المكتب الاعلامي
عدد المساهمات : 3050 نقاط : 60693 تاريخ التسجيل : 14/10/2010 الموقع : http://www.ashairjanob.com
| موضوع: خنق العراق ... سوء الجوار وصمت الداخل الأربعاء يونيو 01, 2011 6:17 pm | |
| مع تواصل القصف الإيراني لمدن حدودية في شمال العراق ، ومع تدخل تنفذه مليشيات تم تسجيل ولادتها في المعسكرات الإيرانية ، للقتل الأعمى الذي لم يوفر مدينة عراقية إلا ومر فوقها ، ومع تفنن إيراني في محاولة إلحاق الأذى بالفلاحين العراقيين نتيجة لسياسة قطع المياه من الأنهار المشتركة التي تسقي ملايين الدونمات في محافظات الوسط والجنوب المحاذي لحدود العراق مع إيران ، ومع الجفاف القاسي الذي أصاب أهوار العراق الحدودية وكذلك الاعتداءات المتكررة على المياه الإقليمية العراقية وملاحقة الصيادين العراقيين أثناء عمليات الصيد في مياه بلدهم ، كانت الحكومة تقف عاجزة عن تحريك هذا الملف الساخن وخاصة مع وقوع ضحايا وخسائر لا يمكن الصمت تجاهها أو القبول بها ، لاسيما وأن هذه الحكومة تطرح نفسها بمناسبة وغير مناسبة على أنها تمثل إرادة الشعب وأنها جاءت بطريق شرعي وعبر صناديق الاقتراع ، ولكن وفي كل الاختبارات التي واجهتها ، فقد أخفقت إخفاقا ذريعا ومخجلا وغير مسبوق سيسجل باسمها إلى الأبد وينسف كل ما تطرحه من مزاعم عن تبنيها لقضايا البلد والدفاع عنها أمام التهديدات والأخطار الخارجية .غير أن ما يتعرض له العراق من محاولات خنق منظم لم يكن العدوان الإيراني أبشع صوره ، فهناك عدوان منهجي على سيادة العراق وحقوقه في أراضيه ومياهه الإقليمية ، وعلى حصة العراق القانونية الثابتة في مياه دجلة والفرات وما تقيمه الحكومات التركية المتعاقبة من سدود كبرى خروجا على الأعراف الدولية ومبادئ حسن الجوار للسطو المنظم على الجزء الأعظم من حصة العراق من المياه خلافا لما رسمته الاتفاقيات الدولية الخاصة بتقاسم مياه الأنهار المشتركة ، وهذا يجعل من العراق في وضع البلد المستضعف من قبل كل بلد يشعر أن لديه عقدا قديمة من الذل معه وتحتاج إلى تنفيس ، سرعان ما يستغل الظرف العصيب الذي يعيشه العراق تحت ظل الاحتلال الأمريكي وما تركه من تداعيات على منظومة الدولة التي تعرضت للتدمير وكذلك منظومة المؤسسات الرسمية من جيش وأجهزة دولة مختلفة ، ولهذا نرى أن كل طرف لديه قضية عالقة مع العراق ، فإنه يقدم على اتخاذ التدابير والاجراءات المخالفة لقواعد القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين الدول سواء ما يتعلق بقضايا الحدود وضبط الأمن على جانبيها أو قضايا المياه أو الثروات الطبيعية والتجارة البينية أو الإقليمية والدولية ، ومع ذلك فإن من المؤسف بل المخزي أن تتم الاستهانة بحقوق العراق بهذا الحجم وهذا المستوى المهين دون أن يصدر رد فعل من جانب الحكومة يعيد للمواطن شيئا من الثقة بقدرة البلد على حماية مصالحه من محاولات السطو التي يتعرض لها بصورة منتظمة دون رادع من قانون او قوة أو أخلاق .ولكن لخاصرة العراق الجنوبية خنجرا غادرا ومسموما آخر يعمل بمنهجية وتكامل مع إيران وتركيا لخنق العراق من جهاته الثلاث ، وخاصة بعد أن أستأسدت الثعالب على السباع في الزمن الرديء ، نتيجة لتخطي مجلس الأمن الدولي لحدود صلاحياته واختصاصاته حينما تدخل بدفع أمريكي وفي أول سابقة من نوعها لترسيم الحدود العراقية مع الكويت على خلاف إرادة العراق وعلى خلاف الحقوق الطبيعية للعراق وعلى خلاف حقائق التاريخ والجغرافية في المنطقة ، مما أوجد بؤرة توتر قد لا تتفجر الآن ، ولكنها مرشحة أن تكون كذلك في قادم السنين حينما يعود العراق دولة ذات سيادة حقيقية وقوة سياسية واقتصادية وعسكرية تتناسب مع مكانته وتاريخه وحاجاته في الدفاع عن نفسه ومصالحه وأمنه الوطني . لقد تجاهلت الكويت مصالحها الخاصة قبل أن تتجاهل مصالح العراق ، حينما قبلت بالحدود التي فرضها مجلس الأمن على العراق ، وحشرت العراقيين في زاوية القبول المؤقت والمفروض بالقهر والضيم والظلم ، انتظارا لزوال الوضع الدولي الشاذ الناشئ عن اختلال توازن القوى وانفراد الولايات المتحدة بالصعود إلى قمة مركز الاستقطاب الدولي الوحيد في العالم ، والكويت قطعا لم تتعلم من دروس الماضي بأن العراق ومهما طال أمد كبوته فإنه كالعنقاء يبعث شامخا كبيرا قويا من تحت الرماد والركام ، ليسترد حقوقه كاملة من كل من اغتصبها وربما سيدفعهم إلى طلب العفو والمغفرة لما ألحقوه به من حيف وظلم وهضم ، ولو أن الكويت حرصت على المحافظة على ما حققته من اعتراف رسمي عراقي سابق بكيانها لكان حريا بها أن تتجنب الاستقواء بالولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الغربي وقرارات مجلس الأمن التي فرضتها واشنطن على المنظمة الدولية ، ولكان حريا بها أن ترفض أن تمنح لها تلك الجهات مكاسب أكثر مما تستحق ، فمن يسعى للمستقبل عليه ألا يتعلق بروح الانتقام الجبان بأيد مستأجرة من الخارج هو غير قادر على ضمان وجودها إلى جانبه في كل وقت ، وحين تأزف ساعة استرداد الحقوق السليبة ستترتب لها حقوق مضافة على وفق ما جناه اللصوص من سحت وكسب غير مشروع .وإذا ما قرأنا ملف ميناء ( مبارك ) الذي باشرت الحكومة الكويتية بإنشائه في جزيرة بوبيان والذي يراد منه أن يكون انشوطة على عنق العراق ، فإننا سنجد أن الحكومة الكويتية تتصرف بأعلى درجات الغباء وانعدام الحكمة والكياسة والاستفادة من دروس الماضيين البعيد والقريب ، وأنها تتجاهل مصالح الكويت قبل مصالح العراق ، لأن الضرر الذي سيلحق بالعراق سيكون مؤقتا مهما طال أمده ، وأن الكويت هي التي ستدفع ثمنه من استحقاقات وضعها القانوني والسياسي ، فالضعف لم يكن في تاريخ العراق وتجاربه السابقة إلا لحظة عابرة من عمر الزمن ، وسيندم كل من حاول أن يمد يده في عرين أهل العراق .إن الكويت التي تمتلك شواطئ طويلة كان بإمكانها أن تختار أية بقعة من أرضها على طول ساحلها لتقيم عليها ميناءها ، إن كانت حقا بحاجة لميناء آخر وهذا الأمر لا يرتبط قطعا بحقوق السيادة لأن السيادة تتوقف عندما تتعرض سيادة الآخرين للتهديد ، ولكن طول سواحل الكويت أخذت الشيء الكثير من حكمة حكامها وعقولهم وقدرتهم على تبين مصلحة بلادهم ، فاختاروا موضع الجرح في جسد العراق وقرروا اقامة هذا الميناء فيه ولو كان فيهم عاقل واحد لما وقع اختيارهم على بوبيان حيث تكمن آلام الماضي القريب والولادة القيصرية للكيان الكويتي ، فالأصل أن هؤلاء الحكام وبنزق المراهقة السياسية اختاروا أن يوجهوا رسالة للعراقيين أن صلابة موقفهم في رفض الاعتراف بالكيان الكويتي كان موقفا صائبا يعطي جهل حكام الكويت الأدلة المستمرة عليه كل يوم .إن ما يتعرض له العراق والعراقيون من محاولات لإذلالهم داخل وطنهم من دول مجاورة ومن حكومة ضعيفة ، لا بد أن تحين فرصة الرد عليها بأيد عراقية ، وأن مثلث السوء المجاور للعراق من الشمال والشرق والكويت ، لن يتمكن من فرض مشروعه عليهم مهما تعكزوا على الدبابة الأمريكية واستظلوا بطائرات الشبح ، فالوجود الأمريكي الذي دفع ثمنا باهظا بفعل السواعد العراقية ، لن يدافع إلى الأبد عمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه ولا يتمكن من حماية حدوده لبضع ساعات ، ولكن ما يثير الألم أن مواقف الحكومة ظلت جالبة لمزيد من الأسى والحزن والذل لأنها لم تتخذ الموقف المطلوب ، ويبدو أنها تلقت رسالة من الولايات المتحدة مفادها أن التمديد للقوات الأمريكية هو طريق الخلاص من أزمات المياه المزدوجة ومن التطاول الكويتي على عملاق المنطقة السياسي والاقتصادي وحتى العسكري وإن طال الأمد ، ولكن للعراقيين قراءة أخرى لكل المشهد ، والتي تقول إن حقوق العراق لن يستردها إلا أهله وهم يعرفون طريق الوصول إليها إن لم تعترف بها العصابات التي تطلق على نفسها اسم الدول . | |
|