طهران تريد من العرب كل شيء وتمرر مؤامراتها بشعارات طائفية وغطاء ديني ..:
وزير عراقي سابق: المخطط الإيراني مستمر سواءً كان النظام السياسي شاهنشاهياً أم إسلامياً
الأثنين 23 مايو 2011 - 02:44
أجرى الحوار ـ سلام الشماع:
قال وزير الإعلام العراقي ممثل العراق الدائم في الأمم المتحدة الأسبق صلاح عمر العلي إن إيران تدخلت بصفة فظة في شؤون البحرين وحاولت حرف مسار التظاهرات المطلبية الطبيعية للبحرينيين وتحويلها من تظاهرات وطنية شعبية إلى مشروع انتفاضة طائفية لتوظيفها لصالح مشروعها القومي. وأضاف، في حوار أجرته معه ''الوطن'': إن إيران لديها مشروع قومي فارسي يمتد على طول المنطقة العربية وعرضها، أفصح عنه العديد من زعماء هذه الدولة وقادتها ومثقفيها في مناسبات مختلفة، وهذا المشروع بقي مستمراً طوال عقود طويلة من الزمن، بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي، سواء كان شاهنشاهياً ملكياً أم جمهورياً إسلامياً. واعتبر العلي، دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين بأنه أفشل المخطط الإيراني، وقال: إن دخول تلك القوات شكل عاملاً أساساً لفشل مشروع إيران لاحتلال البحرين أولاً، مثلما كشف عن ضعف القيادة الإيرانية وتخاذلها في المضي بمشروعها وتحدي دول الخليج العربي، لأنها كانت تتحين فرصة انفلات زمام الأمن وشيوع الفوضى في البحرين وفقدان سيطرة الدولة على الأوضاع العامة لمباغتة الآخرين باحتلالها ووضعهم تحت الأمر الواقع. وفيما يأتي نص الحوار: عرب ويدافعون عن طهران ؟ ماذا تريد إيران من العرب، وما مغزى تهديداتها الدائمة للبحرين خاصة وللخليج العربي عامة؟ - إيران لديها مشروع قومي فارسي يمتد على طول المنطقة العربية وعرضها، أفصح عنه العديد من زعماء هذه الدولة وقادتها ومثقفيها في مناسبات مختلفة، وهذا المشروع بقي مستمراً طوال عقود طويلة من الزمن، بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي، سواء كان شاهنشاهياً ملكياً أم جمهورياً إسلامياً.. إنها تريد من العرب كل شيء أراضيهم وثرواتهم وخضوعهم سيادياً لإرادتها، ويجري تمرير ذلك تحت شعارات طائفية مخادعة تنسف مصداقيتها طريقة تعاملها القومي الشوفيني مع عرب الأحواز، هدفها تمزيق أمتنا العربية وخلق حالة من التناحر والاقتتال بين مكوناتها وإنهاكها تمهيداً لتمرير مشروعها القومي. ولتحقيق هذا الحلم كانت القيادات الإيرانية المتعاقبة مدفوعة بالتعاون والتنسيق مع أعداء أمتنا العربية والقوى المعيقة لمسيرتنا الحضارية كلها، وبدلاً من استخدام المشتركات الإيجابية بيننا وبينها لإقامة أفضل العلاقات وهي مشتركات كثيرة، نجدها دائماً ما تلجأ إلى البحث عن السلبيات أو اختلاقها كما حدث مع العراق ويحدث اليوم مع دولة الإمارات العربية والبحرين بهدف تعكير جو العلاقة مع دولنا العربية وتسميمها وتعطيل أية محاولة للتنمية وشل تطوير شعوبنا. وما يبعث على الأسف أن نجد بعض مثقفينا وسياسيينا ينبرون في مناسبات مختلفة للدفاع عنها وإنكار مشروعها القومي، في وقت لا يخفي فيه قادتها ما يريدون من دولنا العربية. التجربة الفنزويلية ؟ كيف يمكن أن تواجه دول الخليج تهديدات إيران بشن حرب عليها، أو كيف تتقي أي عدوان محتمل؟ - تشير تجارب عديدة، ليست تجربة فنزويلا إلا واحدة منها إلى أن خير وسيلة وأنجحها في مواجهة التهديد الخارجي الذي تواجهه أية دولة في العالم، يتحقق باعتماد تلك الدولة على شعبها بالمقام الأول، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بتوفر شروط أساس يأتي في مقدمها إيمان السلطة بالتعددية الثقافية والسياسية ومنح الشعب الحق في الإعلام والتعلم وتشكيل الأحزاب السياسية واختيار من يمثله في برلمان منتخب بحرية وشفافية كاملة وانبثاق السلطة من بين أعضاء البرلمان المنتخبين، فإذا ما توفرت هذه الشروط يتعذر على الآخرين مجرد التفكير بأية مغامرة ضد تلك الدولة. فمازلنا نحتفظ في ذاكرتنا كيف نزل أبناء الشعب الفنزويلي إلى الشوارع بصدورهم العارية لحماية سلطتهم الوطنية المنتخبة والدفاع عنها ضد الانقلاب الذي قاده بعض القادة العسكريين بالتواطؤ والتعاون مع المخابرات الأمريكية، ثم يأتي بعد ذلك الدور العربي في حماية هذه الدول والدفاع عنها بوجه أية تهديدات خارجية من خلال تفعيل ميثاق الدفاع العربي المشترك ووضعه موضع التطبيق العملي. ابتلاع دول الخليج العربي ؟ لماذا الإصرار الإيراني على تسمية الخليج العربي بـ''الخليج الفارسي'' وادعائها أنه كان تاريخياً تابعاً لإيران؟ - لا يمكن وصف هذا الادعاء إلا بأنه تعبير فظ عن إصرار الجانب الإيراني على مشروعه القومي وطموحه في ابتلاع دول الخليج العربي من خلال ادعاءات تاريخية لا سند ولا قيمة تاريخية لها. الأزمات المفجعة ؟ هل من تأثيرات للنفوذ الإيراني في العراق على ما يجري في البحرين وبقية أقطار الخليج العربي؟ - نعم، وبكل وضوح، ففي الوقت الذي نجد العراق مازال يخضع لاحتلال أجنبي وتهدده مخاطر الانقسام والانهيار ويعاني من العديد من الويلات والأزمات المفجعة ومازال شلال الدم يسيل في مختلف مدن العراق، والفساد يضرب أطنابه في مختلف مفاصل الدولة ومؤسساتها وعلى أعلى المستويات، بادرت سلطة المنطقة الخضراء لإعلان مواقف ظاهرها التضامن مع شعب البحرين في مطالبه المشروعة، ولكن ظاهرها ودوافعها لا تخفى على الجاهل قبل المثقف، ومن المثير أن العراق الذي يقتل فيه المواطنون بالآلاف على أيدي قوى خفية متعددة الأهداف لم نسمع يوماً أن برلمان العراق أعلن استنكاره أو شجبه أو حزنه، ولم نسمع أن هناك من طالب بإعلان الحداد على تلك الضحايا البريئة بينما أعلن هذا البرلمان تعطيل جلساته أسبوعاً كاملاً تضامناً مع متظاهري البحرين. وإذا كانت فكرة تخصيص خمسة ملايين دولار لمساعدة الشعب البحريني من ميزانية الدولة واختيار أحمد الجلبي لمتابعة هذا الموضوع، لم يأت بتأثير إيران فبتأثير من يحصل ذلك؟!! الفشل الإيراني في البحرين ؟ كيف تنظر إلى الانزعاج الإيراني من وجود قوات درع الجزيرة في البحرين؟ - من خلال تجربتي السابقة في المنظمة الدولية، واعتماداً على نصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وما ورد من مواد في ميثاق اتحاد دول الخليج فإن دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين تلبية لطلب حكومتها يعدّ دخولاً شرعياً لا غبار عليه لكون دولة البحرين عضواً كامل العضوية في هذا الاتحاد، ولا يغير من هذه الحقيقة انزعاج إيران أو رضاها عن دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، على الرغم من أنني شخصياً لا أتمنى أن تجبر الظروف الاستثنائية التي تواجهها البحرين لمثل هذه الخطوة كما أتمنى أن لا يطول تواجد قوات درع الخليج في البحرين. ومن الطبيعي أن تعرب إيران عن شديد انزعاجها، لأن دخول تلك القوات شكل عاملاً أساساً لفشل مشروعها لاحتلال البحرين أولاً، مثلما كشف عن ضعف القيادة الإيرانية وتخاذلها في المضي بمشروعها وتحدي دول الخليج العربي، لأنها كانت تتحين فرصة انفلات زمام الأمن وشيوع الفوضى في البحرين وفقدان سيطرة الدولة على الأوضاع العامة لمباغتة الآخرين باحتلالها ووضعهم تحت الأمر الواقع. ولاية الفقيه بدعة ؟ ولاية الفقيه هل تصلح لمجتمعاتنا العربية، وهل صلحت أصلاً لإيران وما مخاطرها وأهداف التمسك الإيراني بها؟ - أنا لست ممن يعنيه هذا الموضوع من الوجهة الدينية، ولكنني من المؤمنين بأن لكل دولة من دول العالم الحق في اختيار النهج الذي يناسبها ويحقق أهدافها ضمن حدودها الجغرافية والسياسية المعترف بها دولياً، وليس من حقها فرض ذلك على الآخرين فلكل دولة ظروفها وخصوصيتها ونهجها الذي تسير عليه. وفي حدود معرفتي فإن فكرة أو نظرية ولاية الفقيه تواجه جدلاً ورفضاً واعتراضات جذرية من علماء مسلمين أجلاء لهم مكانتهم وأدوارهم المرموقة في الشأن الديني، سواء كانوا داخل إيران أم خارجها، وكان آية الله العظمى السيد حسين فضل الله رحمه الله المتميز بعمق ثقافته وسعة اطلاعه وأصالة توجهه السياسي ووطنيته، من بين أوائل المعترضين والرافضين لهذه النظرية وله موقف متشدد منها يصل إلى وصفها بأنها بدعة ليس لها ما يؤكدها في الشرع الإسلامي، ولسنا نحتاج إلى إيراد أسماء العشرات والمئات من العلماء الأعلام ممن لهم باع طويل في هذا المجال رفضوا هذه النظرية وأنكروها. وإذا كان التطبيق العملي هو المقياس المتعارف عليه في نجاح أية نظرية أو فشلها فإن ما تواجهه إيران منذ مدة طويلة من أزمات داخلية خانقة وتوترات شديدة في العلاقة بين القيادة وجماهير الشعب الإيراني لهو دليل واضح على فشل هذه النظرية، وإذا كانت هذه النظرية فاشلة في عقر دارها فكيف يمكن أن يكتب لها النجاح في بيئة وتربة مختلفة ولماذا على الآخرين إعادة تجربة فاشلة؟ أما من وجهة نظري الخاصة فإنني من المؤمنين بأن النظام الأفضل والذي له تطبيقات ناجحة في العديد من دول العالم هو النظام الذي يعكس إرادة المواطنين ورغباتهم وتطلعاتهم للمستقبل، مهما كانت هويته أو تسميته، وبغير ذلك ستبقى شعوبنا تعاني من الفقر والجهل والتخلف في وقت نرى فيه الشعوب الأخرى تحقق قفزات مذهلة في ميادين التطور العلمي وفي ميادين الحياة الأخرى. حديث ذكريات ؟ في السبعينيات تعرضت البحرين لتهديدات إيرانية مماثلة وكانت قيادة العراق اتخذت موقفاً صلباً إزاء ذلك وإزاء احتلال إيران للجزر العربية في الإمارات العربية المتحدة: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى.. هل تتحدث عن ذكرياتك، وكنت ضمن تلك القيادة ووزيراً للإعلام على ما أتذكر؟ - نعم أذكر ذلك بتفاصيله كلها، وزيادة على ذلك فإن قيادة شاه إيران بدأت في الوقت نفسه باستفزاز العراق من خلال تعرضها لبعض سفن الصيد العراقية في خليج البصرة والخليج العربي وأغرقت بعضها وقتلت صياديها كما بدأت ببعض الاستفزازات عبر الحدود المشتركة بين البلدين وضربت بعض مخافر شرطة الحدود العراقية وقتلت واختطفت أعداداً منهم الأمر الذي دعا قيادة مجلس قيادة الثورة لعقد اجتماع لمناقشة التهديدات الإيرانية للبحرين واحتلالها لجزر دولة الإمارات العربية واستفزازاتها المتواصلة للعراق، وأوشكنا أن نتخذ قراراً بالتصدي العسكري لشاه إيران لولا أن الرئيس أحمد حسن البكر وضعنا في صورة واقعنا العسكري الهزيل، آنذاك، واقتراحه ضرورة الاهتمام بقواتنا العسكرية وتطويرها وتوفير ما تحتاجه من الأسلحة الحديثة، الأمر الذي دعانا لصرف النظر عن اتخاذ ذلك القرار. قياديون عرب يدافعون عن إيران ؟ وما دور القوى القومية العربية في مواجهة التهديدات الإيرانية للبحرين خاصة والخليج العربي عامة؟ - منذ سنوات والتيار القومي العربي يعاني من هبوط في مستوى أدائه السياسي وتشرذم في تنظيمه وتناقض في مواقفه وتعطيل شبه كامل في تطوير مشروعه الفكري والنهضوي، الأمر الذي جعل الكثير من الشخصيات القيادية في هذا التيار هدفاً لدول وقوى مختلفة محلية وأجنبية، تمكنت مع الزمن من احتوائها تحت يافطات ومشاريع مظللة كالممانعة والمقاومة، تارة وتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة تارة أخرى، مدفوعة بلا وعي، ومتحركة على سكة تفضي في نهاية المطاف إلى خيبة وفشل وإحباط جديد تضاف إلى الإحباطات والخيبات السابقة التي أصابتنا منذ منتصف القرن الماضي لغاية الآن، وهو ما لعب دوراً أساساً في تعطيل المشروع القومي العربي وسيادة حالة الشللية والتكتلات والاجتهادات المتنافرة التي أصابت مشروعه الحضاري بالصميم. فمنذ وفاة عبدالناصر ومجيء أنور السادات بديلاً عنه وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد الكارثية وإحلال الرئيس حسني مبارك محله في قيادة مصر بعد عملية الاغتيال المشهورة وما لعبه خلال ثلث القرن المنصرم في التواطؤ مع الكيان الصهيوني ومحاربة التيار القومي في مصر وباقي الدول العربية، وأخيراً وليس آخراً الاحتلال الأمريكي للعراق، فقد التيار القومي مرجعياته وركائزه الأساس في الوطن العربي، ولم يبق منها سوى ''المؤتمر القومي العربي'' كمرجعية رمزية لهذا التيار، يعقد مؤتمراته العامة بين الحين والآخر بهدف مناقشة المستجدات في الساحة العربية ومحاولة إبداء الرأي بشأنها، لكننا ولسوء الحظ أصبحنا نرى ونلمس بوضوح أن عناصر فاعلة لها أهميتها المميزة في هذا التنظيم تحولت إلى أدوات لصالح أجندات إقليمية وأجنبية موظفة مواقعها وأدوارها داخل هذا الكيان القومي لصالح قوى ودول إقليمية وأجنبية على حساب المصالح العربية. ففي حين نجد القيادات الإيرانية تتواطأ وتنسق علناً مع الولايات المتحدة الأمريكية على احتلال العراق باعترافات متكررة على لسان أرفع قيادات هذه الدولة، وهي أول دولة تعترف بالعملية السياسية التي أنشأها المحتل في العراق، وقادتها أول من زار العراق بحماية المحتلين، وبالرغم من علاقاتها المتطورة مع سلطات بغداد العميلة، وعلى الرغم من استمرار إيران في احتلالها لجزر عربية وتهديداتها المستمرة بضم دولة البحرين وتدخلها الفظ في الانتفاضة الشعبية البحرينية المطلبية كمحاولة منها لحرف مسارها وتحويله من انتفاضة وطنية شعبية إلى مشروع انتفاضة طائفية وتوظيفها لصالح مشروعها القومي، وعلى الرغم من عمليات القمع الوحشي الذي تمارسه ضد أبناء الأحواز العرب منذ احتلالها في عشرينيات القرن العشرين بالتواطؤ مع بريطانية العظمى، إلا إن قيادات قومية لا يستهان بها، تنبري للدفاع المستميت عنها في أي محاولة لإدانة مواقفها المؤذية إزاء تلك القضايا، الأمر الذي شل وعطل أي إمكانية للتيار القومي العربي كي يلعب دوره في الدفاع عن قضايانا القومية ومصالح شعوبنا العربية. ومن هذا المنظور يتضح لنا بكل أسف أن دور التيار القومي العربي معطل ومشلول فيما يخص مواجهة التهديدات الإيرانية للبحرين خاصة والخليج العربي عامة. المقاومة العراقية ؟ وما دور المقاومة العراقية في تجنيب المنطقة خطر التدخل الإيراني في شؤونها؟ - لعبت المقاومة العراقية وجميع القوى والشخصيات المناهضة للاحتلال الأمريكي دوراً بارزاً في التصدي للمشروع الأمريكي الشرق أوسطي، وتدميره داخل حدود المواجهة على أرض العراق، يفخر به كل مواطن عربي أو غير عربي شريف في العالم، إذ تمكنت بفضل شجاعة منتسبيها وتضحياتهم وصمودهم من إفشال ذلك المشروع الخطر الذي يصب في خدمة المشروع الصهيوني الرامي لفرض حالة الاستسلام على الأمة العربية والهيمنة الكاملة لإسرائيل على المنطقة. ولأن المسافة بين مشروع احتلال العراق والمشروع الإيراني آنف الذكر معدومة فإن فشل مشروع احتلال العراق -وقد فشل فشلاً ذريعاً- فهو بالضرورة يعني من بين ما يعنيه فشل للمشروع الإيراني الهادف لفرض هيمنته وسيطرته على شعب العراق وتدميره. وأخيراً فإن ما يرفعه جموع المنتفضين والمتظاهرين العراقيين من شعارات ضد إيران مثلما يرفعون شعاراتهم المعادية للاحتلال الأجنبي في مظاهراتهم واعتصاماتهم المتواصلة منذ أشهر في بغداد وجميع المحافظات العراقية لهو دليل ساطع على فشل المشروعين الأمريكي والإيراني في بلادنا. ولكن علينا أن لا نركن إلى ما تحقق، فالمشروعان الأمريكي والإيراني مازالا فاعلين ومازال حملتهما يحاولون اهتبال الفرص واقتناصها من أجل فرضهما ليس على العراق حسب، وإنما على الوطن العربي كله، الأمر الذي يفرض على دولنا العربية أن تقف مع المقاومة موقفاً مختلفاً عما هو سائد منذ عام 2003 لغاية الآن، ليس من أجل نصرة شعب العراق والدفاع عنه فقط، بل والدفاع عن أنفسهم أيضاً. وهنا لابد لي من تسجيل نقد وعتب على القادة العرب لإهمالهم وعزوفهم الكامل عن مد يد العون والمساعدة لأشقائهم العراقيين عموماً والمقاومة التي رفعت رأس العرب خصوصاً. وهي مازالت تمثل المحور الأكثر فاعلية وتأثيراً في معادلة الصراع بينها وبين المحتلين، أمريكان وإيرانيين، ولو وجدت المقاومة العراقية الطرف العربي المساند والداعم لها في صراعها المرير مع المحتلين لتمكنت من حسم الأمور لصالح تحرير العراق قبل سنين. الدفاع عن العرب ؟ هل تدعون الدول التي يتهددها الخطر الإيراني إلى دعم المقاومة العراقية وكيف؟ - إن دعم المقاومة العراقية ومساندتها، من وجهة نظري الشخصية، يعدّ فرض عين على كل مواطن عربي حاكماً كان أم محكوماً، لأن المقاومة العراقية لا تدافع عن شعب العراق فقط، وإنما تدافع عن الأمة وعن قيمها الدينية والحضارية وعن قوميتها وسيادتها وحريتها. وعلينا أن نعي أن الخطر الإيراني لا يقتصر على الدول التي تتعرض لتهديدات القيادة الإيرانية فقط، وإنما خطره يمتد على مساحة الوطن العربي كله مثله مثل الخطر الصهيوني أو الأمريكي. أما عن طرق تقديم الدعم والمساعدة الواجب تقديمها للمقاومة العراقية ووسائله فهناك العديد من الخيارات والطرق التي يمكن ضمان وصولها وضمان تجنب كشف الآخرين لها ومعرفتها، لأن قادة المقاومة وزعماءها لم يعودوا مجهولين، كما سبق من السنين، فهم معروفون بأسمائهم وعناوينهم وأماكن سكناهم سواء في داخل العراق أم خارجه. فضح المشروع الطائفي ؟ هل تتوقع تطور التظاهرات والاعتصامات في العراق إلى انتفاضة عارمة؟ - على الرغم من أن التظاهرات والاعتصامات الشعبية في العراق مازالت أقل من الطموح الذي ننشده وينشده ملايين العراقيين إلا أنها حققت أهدافاً بالغة الأهمية، وأول تلك الأهداف وأكثرها أهمية فضح مشروع سلطة المنطقة الخضراء الطائفي وإسقاطه بخروج جموع الشباب العراقي إلى الساحات العامة في جميع محافظات العراق وهي تهتف لوحدة العراق وحرية الشعب ضد المحتلين وأعوانهم في السلطة. أما ثاني تلك الأهداف من حيث الأهمية فهو أن حاجز الخوف والرعب الذي زرعته السلطة في نفوس العراقيين بسبب عمليات القتل العشوائي وخطف الأبرياء من الشوارع وذبحهم بطرق لا نظير لها في بشاعتها ووحشيتها وزج مئات الآلاف من شباب العراق في معتقلات وسجون سرية وعلنية وتعريضهم لأنواع مبتكرة من الاعتداء الجسدي والجنسي والنفسي، تمكن شباب العراق المنتفضين ضد السلطة من كسره وتدميره ورميه تحت أقدامهم. ولنا وطيد الأمل والثقة بعزم هؤلاء الشباب في الاستمرار باحتجاجاتهم ورفضهم لهذه السلطة الفاسدة وصولاً إلى إسقاطها تمهيداً لإقامة نظام وطني جديد يحقق أماني شعبنا العراقي وتطلعاته، خصوصاً وأن عوامل إسقاط هذه السلطة تتوفر بصفة مثالية، فهي إضافةً إلى كونها سلطة جاءت بولادة قيصرية أمريكية فهي سلطة على غاية من الفساد والإجرام والتخلف.