البصرة - رويترز: تساهم الموانئ العراقية في المركز النفطي الجنوبي بالبصرة بقوة في الاقتصاد الوطني، لكن مسؤولين يقولون إن ميناء تعتزم الكويت إنشائه سيهدد الموانئ العراقية.
وأدى خلاف بخصوص الموانئ في الخليج إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين العراق والكويت. تخشى بغداد من منافسة مشروع ميناء مبارك الكويتي حيث تخشى أن يؤدي إلى إخراج العراق من حركة التجارة بين أوروبا والشرق الأوسط. كما يقول العراقيون إن المشروع الكويتي ينتهك المياه الإقليمية العراقية. ولكن الكويت تنفي ذلك.
وقال أنمار الصافي المسؤول الإعلامي لموانئ البصرة 'وجود هذا الميناء في هذه المنطقة سيشكل عائقاً في دخول البضائع ودخول البواخر إلى ميناء أم قصر الجنوبي والشمالي وإلى ميناء خور الزبير. وهذا حقيقة سيشكل حجر عثرة باتجاه الاقتصاد العراقي وبالتالي ستكون هذه الموانئ، إذا ما أنشيء هذا الميناء ربما ستتوقف لأنه لا يمكن الإبحار إلى هذا الميناء باعتبار أن ميناء مبارك سيكون في منطقة الإبحار أو في منطقة القناة الملاحية'.
ويشترك العراق مع الكويت في أكثر من مجرد مدخل بحري ضيق إلى الخليج إذ يربطهما تاريخ طويل مرير من الخلاف على النفط والمياه والحق في الأرض التي يصب فيها نهرا دجلة والفرات في البحر.
وذكر الخبير البحري الربان كاظم فنجان المسؤول الأقدم بشركة الموانئ العراقية أن مشروع ميناء مبارك سيسد ميناء أم قصر وسيغلق الشريان البحري الوحيد الذي يعتمد عليه العراق.
وقال الربان فنجان 'إن القناة الملاحية المؤدية إلى ميناء أم قصر قناة ضيقة وتجري في مياه ضحلة. عرض القناة تقريباً 200 متر فقط. طولها تقريباً 60 ميل بحري أي ما يعادل 120 كيلومترا تقريباً. هذه القناة هي الرمق الوحيد الذي تتغذى منه الموانئ العراقية. من دون هذه القناة سيصبح العراق بلداً مغلقاً بحرياً حتى لو أقيم ميناء الفاو الكبير'.
وأدى الخلاف بخصوص الموانئ إلى تفاقم الحساسيات القائمة بين العراق والكويت منذ الغزو العراقي للكويت عام 1990.
ويخطط العراق منذ أكثر من 20 عاما لبناء ميناء جديد عملاق في الماه العميقة قبالة خور عبد الله المواجهة لجزيرة بوبيان التي تبني فيها الكويت ميناءها الجديد.
وتأجل مشروع ميناء الفاو الكبير عدة مرات لأسباب عديدة على رأسها الحروب التي شهدها العراق مع إيران أولا في الثمانينات ثم غزو الكويت عام 1990 وحرب الخليج الأولى ثم الصراع الطائفي الذي اندلع في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
وذكر عبد علي فاضل الكناني رئيس المجلس المحلي لقضاء الفاو أنه يريد هدم حجر الأساس لمشروع ميناء الفاو الكبير لأن العمل لم يبدأ في المشروع منذ أكثر من عام.
وقال الكناني 'أنا اسميه صنم لحجر الأساس واقول لأصدقائي الذين يعملون معي في المجلس والناس يجب أن ندمره في يوم ما لأنه من غير المعقول أكثر من سنة ونصف موجود ولم يتم العمل فيه. هل يعملون على تخدير أعصاب الناس.. العراق فقير.. نسمع عن ميزانية أعدت للميناء منذ زمن والآن يقولون ليس هناك ميزانية مخصصة للميناء. هذا مشروع استراتيجي للعراق أجمع والمفروض كل الناس تفكر به من الشمال والوسط والجنوب. يجب أن يفكروا به'.
وليس للعراق سوى ساحل صغير بين إيران والكويت. ويستقل ميناء أم قصر --أحد الموانئ العراقية الأربعة لكنه الوحيد الواقع في مياه عميقة-- 80 في المئة من الواردات العراقية ومنها لحبوب والمواد الغذائية التي تسورد ضمن برنامج ضخم للحصص التموينية للمواطنين.
وأم قصر بالفعل من أعلى موانئ العالم كلفة لسفن الشحن وتشكو شركات الاستيراد من رشا ضخمة تطلب منها وسوء الخدمات وارتفاع أسعار المناولة.
واضاف الكناني متسائلا 'الفاو على ماذا باقي.. شبه جزيرة. ونحن ليس لدينا صيد وزراعة. وعلى أساس ميناء كان عندنا ميناء الفاو لم يبق فيه شيء. الأفضل أن يلغوا قضاء الفاو والا شبه جزيرة هي الوحيدة في العراق وعلى البحر ولم تستغل. متى سيقومون باستغلالها'.
ويقول كثير من العراقيين ومنهم وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار إن مشروع الميناء الكويتي الجديد الذي سيستطيع استقبال 14 ألف سفينة سنويا سيخنق حركة التجارة والملاحة في الموانيء العراقية ومنها ميناء الفاو الكبير.
ووصف عبد الجبار اختيار الكويت لموقع ميناء مبارك الجديد بأنه 'استفزازي'. وقال 'في التسعينيات كان النظام ضعيفا وعليه ضغوطات دولية فحصلوا على ترسيم حدود غير منصف للعراق. تريد أن تضع حجرة بفاصلة على الحدود بحيث تنشئ الميناء داخل القناة البحرية يعني إذا الكويت انشأت الميناء على ساحل ولديها 500 كيلومتر تركت الساحل على الخليج العربي مباشرة وتدخل في قناة ضيقة تنشئ ميناء. هذا أيضاً علامة استفهام ثانية إضافة الى ما ذكرناه من حيث انخفاض الموانئ. النقطة الثالثة الميناء بين حاجز الأمواج مع خط التقسيم مباشرة يعني معناها الكويت تريد أن تقول هذا الميناء لا يمكن أن ينجح ما لم اقتل موانئ أم قصر وخور الزبير وميناء خور عبد الله التي تمثل 90 في المئة من موانئ العراق. فلذلك تفكيرهم إنشاء هذا الميناء وفي هذا الموقع فيه جانب سياسي واستفزازي وأيضا به جانب تنافسي غير نظيف'.
ودعا عبد الجبار الحكومة العراقية للرد بعدم السماح الكويت بنقل البضائع بالقطارات من ميناء مبارك عن طريق العراق شمالا إلى تركيا.
ومنح عقد تصميم ميناء الفاو الكبير لكونسورتيوم إيطالي بقيادة شركة تكنيتل الهندسية مقابل 2.8 مليار يورو (قرابة أربعة مليارات دولار).
لكن المشروع لم يحقق تقدما لعدة أسباب منها الانتخابات العراقية التي لم تسفر عن نتيجة حاسمة عام 2010 والتي أعقبتها شهور من الصراعات السياسية قبل تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة نوري المالكي.
وقال وزير النقل العراقي هادي الأميري في آذار/مارس إن مناقصة لإنشاء ميناء الفاو الكبير ستطرح بحلول نهاية العام. لكنه هدد بعد ذلك بالاستقالة إذا لم توافق الحكومة على الفور على تخصيص التمويل اللازم لبناء الميناء.