بسم الله الر حمن الرحيم
مطرقة الأمريكان وسندان إيران
عراق المطيري
خبران تناقلتهما وسائل الإعلام المحلية يناقضان المواقف المعلنة مسبقا فقد أفادت الأخبار الواردة من سوريا ودول جوارها أن تركيا أقامت معسكرات لاستقطاب اللاجئين السوريين الهاربين من لهيب الأحداث الجارية فيها بينما تؤكد أخبار الحدود العراقية السورية أن حكومة الاحتلال أقامت سياج من الأسلاك الشائكة وحفرت نفق بعمق ثلاثة أمتار وعرض مترين على مسافة تمتد لأكثر من خمس وأربعين كيلو مترا إضافة إلى كاميرات المراقبة المنصوبة على الحدود بين القطرين في الوقت الذي كثفت من قواتها العسكرية هناك لمنع تسرب أي سوري إلى العراق في حين أعلن محافظ الأنبار عن عدم إمكانية إيواء أي لأجيء وان هذا الأمر يخضع لإرادة حكومة الاحتلال والبت فيه ناهيك عن القوات السورية التي انتشرت على جميع حدودها لمنع أي حالة هروب لمواطنيها .
قبل الحديث عن المواقف الرسمية المعلنة لابد أن نضع في حساباتنا أن العصا الأمريكية هي المقرر والمحدد الأول لمصير الأنظمة الحاكمة حاليا وسياساتها وفقا لمصلحتها قبل مصالح شعوب المنطقة مهما اختلفت أو تناقضت أو تطابقت مع بعضها وهي التي تحدد المواقف السياسية لحكومات حلفائها وهي من يقرر ساعة الصفر لإزاحة هذا النظام أو تبديله والطريقة التي يحصل فيها هذا التبديل خصوصا بعد التجربة التي حصلت مع نظام حكم محمد حسني مبارك في مصر ، وعلى الرغم من أن النظامين التركي والعراقي هما حليفين إستراتيجيين للولايات المتحدة والغرب فالملاحظ أن الموقفين الرسميين لكلا الجارين يعبر عن توجه مختلف ومناقض لما معروف عنهما سابقا فموقف تركيا التي ترتبط بعلاقات طيبة مع حكومة بشار الأسد حسب تصريحات الحكومتين متناقض مع وموقفها في استقطاب لاجئين سوريين ، فإجراء كهذا يراد منه التعبئة الإعلامية لزعزعة وهز حكومة بشار الأسد والسعي بقوة لإسقاطها ولكن بشرعية دولية تقارب السيناريو الليبي ولكن بالية مختلفة وهي تمهد لان يكون لها دور اكبر في السهول العربية لا يبتعد كثيرا عن نزعتها الطائفية وأطماعها في الانسياب إلى الجنوب خصوصا وان لحكومتها مواقف أكسبتها شعبية في الأقطار العربية على حساب حكوماتها كموقفها من الحصار الصهيوني لغزة وموقف اردوغان من نتنياهو المعروف اثر أحداث أسطول الحرية ، أي أن تركيا تحاول بطريقة أو بأخرى تعزيز قبولها لدى المواطن العربي تحقيقا لمصالحها الخاصة إضافة إلى إرضاء الرغبات الغربية عموما والأمريكية خصوصا في الضغط على نظام بشار الأسد وليس إسقاطه في هذه المرحلة تحديدا .
أما موقف حكومة الاحتلال في العراق فهو أيضا اختلف حيث كان إلى وقت قريب كل من الطرفين ينهال بالشتائم على الطرف الآخر وعلاقتهما الرسمية بين شد وجذب ولكنهما في المحصلة النهائية على شبه قطيعة وموقف حكومة الاحتلال هذا جاء في سياقات الدعم لنظام بشار الأسد فهل هذا يعني عصيان وتمرد على سيد الموقف في المنطقة أمريكا وحلفائها الغربيين أم أن أمرا جديدا قد حصل ؟
إذا كانت حكومة الاحتلال في العراق مسلوبة الإرادة في المواقف من الأحداث الداخلية والقرارات التي تهم الشعب العراقي فهل تتمكن بمفردها من اتخاذ قرار يدعم موقف دولة مجاورة ؟
ليس سرا أن حكومة الاحتلال في العراق ولدت عن تلاقح غير شرعي عن التحالفات الأمريكي الصهيوني الفارسي وهي جزء من مساومات الملفات الإقليمية الساخنة كالقضايا الفلسطينية واللبنانية وقد فرض المالكي رغما عن النظام الرسمي العربي وحددت واجباته والمستقبلية ورسمت خطوطها العريضة ومن خلاله تحاول إيران إثبات قدرتها على لي الذراع الأمريكي على الأرض في العراق كما فعلت بنجاح واضح في لبنان من خلال حسن نصر الله واثبات وقدرتها على دفعهما لانجاز مشروعها ولتلبية مصالحها التي تقتضي دعم نظام بشار الأسد حاليا وفقا لتبادل المصالح بين الطرفين وتحقيقا للتعاون الطائفي في إقامة الهلال الشيعي فالمعلومات غير المعلنة أشارت إلى أن إيران أوعزت وبلهجة مشددة وقاسية إلى حكومة الاحتلال بتقديم كامل الدعم إلى نظام الأسد إبتداءا من تقديم الغاز والنفط بأسعار متدنية ودفع اجل إلى ما أعلن أخيرا عن عدم السماح للاجئين السورين بعبور الحدود باتجاه العراق .
إن مصالح التحالف الأمريكي الصهيوني الفارسي الآن تقتضي بعدم إسقاط نظام بشار الأسد مهما تصاعد المد الشعبي المعارض حاليا ليس حبا به بل الضغط عليه لتحقيق واجبات محددة أولا وليس لعدم وجود البديل الجاهز أبدا وذلك لأسباب عديدة من بينها تكريمه للخدمات الجليلة التي قدمها لتحالف الشر وأهمها تخدير جبهة الجولان المواجهة للكيان الصهيوني وتحويلها إلى شبه طبيعية مستقرة من جهة ولان الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب بتكرار السيناريو العراقي التدخل العسكري المباشر لأنه مخالف لما تعلنه إدارة اوباما من شعارات تتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية الجديدة ولا ترغب كذلك بتكرار سيناريو الأحداث الليبية لكي لا تكسبه دعما عربيا شعبيا والتفافا جماهيريا واستهجان عالمي لأنه يقاوم غزو أجنبي ولن تسمح بتكرار السيناريو اليمني وهو قادر على إنزال مؤيديه إلى الشوارع والساحات العامة لأنها تعرف مسبقا أن النتائج ستكون لصالحه بل ستتركه محاصرا تحت تأثير مطرقتها بضربات موجعة وغير مميتة يتآكل من الداخل ويفقد روابط القوة بينه وبين الشعب السوري مقابل مزيد من كشف ممارساته الخاطئة التي تنتج عن محاولاته للحفاظ على موقعه في السلطة .