأحوازيون يعانون من ظلم الاحتلال وبطشه وطائفيته ودمويته المفرطة التي ازدادت بشكل ملحوظ منذ مجيء حكم الخميني الذي نكث العهد الذي أعطاه لشيوخ الاحواز ورموزهم الدينية، لكنهم في انتفاضة مستمرة تتجدد كل عشر سنوات ولا زالت، وكانت آخرها إنتفاضة نيسان عام 2005 وهي الان مستمرة وازدات نشاطاً وجرأة بعد عاصفة الحزم العربية.
ان الجبهة العربية لتحرير الأحواز مثلت الشعب العربي الأحوازي في الساحتين العربية والدولية بمفردها لمدة ما يقارب العقدين من الزمن. توقف عملها في عام 2003 بعد احتلال العراق وعادت إلى جمع صفوفها عام 2004 ثم عقدت مؤتمرها العام الثامن في السويد بمدينة آرفيكا في شهر حزيران 2012 من أجل مواصلة نشاطها ونضالها. وكان أيضاً العلم العراقي ذو النجوم الثلاث التي تحتضن ( الله أكبر) يرفرف بجانب الرايات الاخرى قد عبّر عن حقيقة الهم العربي ووحدة النضال لدحر المحتلين وتحرير أراض العرب أينما كانت.
استمر الحفل ساعات طويلة تخللتها الأناشيد الوطنية والأهازيج والأشعار الشعبية الأحوازية العربية التي لوّنت كلمات الضيوف من شخصيات نضالية ووجوه إعلامية معروفة أجمعت على فرحتهم في هذا الاحتفال والدور الرائد للجبهة وهي تقود النضال الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني الصفوي مع فصائل نضالية أخرى تحمل الهم الأحوازي العربي، حيث طالب الجميع بوحدة الصف الأحوازي وضرورة توحيد الخطاب النضالي الكفاحي من أجل بلورة رؤية موحدة تستند على ثوابت لابد منها وهي ان الاحواز اقليم عربي محتل لا يقل أهمية عن باقي أراض العرب المحتلة والمسلوبة وبالأخص فلسطين الحبيبة، وان الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لتحرير الوطن المحتل ولا مكان لأية حلول اخرى على الإطلاق الا اذا اعترف النظام المللي الصفوي في طهران او اي نظام إيراني آخر، بحق الأحوازيين في تقرير مصيرهم واستقلال وطنهم.
تميّز في هذا الحفل، الإعلامي الأحوازي المذيع فؤاد سلسبيل أبو رسالة الفيصلي الذي كان مذيعاً في تلفزيون العراق الرسمي قبل احتلال العراق بأطلالته الحرفية حيث كان عريفا للحفل وقدم كافة فقرات الحفل بمهنية عالية وصوته الهادر الذي ذكرني بأيام القادسية المجيدة والبيانات العسكرية التي كنا نسمعها من على شاشة التلفزيون العراقي آنذاك.
وفي كلمة قيّمة حيّا اللواء فيصل عبد الكريم الأمين العام للجبهة العربية لتحرير الأحواز الحضور وشكرهم على تلبيتهم دعوة الحضور وتطرق الى المناسبات الوطنية الأحوازية التي يستذكرها الأحوازيون ويحتفلون بها وخاصة تلك التي تصادف في شهر نيسان المجيد.
هذا الرجل أعجبتني شخصيته اليعربية وشعوره القومي الفياض وسوالفه المعبرة عن المضايف والدواوين العشائرية العربية. كذلك لما فيه من مواصفات القيادة والحنكة في احتواء الآخرين.
لا أنسى اشعارالهوسات التي كان يلقيها الشاعر الشاب ستار الجنامي وهو يقفز فجاءة بين الفينة والأخرى من خلف الحاضرين ثم يصبح أمامهم وبصوت هادر يلقي الهوسات والعراضة الأحوازية الحماسية الجميلة، وقد راقبته وانا المحب لهذا النوع من الأشعار الشعبية والهوسات لاحظت انه كان يصيغها في حينها وهي دليل على موهبته وحماسته ومدى ترحبيه بهذه الذكرى والحاضرين.
أما الضيافة والكرم والترحيب والفرحة التي عمت مكان الاحتفال من قبل الأحوازيين فلن أستطيع وصفها على الاطلاق.
لقد كانت أمسية احتفالية جلبت البهجة والسرور لكل الحاضرين وقربت البعيد وأبعدت الغريب وأدخلت الفرحة والفخار في قلوب المشاهدين الأحوازيين في الوطن المحتل او في المهاجر وأسعدتهم من خلال الفضائية الأحوازية التي كانت تبث الاحتفال حيّا
لا أبالغ إن قلت أن الماجدة الأحوازية وهي الزوجة والأخت والبنت كانت خلية قتالية لا ترى، حديث لعبت دوراً كبيراً في طبخ وتجهيز الطعام لضيوف كان عددهم اكثر من مئتي شخص وخاصة وجبة الغداء الوداعية التي قدمتها الجبهة العربية في اليوم التالي في بيت أحد المناضلين الأحوازيين وهو الأخ قاسم أبو زكي أمين سر الجبهة العربية لتحرير الأحواز لمجموعة كبيرة من المغادرين وهي السمك المسكوف ورز الباقلاء.
الأشياء المفرحة والجميلة التي تميز بها هذا الاحتفال التاريخي هو ان الضيوف جاؤا على حسابهم الخاص وان قيم العروبة والهم القومي قد طغيا على أجواء الاحتفال وان الجميع قد اتفقوا على ان النظام الصفوي في طهران والكيان الصهيوني في (إسرائيل) هما وجهان لعملة واحدة.
أعتقد ان القضية الأحوازية العادلة هي الخاصرة الرخوة للدولة الفارسية المحتلة ويجب على العرب دعمها بقوة وثبات إذا قرروا مقارعة الأطماع الإيرانية ووضع حد لتهديداتها وتغوّلها لان قوة ووقاحة حكام إيران مهما كانوا هي إقليم الاحواز بكل خيراته وموقعه الستراتيجي ، فلو عادت الاحواز الى احضان أهلها العرب تقوقعت دولة فارس وانحسرت وتجاسرت عليها الأقليات المظلومة الاخرى بالحق، فسوف ينتهي الفرس الى دولة صغيرة تخشى الآخرين وتطلب رضاهم.
صباح الخزاعي - أكاديمي وناشط سياسي عراقي- إنكلترا