عزف منفرد
وعلى الباغي تدور الدوائر
سلام الشماع
صحيفة الوطن - العدد 1970 الثلاثاء 3 مايو 2011
إيران دولة ديمقراطية جداً في المنطقة. هل هذه نكتة أن يكون نظام الملالي نظاماً ديمقراطياً؟. لا وليس هذا فقط، بل إنه يريد نشر الديمقراطية في دول الجوار العربي، وفي منطقة الخليج العربي بالذات، بعد أن استبدل مهمته من تصدير فوضاه الطائفية التي يسميها ''تصدير الثورة''، إلى هذه المهمة ''الديمقراطية'' في الخليج العربي!.
وعذراً إذا استخدمت هذه التسمية ''الخليج العربي'' فهي ستزعج ''ولاية السفيه''، كما يسميها العراقيون، وستزعج، بالتأكيد، رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال حسن فيروزبادي الذي هو أيضاً عضو في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، والذي صرح بالأمس أن منطقة الخليج ''كانت دائماً ملكاً لإيران''، ولكني يا فيروز أبادي أسمي الأشياء بمسمياتها.
ويبدو أن فيروزبادي لم يقرأ التاريخ، أو أنه يقرأ فلا يفقه، ولا يعرف أن تسمية إيران تسمية حديثة، وكانت تسمى ''الدولة الفارسية''، ولما فتحها العرب المسلمون أطلقوا عليها اسم ''بلاد فارس''، وهي لم تكن بهذا التوسع والامتداد، ولما جاء رضا شاه عام 1925 استبدل اسم البلاد القديم ''فارس''في العام 1934 بـ''إيران'' أي بلاد الآريين بعد أن قام بضم الأقاليم كلها التي كانت تتمتع بحكم ذاتي مثل عربستان وبلوشستان ولرستان إلى الدولة الإيرانية الجديدة.
فمتى كان الخليج العربي الذي هو جزء من بلاد العرب تابعاً لإيران؟ حمل رئيس الأركان الديمقراطي على ''ما أسماها جبهة الديكتاتوريات العربية في الخليج المعادية لإيران''، في بيان نقلته معظم وكالات الأنباء والصحف الإيرانية، قال إن ''الأنظمة العربية الديكتاتورية في الخليج الفارسي غير قادرة على منع الانتفاضات الشعبيّة''.
وأشار فيروزبادي، إلى أنه ''بدلاً من فتح جبهة لا يمكن الدفاع عنها مع إيران، على هذه الديكتاتوريات أن تتخلّى عن الحكم ووضع حدّ لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية''، كما دان ''مؤامرة الدول الخليجية لتشكيل هوية لها على حساب الهوية الإيرانية''.
ما أبلغ الشاعر العربي عندما قال قديماً:
لكل داءٍ دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها
التآمر الإيراني المستمر على دول الخليج، وعلى البحرين خصوصاً، انقلب، بحماقة فيروزبادي إلى تآمر دول الخليج على إيران ''المسكينة المظلومة''.
هكذا يصبح المعتدي معتدى عليه، والظالم مظلوماً، والمحرض محرضاً عليه، والمتدخل في شؤون الآخرين متدخلاً في شؤونه.
ثم لنسأل فيروزبادي هل في إيران واحد في الألف من الحرية التي تسود الحياة في الخليج؟. ولماذا عندما تتصدى مملكة البحرين لفئة صغيرة تحمل صور خميني وخامنئي وأعلاماً غير أعلام بلادها وتحاول نشر الفوضى، بل وتسببت بانفلات أمني، يسمى نظامها ديكتاتورياً، وعندما يتظاهر الإيرانيون احتجاجاً على تزوير الانتخابات في إيران التي جاءت بنجادي ثانية إلى الحكم ويتصدى النظام الإيراني للمتظاهرين بالرصاص الحي ويقتل العشرات منهم، يسمى النظام في إيران نظاماً ديمقراطياً؟..
إن على إيران أن تفهم أن عنجهيتها مع العرب لن توصلها إلى أفضل ما وصلت إليه عندما شنت عدوانها على العراق، وأن الأفضل لها أن تكف عن تدخلاتها في شؤون دول الخليج، فهذه الدول تملك ما تصد به عن نفسها الأذى والعدوان، فضلاً عن أن لها عمقاً عربياً عميقاً لن يقف مكتوف الأيدي إزاء تدخلاتها الفجة.. وعلى الباغي تدور الدوائر..