عندما حان موعد مناقشة فقرة أزمة ميناءي «مبارك الكبير» ونظيره العراقي «الفاو الكبير»، مع كل من وزير الخارجية هوشيار زيباري وزميله وزير النقل هادي العامري، منع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الكاميرات التي كانت تنقل الجلسة الوزارية على الهواء مباشرة في ساعة متأخرة من ليل أول أمس الأربعاء.
وطبقا لمصدر حضر الاجتماع الذي نقلت وقائعه عبر شاشة التلفزيون لعدد من القنوات، فانه كان من المفترض ان تتم مناقشة موضوع آزمة الموانئ بين العراق والكويت على الهواء مباشرة وتنقل المداخلات للرأي العام.
المصدر الحكومي، أكد لـ«الراي» أن «شيئاً ما حدث بين وزير الخارجية هوشيار زيباري ورئيس الوزراء، ألغي بموجبه بث هذه الفقرة تلفزيونيا».
الغاء مناقشة هذه الفقرة، رغم قرار «مفاجئ» للمالكي أصدره قبل أيام ووجه فيه بنقل اجتماعات مجلس الوزراء على الهواء مباشرة، يدل على حقيقة تفاقم الأزمة مع الكويت رغم نفي مسؤولين كبار في كلا البلدين وجود أي توتر بين الجانبين.
ولم يتسن الحصول على تفاصيل الحديث الذي جرى داخل قاعة الاجتماع حيال ما بات يعرف بـ «أزمة الموانئ»، ولم تنفع المحاولات المتكررة التي حاولت فيها (الراي) الاتصال بوزير النقل أو أي مسؤول في وزارة الخارجية العراقية، لتوضيح الأمر بسبب عدم ردهم على الاتصالات الهاتفية.
المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، أكد في تصريح مكتوب ومقتضب تلقت (الراي) نسخة منه أمس الخميس، ان بلاده بحاجة الى معلومات تفصيلية عن (ميناء مبارك) من الكويت.
وقال الدباغ، ان « مجلس الوزراء ناقش موضوع انشاء ميناء مبارك الكويتي وتأثيره على خطوط الملاحة البحرية التي تصل للموانئ العراقية، واستمع الى شرح تفصيلي من الوفد الفني الذي زارَ الكويت أخيراً والمكون من ممثلي وزارتي الخارجية والنقل بالتنسيق مع الأمم المتحدة».
وأضاف، أن « المجلس انتهى الى حاجته لمعلومات تفصيلية اضافية عن الحدود البحرية لمينـاء مُبـارك، وذلك لتكوين فكرة واضحة عن التأثيرات المتوقعة والمحتملة على الملاحة البحرية من الجانب الكويتي».
وفي وقت تصاعدت فيه حدة التوتر بين البلدين، على خلفية عزم الكويت بناء «ميناء مبارك» الكبير في جزيرة بوبيان القريبة من المياه الاقليمية العراقية، تقول بغداد ان ذلك سيؤثر على الممر الملاحي الوحيد الذي تمتلكه على الخليج العربي، شكلت الحكومة العراقية لجنة فنية للاطلاع على تفاصيل المشروع الكويتي عن كثب.
اللجنة الفنية تكونت من قانونيين وفنيين من وزارتي الخارجية والنقل العراقيتين، كانت قد زارت الكويت في الشهر الماضي والتقت بعدد من المسؤولين الكويتيين الذين طمأنوا الوفد الزائر بأدلة تشير الى عدم تأثير «مبارك الكبير» على العراق مستقبلا، لكن خلافات حدثت بين أعضاء اللجنة العراقية جعلت ممثلي وزارة النقل يغادرون بمفردهم، وهو ما وضع علامات استفهام كثيرة على زيارة الوفد العراقي، لاسيما وانه لغاية الان لم تظهر معالم التقرير الذي يفترض ان تكون اللجنة الحكومية قد قدمته الى قيادتها العليا.
الأمم المتحدة التي دخلت على خط تهدئة الازمة بين البلدين، والتي اثارت الصمت حيال أسئلة وجهتها «الراي» عبر البريد الالكتروني لمسؤولة الاعلام، أكدت عبر رئيس بعثتها العاملة في العراق، أن «التطبيع التام للعلاقات بين العراق والكويت شارف على الانتهاء».
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة آد ملكيرت، في تصريحات صحافية اثارت استغراب أوساط نيابية عراقية، ان «قضية ميناء مبارك تتعلق بالعلاقات بين العراق والكويت، ومن الطبيعي أن تتم معالجتها ضمن اللجان الثنائية المشكلة من قبل البلدين»، مشيراً الى «وجود رضا عراقي عن مستوى المعلومات التي وفرها الجانب الكويتي له في هذا الشأن»، لكن النائبة عالية نصيف القيادية في كتلة «العراقية البيضاء» النيابية، أكدت ان «تصريحات ملكيرت منحازة الى الجانب الكويتي على حساب المصلحة العراقية التي يفترض ان ترعاها بعثة الامم المتحدة العاملة في العراق».
المبعوث الأممي شدد على حق العراق في الملاحة داخل الخليج العربي من دون اعاقة وفقا لقرار دولي، بالقول ان «قرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 1993، واضح ولا يقبل أي لبس بشأن الحدود البرية والنهرية بين البلدين، كما يؤكد حق العراق في الملاحة من دون اعاقة، اذ لا يوجد سبب يدفع الى الاعتقاد أن الكويت لم تلتزم بما ورد في قرار المجلس».
وأوضح انه «تمت دعوة برلمانيين وممثلين عن الحكومة العراقية لتأكيد الاعتراف بالحدود والالتزام بالدعامات الحدودية ونقل المزارعين العراقيين من ناحية صفوان».
وكانت تظاهرات جماهيرية قد خرجت في مناطق وسط وجنوب العراق، احتجاجا على بناء ميناء «مبارك الكبير» في جزيرة محاذية للممر المائي العراقي، كما وسبقتها تصريحات مغلفة بلهجة تصعيدية صدرت عن نواب في البرلمان وشخصيات سياسية تنتمي الى كتل مختلفة.