أمَّةٌ بين ماضٍ وحاضرٍ ومستقبلٍ
مقالة تحليلية نقدية
إ.د. أبو ليث الرفاعي
مقدمة:
إنَّ المتحدث عن الوطن العربي مؤرخا أو محللا لا بد أن تكــون لديه خلفية تعتمد على قواعد بيانات من المعلومات الظرفية والزمــنية وطبيعة المراحل التي مر بها الوطن العربي متحدا أو متفرق الأقـطار,علاوة على طبيعة النظم السياسية والاقتصادية التي مرت عليه وأثرت في تكوين أسس بنيته الفكرية والثقافية ومن ثم السياسية,وتلك هي مسلمات تاريخية تمر بها الأمم عادة,وتختلف تلك الأمم بمستويات تأثرها سلبا أو إيجابا بذلك يعــتمد على طبيعة الأمة ومخزونها الحضاري الفكري والثقافي والعقدي ومستوى مناعتها عند التفاعل مع حضارات الآخرين لا بصد التفاعل الإيــــجابي بل بتعميقه وطرد ما هو سلبي,فالتفاعل الحضاري يتبع نظريـــــــــــة الأواني المستطرقة في الفيزياء, لمن يعرفها واضحة الأعلى كميَّةً أعلى ضغـــطا يصب في الأدنى منه كمية وضغطا,فمن هو فارغ يملأ من الأعـــلى حتى يأخذ مستواه من تلك الحضارة فكرا وثقافة وسلوكا, وتلك هي سلبية الأمم التي تفتقر إلى خلفية حضارية فهي تأخذ ولا تعطي,فهل امتنا أعــطت أم أخذت وهل هي تمتلك مستلزمات أن تصبح اليوم من الأمـم التي تعــطي والتي تتفاعل ايجابيا ,تهضم ما تأخذ وترفع من شأنه ثم تعــطي؟ من هنا وجب على كل من يتناول هذه الأمة أو أي قــطر منها أن يــدرك ذلك ولا يتحدث في ضوء ما يرى اليوم أم هو لا يريد أن يفهـــم تاريخ تطــور الأمم فرأى أمما اليوم تبهره بتطورها فوقع في غرامها ولا يـدرك غير ما يرى وما يسره اليوم, وتلك نقيصة فكرية وثقافية لا تسمح له الادعاء انه مفكر أو مثقف.فهذا النمط من دعاة الفكر والثقافة يعيش ليومه ولا يفكر بالمستقبل فهو كالشاعر الأناني الذي قال إذا مت ظمأنا فلا نزل القطر.ويؤسفُ حقا القول أن دعاة الفكر والثقافة اليوم في الأمة معظمهم من هذا النمط المتأقلم على منطقاته الذاتية ويريدها اليوم وليس غـــــدًا.من هنا سأضــــع ذلك في حسباني وأنا أتناول موضوعا هو اكبر من حجم أي فرد يتنـــــاوله رغم معايشة له لأكثر من نصف قرن من عمره, ليس مراقبا بل متفاعلا وفاعلا بقدر ما أتيحت له من فرص عمل فكري وثقافي وعلمي وسياسي ومهــني.وإنا أخوض في ذلك اذكر ربي حمدا وشكورا عسي أن يهــدني لأقرب منه رشدا.
مستلزمات إعادة انبعاث الأمة:
ربما يجد البعض تكرارا منا لتلك المسلمات وقد لا يحبذ أن يسمعها لسبب أو لآخر وله رأيه ونجلَّهُ,وربما دعاة هذا التصور للأمــــــــة رغم استلام بعضهم للسلطة قد فشلوا في تطبيق ذلك أو أُفشلوا لسياسات وطنية وقومية خاطئة ما رسوها فأساؤا لهذا الفكر وللوطن وللأمة, لكن تبقى حقــــيقة أن الأمة تمتلك مستلزمات وحدتها ونهوضها حضاريا لتؤدي دورها الإنساني في مشاركة الآخرين في بناء الحضارة الإنسانية,حيث كانت مصدر فـكر وعلم وثقافة وحضارة متكاملة العناصر لأكثر من سبعة قرون منها نهلت الأمم فلسفة وعلما وفكرا وثقافة وضعت أسس ما عليه العـــــالم اليوم من حضارة ,يدركها العالم المتحضر وعنها يتحدث المنصفون باعتزاز وفخر.
من هنا فجهد(كمون) إعادة انبعاث الأمة بوحدة أقطارها يتمثل في:
1-خلفية تاريخية وحضارية أسست على وحدة تاريخية وجغرافية وشعب يتمسك بفكرها وعقيدتها ومبادئها وقيمها.
2-تضم تلك القيم والمبادئ رسالة سماوية يضمها بين طيات سطور آياته كتاب انزله الله محكم الآيات أبانها وفصلها للبشر ابتداء بحمـــــلة الرسالة العرب تفصيلا,لا تأويل ولا تدجيل.
3-لم يفرض العرب أنفسهم على رسالة الإسلام بل الله سبحانه وتـعـــــالى أختار من بينهم نبيا ورسولا رعاه وزكاه منذ الصغر وبيه بشر في التوراة والإنجيل ,بالإمكان ذكرها لكننا لسنا بصدد زج ذلك هنا,كما أن وعـــــــاء الإسلام لغة العرب , وأكد سبحانه على عربية القرآن وعلى انه حـــــكمة عربية ولسانا عربيا مبــينا لا يأتيــــه الباطـــــل من خلفـــــه ولا من بين يديــــه.كما أن الرسول اعتز بعروبته بلا فخر, وحذر من العداء للعرب وربط ذلك بعداء له,حـــــين نبه الصحابي الجليل سلمان الفارسي بذلك.
4-وقد اعتمد الله سبحانه كثيرا مما هو ايجابي في قيم وتقاليد العرب مهذبها من كل ما هو سلبي,فمــــزج إذن بين ما انزله من فـــــــكر رباني مــع ما هو فكر عربي وضعي ينسجم مع منطلقات رسالة الإسلام,فالعـــــرب إذن بلا فخر حملة الرسالة السماوية وحماتها ولغتهم, منبع فـــكرهم, وعـــــاء تلك الرسالة العظيمة ,فهم نواة امة تبعثرت على امتداد الوطـن الذي يحدد لنا اليوم تاريخيا وجغرافيا وطـــنا عربـــــــــــيا ويمــــــكن إثبـــــات ذلك اثربولوجـــــيا وجيولوجيا ,فتلك شعوب جزرية انتشرت بعد الجفاف الذي أصاب جزيرة العرب ,وسكنت تـــــــــلك الأماكن فبنت مــــــدنا وأسست حــــــــــضارات ,يدل على عظمتها ما تركته من آثار قــــــبل سبعة آلاف سنة.والمنصفون يدركون ذلك وعنه يفصحون بلسان مبين.
الأمَّة ُمُوَحَّدةٌ:إيجابياتُها وميزاتُها:
ربما يعترض أحدهم كأني أعطي محاضرة لمبتدئين في السياسة أو ضحالة فكر وثقافة ,وأنا لهم أعتذر إن ظنوا بأنفسهم هكذا ظنون فأقول نعم هـــناك من هو مطلع ويعرف ذلك لكنه أصابه يأس أنظمة تاجــرت بالقضـــــــــية فحصرتها قطريا لصالحها وتناست أهداف من بوساطته توصلت للحــــــكم
وهناك من يعرف ذلك فيظن انه لا يحقق طموحه كأقلية يريد أن يحافـــظ على نسبة يتباهى فيها قد تتلاشى في ظل وحدة امة لأنه يفهم المواطنـــــة تقـــــاسم وطن عنصريا وطائفيا, ولا يقر بهوية وطن تطبعـــه أكثرية كما هو الحال في أمم أخرى في العالم.وأن هوية أي قطر مثبــــتة تاريخيا وان هوية الأمة هي الأخرى ثبتها تاريخ وحضارة ومعارف وعـــــاؤها جميعا اللغة العربية لغة القرآن الموصوفة عربية بوصف رب الخـــلق جميعا بلا محاجة لغوية أو دينية,فالوطن العربي يضم أقــــطارا لها أسماء تاريخــية معترف فيها حضاريا,فالعراق والشام بأجزائـــه ومصر والجزيرة العربية بإماراتها واليمن وشمال إفريقيا بأقطاره الأربعة معروفة,تلك إذن مكونات امة تسكن وطنا عربيا بغض النظر عن أصول الدم. فأمريكا المعتدية تضم51قطرا أو ولاية كما تسمى في كل ولايـــــــة شعـــــــوب من أمم مختلفة لكن المواطنة لأمريكا واللغة واحدة هي الانكليزيـــة وكل مواطن يفتخر انه أمريكيا وأن كان من أقلية من أمم أخرى ولغات مختلفــة,فهل حرام على أمة العرب بكامل أقطارها أن تكون امة لأن فيها أقليات بنسب ضئيلة؟نترك الجواب لمن لديه ضمير ويدرك أهمية وحدة الأمة.لكني مع معرفتي بذلك واحترامي لمن ذكرت يبقى الشعب وهو الأكثرية الصامتة بحاجة إلى تذكير في خضم ما وضع فيه من أحوال أختلط عليه الحابل بالنابل ويكاد يكفر بكل ما عرفه من قيم ظنها تحقق أهدافه وآماله التي سرقها عاهرا سياسة البازار والمزايدات,فأقول نعم بحاجة لأن نذكِّرْ الشعب وأنفسنا جميعا بمسلمات نكرناها لحــــــد اليوم على وطننا وامتنا لأسباب ذاتية وموضوعية,فلوحدة الأمة أو اتحادها إيجابيات لا تحصى أن بنيت على أسس ديمقراطية وحرية وعدالة اجتماعـــــــــــية يبنيها الشعب ويحرسها,وتتمثل تلك الإيجابيات والميزات إيجازا بالآتي:
1-تكامل اقتصادي وتنمية مستديمة ماديا وبشريا.
2-تكامل معرفي وثقافي يعمق الدور الإنساني للأمة.
3-تكامل علمي وتقاني ينهض بالأمة أفقيا وعموديا في مجال بناء المستوى العلمي للأمة نهوضا نوعيا وكميا وتسخير ذلك تقانيا لتطوير قدرات الأمة في امتلاك ناصية العلم وحافات تقدمه لتؤدى دورها الإنساني في ذلك.
4-الدخول في عصر تقانات الاستخدام السلمي للطاقة النووية في جميع مجالات التطور المجتمعي .
5-تطوير جميع مصادر الطاقة غير النفط والفحم والغاز أي المصادر الجديدة والمتجددة بأنواعها المعروفة.
6-تطوير عملية التنمية التربوية والتعليمية والبحث العلمي حيث قدرات الأمة المادية والبشرية.
7-استثمار الثروات الطبيعية للأمة استثمارا عادلا ونافعا بما يعزز قدراتها على التطور والنمو, ويتيح للشعب فرص البناءْ البنَّاء والانغمــــــــاس فيه استغراقا.
8-التكامل الدفاعي محققا أمنا دفاعيا للأمة من خلاله تفرض احترامها على العالم سلميا وأداء وتحد من تجاوز الطامعين فيها وفي ثرواتها خارج إطار التعامل الدولي الشرعي الذي يحقق منافع ومصالح الجميع على قدم المساواة.
9-تحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأمة من خلال استثمار امثل واستخدام تقنيات زراعية وروائية أفضل.
10-تحقيق أمن صحي للشعب أوسع والعمق من خلال بناء مؤسسات صحية ذوات تقنيات صحية تشخيصا وعلاجا متطورة حيث عملية الاستثمار على مستوى الأمة أضخم ماديا وبشريا.
11-إتاحة أمن وظيفي لأبناء الشعب بجميع مؤهلاتهم المهنية ومن ثم الحفاظ على الثروة البشرية نوعا وكما واستخدامها في نهضة الأمة.
تلك بإيجاز ميزات توحيد الأمة,فهل هناك من يشك بذلك لو فعلا توحدت
بنظام يؤمن بقدرة الأمة ويحترم شعبها وعليه يستند ومنه يبني قوانينه وقراراته,ديمقراطي حر, الشعب مصدر سلوكه وعمله.فهل في ضوء ذلك إن حدث لـــم يرَ احــــــــد إن وحــــدة الأمـــــة أو اتحـــــــادهـــا ضرورة حياتية وسيادية وتطورية للإنسان العربي بتوصيف المواطـــــــــــــنة.
ماضي الأمة يوم توحدها:
نحن نعلم جميعا يوم كانت الآمة موحدة تحت قيادة شرعية واحدة ورغم ما رافقها من أحداث طبيعية تمر بها الأمم عنــــد نشوئــــــها في زمن وتحت ظروف مرت فيها ,لكنها استمرت في التقــــــدم والتطور بين أمم كانـــــت تناصبها العداء حتى تبين لها الحق وبدأت تحترم الآمة وتتعـــلم منها عبر سبعة من القرون مكارم الأخلاق وحسن العمل. فكانت حضارتها محط أنظار العالم ففيها ازدهرت المعارف وتطورت العلوم في جميع مجالاتها واتسعت دائرة الفلسفة وكان بيــــــــــت الحكمـــــة جامعـــــة لكل ذلك ثم المدرسةالمستنصرية وكل ذلك كان مصدرا للنهضـــــة الأوربية فالقــــرن السادس عشر ولا زال علماء ذلك الزمن يشار إليهم بالبنان أمثال ابن حيان وابن الهــــــــــــيثم والخوارزمي وابن سينا والرازي والزهراوي وإخوان الصفا والخوارزمي وألبتاني وابـــــــن الجــــــوزي وابن رشد وابن عربي والغزالي وغيرهم كثير.هذا وضع الأمة يوم وحدتها تقدم وتطور واحترام بين الأمم فأين نحن اليوم من هذا يا شباب الأمة؟
الأمة اليوم, الحاضر:
ليس من السهل أن يتحدث متحدث عن واقع حال العراق والأمــــة اليوم دون أن يستحضر وضعهما قبل قرن ونيف من السنين حيث كانـــت الأمة بأقطارها يحكمها أناس باسم الدين من غير العرب فأصابها ما أصــابها من حيف شديد كاد يفقدها هويتها بل أصبحت دويلات أو ولايات أحيانا تتقاذفها نزاعات قومية ومذهبية من خلالها تتصارع قوميات أخـرى لا مصلـــــحة للأمة العربية فيها و خاصة ما كان يدور بين الفـرس والعثـــمانيين فزرعا في نفوس الشعب العربي كل ما هو مسيء للأمة,وقد استــغل ذلك الفــرس بكل جدارة عنصرية نعيش تبعاتها اليوم في العراق بخاصــة وفي بقـــــية أقطار الوطن العربي بعامة.وقد امتدت تلك الحـــــــــقبة قــرونا عديدة بين 1258و1504 لعب المغول والتتار دورا مخــربا كبيرا وكذلك البويهيون والصفو يون ثم العثمانيون ,فخليط من ثقافات بخلفـيات تجمع بين الوثنية وعبادات دنيوية وضعية اختلطت طقوســها مع نسك الديــــــــن الإسلامي الحنيف عبر مذاهب تدعي اجتهادا وتطورا.أنا اذكر ذلك لكي أبين حــجم التلوث الذي أصاب فكر الأمة وتراثها,ومع ذلك فقد وعى رجالات الأمة وقياداتها ظلم الدولة العثمانية وسياسة التتريك فشكلوا جمعـــيات ونوادي تطالب برفع الظلم ووحدة الأمة و خاصة في المشرق العربي,فتمكنوا من خلق حركة وعي التف حولها مثقفون وضباط ورجال عشائر, وتعـاونوا مع الحلفاء بوعد ٍفحـــــــواه دولة عربية موحدة ,لكن الحلفاء خانوا العهد والوعد وقسموا الأمة إلى أقطار وضعــــت تحت انتدابهــــــم حتى نهاية الثلاثينات ومنتصف الأربعينات جعلوا منها دويلات شبه مستقلة ترتبط بهم باتفاقيات سياسية واقتصادية ودفاعي مجحفة,كما زرعوا وتدا بين المشرق العربي ومغربه لإعاقة أيَّ توحُّدٍ مستقبلي ألا وهو وتد الكيان الصهيوني,أو على الأقل لوقت محدد.وقد امتد نفوذ دول الاستعمار حــتى اليوم بشكل أو بآخر حيث بني له أسسا من البشر الذي يؤمن بفضله ويعمـــــــــل طابورا خامسا له أو مؤسسات خادعة للشعب العربي مثل جامعــــة الدول العربية التي وجدت عام45والدول العربية خاضعة عمــــليا لتلك الدول المستعمرة فلنتصور أهمية تلك الجامعة إذن. وكذا الحـــال في المغرب العربي حيث استعمار استيطاني غاشم استمر عشرات السنين.
من هنا ماذا يتوقع المحلل المنصف من خلفية كهذه يمكن للعرب أن يفعلوا ما وجب فعله من اجل الأمة والأقطار التي نُصِّبوا عليها حكاما لا يخالفون للمستعمر امرأ؟ الجواب واضح فقد اوجـــد المستعمر البريطاني والفرنسي حالة عربية جعلها مزرعــــــــة من بصل ,الكــــل رؤوس ولا حــلا وسط والشعب يعاني سيئات سلوكهم.
وقد مرت تلك الحالة بادوار وأطوار عبر أكثر من قرن ,شابتها انتفاضات وتغيرات بعضها ايجابي تآمر عليه أذناب الغرب وبعضها سلبي لم يضف لعملية التغيير شيئا ,وبعضها تمكن من إحداث تغييرات ملموسة مهمة لكنه لم يحافظ عليها حيث فقد الموازنة بين الطموح والممكن بل وضع نفسه في زاوية لم يتمكن الخروج منها ففقد المرونة الثورية فسقط في هاويــــة تآمر لسقط متاع شعوبــية وقوى دوليـــــــة غاشمة وغباء سياسي ونزوة فردية قاتلة,فانتقل العراق والأمة إلى مرحلة جديدة اختلط فيها ما هو باطل بالحق يرعاها عهرٌ دولي ويقف أمامها حكام أصنام لا يسمعــــــون للشعب صوتا وأقليات مع الأسف وجدت ضالتها خطأ ًفي هذه الحالة المريضة للإجهاض على أوطان وأمة رعتهم عشرات القرون.فالوضعُ اليـــوم يمثل تناقضا بين أقطار الأمة وعمالة لبعض مكونات الأقلــــيات لدول أجنــــــبية على أسس طائفية أو دينية أو أثنية. حتى سمحت لتدخل أجـــــنبي سافر وتركوا هوية العراق ويسمون أنفسهم تسميات طائفية أو عنصرية مخلة بشرف المواطنة لوطن تاريخي مثل العراق ولأمة خدمت العالم قرون عـــــديدة يا ليتها من مواقف لا أخلاقية نعيشها اليوم عربيا وعراقيا,إنه انقلاب على كل ما في العروبة والإسلام والأديان الأخرى من قيم.فأي مستقبل نتوقع إن استمر هذا الحال يا أحرار؟
المنظور المستقبلي للأمَّة:
لو أسقطنا ما مرَّ مِن تحليلٍ, واسترجاعٍ لمــــــا مرَّتْ خلاله الأمـــــة من صعود ,ونهوض, ومن نكوص, ثم خبوت ,ثم تأرجح تموجيا, أي كأنـــها موجة تمرُّ في أوساطٍ متنوعات الكثافة, لكنها بسبب خلفيتها الغنية فكــــريا وعقديا وعظم رسالتها التي حمَّلها إياها رب العالمين لا تسمح للظـــــروف لأن تضَمْحِلْ دورها ,بل دائمــــا تثبُ مسترجعــــة دورهــــا التــــــاريخي الإنساني الحضاري من جديد,من هنا ,وهذا يصح علميا, فأن ما تـــعيشه الأمة اليوم من خلال ما يجري في أقطارها من هبَّاتٍ تغييريه ولا اسميها ثورات لأن العلم لا يسمح لتـــــلك التسمية في تلك المرحلة,كما أن أسلوب انطلاقتها وما ظهر من وسائل مشبوهـــــة خلفها وإن لم ينتبه إليها الشباب المتمرد على واقع فاسد وحكم جائر وتعسف بمقـــدرات جــــــــيل الأمــة الحاضر والقادم وتأثيره على تحديد معالم مستقبل الأمة وأقـــــــطارها هو الآخر يطلبُ مِنَّا التريُّثَ لدراستها بعمق, ودراسة أسباب تبنيها من أمريكا والغرب ,رغم إن الأنظمة التي أُسقِطَتْ هي من اصــــــدق أصدقاء أمريكا والغـــــــرب,وهنا لا أريدُ القول أنَّ الأنظمة سليمة المنهـــج والنهــــج ولا يتطلب الأمرُ أن يثبَ الشبابُ لإحداث التغيير والوصول إلى مرحلة الثورة حيث التغيير الجذري والشامل وإرساء حكم ِالشعبِ.لا شك ليس لدينا اليوم على مستوى الوطن العربي أنظمة لا تستحق التغيير, لكن المهم هو كيفية حدوث التغيير خاصة ونحن مررنا بتغييرات جــــاءت على وفـــق مبادئ تؤمن بالشعب وبحقه في اختيار أسلوب الحكم لكنــــــها مع الأسف جعلت نفسها وصية عليه فوقعت في الخطأ وأساءت للمبادئ وضيعت فرصـــــة تاريخية للوطن وللأمة.نعم كما لاحَتْ معالم التغيير بعد هزيمـة الجيوش العربية أمام عصابات الصهيونية في فلسطين عام1948عقابا لأنظـــمة خانت الحرب وخانت تلك الجيوش قيادة وعتادا وتواطئا مع بريطانيا فجاءت ثورة 23 تموز 52في مصر و14 تموز58في العراق وتبعتها تغييرات في اليمن وفي سورية توجت بوحدة بين مصر وسورية في 22 شباط 58ثم تغيير في ليبيا لكنها تغييرات عسكرية رغم بعضها خلفها فكر قومي واضح النظرية فكرا وعملا,لكنـها جوبهــــت بتآمر رجعي عربي وغربي ولم تتمكن من الثبات على المبادئ ومن ثــــم توسيع دائرة التوحد العربي بل بعضها تآمر مع الغرب والرجعية العربية على أول نواة لوحدة عربية,كما أن تلك الأنظمة في ظرفها لم تطور نظام حكم ديمــــــقراطي يعطي للشعب دوره في حماية منجزاتها بل كانت وصيـــــة على الشعب
فأوصلت الأمَّة إلى حالة من ترهل سياسي يعبث بين طــــياته كل مفسد وطفيلي,وبعد انتكاسة 5حزيران67غرقت الأمة في وحل أنظمة لا تدري ما تفعل غير تمسكها في حكم أيًّا كان شكله كما يقال,وكان هناك أمل تحقق عام 1968حيث تغيير في العــراق يقـــوده فكر قومي معروف لكنه حجم في العراق وأنجز انجازات كبيرة خلال 35عاما رفع من معنويات العرب في دحره للعدوان الفارسي وحقق طفرات علمية واقتصادية لكنه لم يحقق ولو جزئيا فكر البعث في الوحدة والحــرية فوضع نفســــه في ظروف لا مبرر لها فضيع كل شيء لفئات طائفـــــية وانفصالية وعرض العــــراق للاحتلال.أنها النفس البشرية الأمارة بالسوء ركبت تلك القيادة ولم تترك لها حرية التفكير السليم والعمل الرشيد فتلبدنها عناصر حب السلطــــــة والجاه والمنافع الذاتية فوقعت في خــــندق التآمر على الوطن والأمــــة من قبل أعداء لها وللأمة بعضهم انفصالي وآخر عميل لدول عدوة للعراق وللأمة زاجة نفسها في مواجهة مع كــبار الاستعمار العالمي المتربصين بالعراق وبالأمَّة العربية طمعا استراتيجيا وثروات طبيعية غـــير مدركة لإبعاد ما سيحدث وبنا تتربص إيران وعملاؤها في العراق وعندها من فئات طائفية حقودة.أنها مأساة وطن وضياع أمة.
من هنا علينا جميعا أن نتوخ الحذر ونتبع الدقة في تحليلاتنا السياسية لما يحدث وما سيحدث من هبات شعبية هنا وهناك, ومدى قرب أو بعد أعداء الأمة منها.
والآن نتناول بإيجاز وبموضوعية إحداث ما لقب بالربيع العربي من قبل دوائر هي في الواقع من أعداء أي ربيع عربي حقيقي فيه تتفتح أزهار العرب بنقاء على عالم للعرب فيه دور متميز كما تفرضه أحـــــقية أمة العرب في ذلك.واليوم(25مايس) نسمع أن الدول الأوربية أو مايسمى بالدول الثمانية تقرر دعم الربيع العربي بخمسة وثلاثين مليـــار دولار أمريكيا, يا لها من مكرمة لوجه الله وحبا بشباب ثورات ربيع العــرب
كما أننا نطلع على تقارير ومحاضرين لجهات أمن ومخابرات أمريكية
تتحدث عن خطط وضعت منذ سنتين لإثارة الشباب عن طرق التواصل الاجتماعي وتحت رعايتهم وتوجيههم كأفضل طريقة للتخلص من أنظمة أصبحت مكروهة شعبيا رغم عمالتها لأمريكا استبـاقا لما قد يحــدث من تغييرات معادية لهم وللكيان الصهيوني.فكيــف إذن يُطْــــمَأنْ لتلك الوثبات يا ترى؟ أنها حالة تتطلب موقفا واعيا من الشعب ونخبه الطليعية وإلا فإن الغرب بزعامة أمريكا سيرسمون مستقبلنا كما رسمه لـــــــنا الانكليز قبل قرن,فما يحدث في ليبيا اليوم هو تدخل سافر لا يجــــــوز تبــريره بسبب حاكم معـــتوه وعلى الشعب الليبي أن يتعظ بما حــــــدث في العراق وأن يسقط النظام بنفسه وإلا فلا حاجة لنظام يأتي على أشلاء الشعب وبدعم أجــــنبي مغرض,كما أنه مطلوب منا أن ندرك خطر التمدد الإيراني ونعي سعيـــه لزعزعــــة الأوضاع في الوطــــن العربي طائفـــــيا تحت يافطة حقــــوق الشعب وهي تقهر الشعب على أرضها.في ضوء ذلك كيف نجنب مستقبلنا كعراقيين وكأمة من ألاعيـــــــب المعسكر الغربي والحركــــــــة الصهيونيــــة والتمدد الفارسي؟ في رأيي المــتواضع يتطلب ذلك الآتي:
1-أن نلم بخلفيات ما سبق من تخطيط امبريالي صهيوني للوطن العربي ابتداءً بمؤتمر هرتزل عام 1896 في بازل وما انبثقت عنه من قرارات وتوصيات تتعلق بتطلعات الصهيونية في الاستحواذ على فلسطين دولة لليهود.
2- أن نطلع على مقررات مؤتمر وزراء خارجـــــــــية بريطانيا وأوربا عام1902حيث فيه اتفقوا أن الأمة العربية هي الأمة المرشحة لمجابـــهة الغرب وتطلعاته غير الشرعية مستقبلا وخاصة وحدة الأمــة العربية في الوطن الممتد بين الخليج العربي والمحيط الأطلسي لما تمتلكه من ثروات بشرية واقتصادية ومصادر طاقة عصب التـــــــطور الحضاري عالميا.
3-دور بريطانيا في إنشاء وطن لليهود المتوطنين عالميا على امتداد العالم
على حساب الشعب العربي في فلسطين حيث وعد بلفور عام 1917وزيرخارجـــية بريطانية آنذاك لليهود بإنشاء وطن لليهود في فلسطين وذلك بتأثير عائلة روثجايلد الصهيونية المليونيــــــــة الثروة آنذاك حيث دعمت بريطانية ماديا أثناء الحرب العالمية الأولى عام 1914م.
4-ذلك ضروري لكي نفهم ونتوقع بدون استغراب ما نسمعه ونقرأه من تقارير تخطط لوضع الوطن العربي تحت مراقبتهم تطورا وجعله يتقدم على وفق مخطط الحفاظ على مصالحهم بغض النـــــظر عن طموحات العرب في التطور والتقدم,أي أوصياء على الأمة العربية وخلق معوقات توحدها عن طريق زرع كيان غريب معاد للعرب بين مشرق العــــرب ومغربهم, وقد نجحوا عمليا بإيجاد الكيان الصهيوني ودعمــــه بكل قوة اقتصاديا و عسكريا.
في ضوء الملاحظات الأربع أعلاه يتطلب من أي مفكر موضوعي ومثقف مخلص للوطن والأمة أن يضع في ذهنه حقيقة تلك الثــــــــوابت التاريخية سياسيا التي على أساسها تضع أمريكا والدول الغربية ومن خلفهــــم حركة ماسو نية أوجدتها الحركة الصهيونية خططا لتحقيق أهداف الصهـــــــيونية بالسيطرة على القـــوى العالمية الفاعـلة. فلا يجوز له أن يُفاجأ حين يطلع على تقارير تتـــحدث عن ذلك.بل عليه أن يفــــــكر في مجابهتها بخطـــط مضادة ويجــــــــــلب انتــــباه الشعب للتـــــصرف بحـــــذر موضــــحا له أساليب التعـــــامل ,لا أن يروج لها لخـــــلق حالـــــة العجز عند المواطن وبث اليأس بين صفـــــوف الشعب,كما يمـارس بعــــضنا تلك السلوكيات اليوم وأحيانا بتشفي وكأنـه ليس مواطنا للوطن أو الأمة.ربما بعضنا يعزي موقفــــه هذا نتيجة موقف معاد لنظام ما وربما هو على حق لكنه ليس من حقه كمواطن أن يقف سلبيا تجاه أمور تعد مصيرية للأمَّة والوطن.
من هنا أرى الآتي:
1-على مستوى الوطن العربي,
أ-مطلوب موقف ينم عن مسئولية عالية تجاه رصد الأحـــــــــداث الدولية والإقليمية والعربية وذلك من خلال دراستها بوعي وبموضوعية وأن لا نقع تحت طائلة توجهات تبدوا حقا ظاهريا لكنها تبطن ما لا تحمد عقباه تجاه أوطاننا وامتنا.
ب-أن نبتعد عن سلبيات الماضي التي زرع بذورها في خلفيــــــاتنا نفسه الاستعمار الذي يدعي اليوم حرصا على حقوق الإنسان في أقطارنا وذلك لتعميق شحنات التنافر بين أبناء الأمة وأبناء الوطـــــن الواحد وهو الذي سحق الإنسان وتطلعاته في امتنا ودول نامية أخرى عبر استحواذه على مقدراتها السياسية والاقتصادية بصورة مباشرة.
ج-نجد أرضية نضالية موحدة الأهداف باتجاه وحدة الأمة كمنقذ للوضع الذي نحن عليه اليوم من ذل وخنوع لقوى الشر الأجنبية دولية وإقليمية.
د-نبتعد عن السلبية في بعض مواقفنا تجاه ما يجري من أحداث على ساحة الوطن العربي لأي سبب كان فالنتائج السلبية لها ستشمل الجميع ولا ساعة للندم عندها,فلا وقت للشماتة بل عمل موحد ومنسق من اجل إنقاذ الأمة.
ه-العمل على قيادة توجه الانتفاضات التي تحدث في أقطارنا العربية بعيدا عن الوصاية, بل تفاعل وقيادة نحو الهدف الصحيح الذي يصب في خدمة مصلحة الأمة بعيدا عن تدخلات الغرب الفضولية ذات الإغراض السيئة.
2-على مستوى العراق:يمثل العراق أوضح مثل لخطأ بل خطيئة تاريخية يرتكبها إنسان وبعض عناصر الشعب التي ربطت مصيرها مع أجنــــبي لأسباب طائفية أو عنصرية انفصالية,فالنظام كان وطنيا شرعيا ولا شك بدأ بخطوات جبارة لبناء الوطن من خلال تأمــيم ثروات الوطن وفرض سيادته عليها وطرد الشركات الاحتكارية وبدء خطة تنموية انفجارية في جميع مناحي الحياة ومن ثم ميــــــــثاق عــــمل وطني وجبــهة وطنــــية وقومية تقدمية لا ينكرها إلا من هو غــــــارق في ضـــــلالٍ لمخــــلـفات الماضي.تلك المخلفات التي علينا تجاوزها لأننا كما قلت أكثر من مقالة أو شعر جميعنا شارك فيها بحسب ما أتاحت له فرص المراهقة والجهــــالة أحيانا عدى من نعرفهم من هم غرقى في انتمائهم للأجنبي أما طائــــــفيا أو عنصريا أو بائع لنفسه للاجني لغايات انفصالية غـــــير شرعــــــية وهم سياسيون حمقى تهمهم مكاسب عائلية وسلطة حـكم ظــهرت للعـــيان اليوم في ظل المحتل.فقد خلق مثلث الطائفية والانفصالـــية وتزمت القيادة تحت ضغط سلوك هؤلاء الذي وصل إلى مستوى خيانة وطن بالوقوف في صف عدو أجنبي واضحة أهدافه التوسعية تجاه الوطن والأمـــة وبخاصة خلال العدوان الإيراني على العـــــراق في 4 أيلول 1980م ولا أريــــــد الخوض في التفاصيل حيث مربض الشياطين,إنما أردت التذكير عسى بعد أن رأينا سلوكية هؤلاء مع الاحتلال وتحته يدرك البعض حقيقتــــهم ولماذا النظام الوطني كان شديدا معهم يلومه البعض على ذلك,ولا شك أنا ألومه على الأسلوب الذي سحبه إليه هؤلاء العملاء ولم يتمكن من الخروج منه وهو المقتدر.على كل حال حدث ما حدث والكل مساهـــم بما حدث بحسب مستوى المساهمة الذي أتيح له. عليه فالمطلوب حفاظا على العراق العظيم
أن نعمل الآتي:
1-تجاوز مخلفات الماضي التي تثير الأحقاد والعمل تحت مظلة العراق الموحد وطن الجميع لا طائفية ولا عنصرية ولا عمـــــالة لأجنبي طامع.
2-احترام حقوق الإنسان بعيدا عن ممارسات لا تليق بإنسانيــــة الإنسان
3-احترام حرية العبادة لجميع الأديان وممارسة طقوسها في مواقع العبادة بعيدا عن فرض أي دين وطائفة طقوسهما على الآخرين بأساليب تفوقــيه تعطي سمة طائفية للعراق.ويجب عدم تجاوز النظام في العراق ,أي نـظام ,مستوى ما هو متفق عليه دينيا بعيدا عن اجتهادات المذاهب في التفاصيل التي تجلب المشاكل لوحدة الوطن,وتترك تلك الممارسات لمعتنقيها بعيدا عن مسئولية الدولة,ويكون النظام والدولة محايدين أمام جميع المـذاهب فالنظام والدولة للجميع بلا تمييز.
4-على المثقفين والمفكرين غير الخاضعين لأطروحات طائفية وعنصرية ,حماة وحدة العراق ,أن يضعوا خريطة طرق لتخليص العراق من وضعه ألاحتلالي والطائفي وسرقة الأموال العامة, أن يعملوا الآتي:
أ-نبذ الاحتلال وعمليته السياسية الطائفية والعنصرية ومقاومتهما بكل الوسائل المتاحة شرعيا وطنيا ودوليا.
ب - تبني ثورة جماهير وشباب العراق مشاركة ودعما وحمايتها من دعاة أنصاف الحلول الذين أتوا مع الاحتلال صحفيين ودعاة ثقافة إعلاميين معروفة وجوههم.
ج-تشكيل قيادة شبابية تلتف حول هدف الثورة المتمثل في طرد المحتل وإقصاء عمليته السياسية العميلة للاحتلال ومحاكمة أقطابها بتهمة جرائم حرب وفساد مارسوها خلال السنوات الثمانية المنصرمة عراقيا ودوليا.
د-تكاتف القوى والتيارات الوطنية سياسية وفكرية واجتماعية لم تتلوث أياديها بدماء الشعب ولم تأتي مع الاحتلال معتبرة إياه تحريرا, واضعة لها ميثاق شرف للعمل من اجل تحرير العراق واحدا موحدا يحفظ لكل مواطن مخلص حقوقه كاملة بلا تعصب قومي أو ديني أو مذهبي.
ه- التأكيد على الهوية العراقية للمواطن وعلى الهوية العربية للعراق.
و-أن تعتبر الوثبات العربية الشعبية محط اهتمامنا ,علينا التفاعل معها ايجابيا على أساس وطني وقومي ,لا مجال لتفاعلات طائفية مع أي تحرك على أسس طائفية مشبوهة.
ز-عدم الوقوع في شبك الإدعاءات الإصلاحية التي تطلقها العملية السياسية العميلة فلا إصلاح يأتي من مستنقع للفساد وسوء الأخلاق
وسارقي المال العام.
الاستنتاج
إن مشكلة الأمة عموما ومشكلة العراق خصوصا شائكة التعقيدات لأسباب لا تخفى على كل مفكر حقيـــقي ومثقف ملتــزم يهـــــــتما بشؤون الشعوب وعندهما متابعات لعمليات تطور الأمم ومجتمعاتها
فكلما كانت الأمم أمما تاريخـــــــــــية بمعني من صانعات التاريخ الإنساني وتمر بمراحل نهوض ونكوص وهي ساحة لتفاعل شعوب على أرضها لا بد أن تتكون في مجتمعها موحـــــدة تكوينات فئوية قومية التوجه أو الدين أو الطائفة فأحيانا تنكر على الأمة حقها في هويتها وفي وحدتها لأنها تتقوقع حول ذاتيتهـــــا وقــد يحركها أما شعورها بنقص بالحقوق أو تحت تأثير محفزات لا شرعية تدفعها إليه قوى أجنبية لإحداث عدم استقرار في الأمــــــــة, ولا شك في مجتمعات متخلفة عبث فيها استعمار وتسلط عليها حكم جائرلابد أن تقع بين فئات مجتمعاتها احتكاكات يغذيـــــــها المستعمر للهيمـــنة عليها وهذا ما قدحدث عمليا في امتنا وفي أقـــــطارها عبر قرون مما يتطلب إدراك ذلك بوعي وعدم الوقوع سلبا تحت تأثير مخلفاته بل علينا أن ندرك ما يهم الغرب تجاهــــنا امة ووطنا وعلى وفقه نحكم التعامل الايجابي بيننا ونسد الثغرات أمام تدخلــــه بيننا لشق الصفوف والوقوع في دائرة التنازع وفسح المجال له ليلعب أدواره الخبيثة.فالحق بيِّن والباطل بيِّن ولا يجـــــوز لنا العمـــل في ساحة الشبهات.فمن يتبع ما تشابه من الأمور فأولئك هم المفسدون للوطن وللأمَّة.كما علينا أن ندرك جميعا أننا مهما تقوقعنا حول قطريتنا فأننا بأمس الحاجة إلى امتنا موحدة أمنا واقتصادا وعلما ومهابة,إن ليس لجيلنا اليوم بل لأجيالنا القادمة.فالقــــــضية مسئولية تاريخية وليست نزوة سياسية.مالخصناه في فقرات سابقة يعبر عن شعور إنسان تجاوز السبعين وهو يأمل خيرا للأمة وللعراق غير طامع بأي موقع سياسي, غير حرصه وهو قد يودع إلى رب كريــم أن يرى وطنا وأمة يسودهما ويسود شعبهما الوئاء والتمسك بوحدتهما من خلال نظام حر ديمقراطي ,عنده الإنسان قيمة مكرمــــــة كما كرمه من خلقه, وله حق اختيار نظام حكمه الملتزم بقيم ربه ثم أمته بعيدا عن خزعبلات المشعوذين وهرطقة الغرب المغرضين. وبالحق على الله نتوكل وإياه نستعين آمين.