الحرب العراقية على الإرهاب
د.مهند العزاوي
يرزح الشعب العراقي منذ غزوه وحتى اليوم لماكينة الإرهاب الوافد والمتناسل أفقيا في ظل غياب الدولة, وقد تعددت إشكاله وصوره , ولعل مفهوم الإرهاب يخضع لقطبية المنشئ, وليتسق بمعايير القانون الدولي , ولم يحدد باتفاقيات تشرح مفاهيم الإرهاب وجسده وأدواته, وقد وظف بشكل دموي بشع , وأضحى مبررا لصناعة بيئة الحرب والإرهاب السياسي والأيديولوجي ضد المجتمع , وبات العراق أنموذجا دمويا بهلامية الوصف والفكرة والاستهداف والاستنزاف بعد طوئفة الغاية والمسلك والقوة, ويمكن وصف الإرهاب من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11ايلول 2001 (( مصطلح سياسي أعلامي ذو منحى عسكري امني وبطابع اقتصادي يسعى لفتح أسواق الحرب ويروج تجارة الأمن القومي)), وقد وصف حربيا وسياسيا وإعلاميا باسم رمزي "الحرب العالمية على الإرهاب" ويتداول في المؤسسات الإعلامية كنهج تفاعلي دون الأخذ بنظر الاعتبار دقة التوصيف وانطباق الفعل.
تمارس إيران الإرهاب بكافة أشكاله وتوظفه لتحقيق أطماعها في العراق وتفكيك خط الصدع العربي الإيراني, ويمكن وصف الإرهاب من وجهة نظر إيران ((معبر أيديولوجي سياسي بمنحى حربي شبحي يستخدم للفصل الطائفي في المجتمع المستهدف لإذكاء الاحتراب الطائفي ومن خلاله تعمل على تناسل المليشيات الطائفية الإرهابية كعصا وخز واستنزاف , وتمارس إرهاب المجتمع وتفككه بأساطير طائفية كاذبة ضمن فلسفة "ارهب لتسد")), وتسخر لها منظومات سياسية وإعلامية وقانونية تشيع التكفير الطائفي والمهني والسياسي الذي يقصي شرائح المجتمع ويقطعهم إلى فرق متحاربة لتحقيق النفوذ الإيراني بوشاح التشيع السياسي.
يعاني الشعب العراقي من الإرهاب الإيراني والذي تجسد بعمليات إرهابية وسط الشعب وعبر زعانف مليشياوية تلبس رداء السياسية وتتسلق سدة السلطة اليوم, ناهيك عن الإرهاب الفكري الذي يبث عبر الفضائيات الممولة والتي بلغت 15 فضائية تبث سمومها الطائفية ضد شعبنا يوميا, كون غالبية أحزاب السلطة الطائفية والعرقية هم صناعة مخابراتية إيرانية وتثبت الوقائع ذلك, كما أن استخدام التقية السياسية ليخفي الدور التخريبي في العراق , ناهيك عن فرشة المليشيات الطائفية التي روعت المجتمع العراقي والتي تدار عن بعد, ليجعلوا من العراق ضيعة إيرانية تستخدم كمسرح وقائي ورأس جسر إقليمي يستنزف الشعب العراقي وأمواله وثرواته وأراضيه بل ويستخدم كافة أشكال الإرهاب والترويع ضد شعبنا.
لابد استعراض الإرهاب الذي يمارس ضد الشعب العراقي بشكل عامودي دون الدخول بالتفاصيل , ونبدأ بشرارة الإرهاب وهو غزو العراق , وانتهاكات قوات الاحتلال عبر تخطيها الاتفاقيات الدولية للحرب وقواعد الاشتباك الحربية والمجمع عليها دوليا , وتجسد بالقتل خارج القانون والقصف السجادي للمساكن والقتل الجماعي للعوائل, والذي ذهب ضحيته ما يقارب نصف مليون عراقي إضافة إلى الاعتقال والتعذيب وامتهان كرامة الفرد العراقي.
لقد كان الإرهاب ألشبحي الإيراني الذي مارسته فيالق الغدر الإيرانية لتصفية البني التحتية الوظيفية والفكرية والمهنية للدولة العراقية , وعبر فروع الحرس الثوري والاطلاعات أكثر دموية وبشاعة خصوصا بتوظيف الإرهاب الطائفي للمليشيات والتنظيمات المسلحة والمجاميع الخاصة, وقد ذهب ضحيتها ما يقارب 750 ألف عراقي في مجازر التطهير الطائفي وخلفت 6ملايين مهجر اجبروا على ترك مدخراتهم ومساكنهم للحفاظ على أرواحهم, ومن السخرية ان تلك المجازر تجري أمام الشرعية الدولية دون رد فعل يذكر.
البعد الثالث هو الإرهاب السياسي الذي تمارسه السلطة عبر القتل خارج القانون والاغتيالات وطوئفة القانون والإرهاب معا, وطوئفة الاستراتيجيات الأمريكية , وقد ذهب ضحيتها ما يقارب 500 ألف عراقي بين عمليات حربية شملت كافة محافظات العراق ولعل مجازر ملجأ الجادرية وقتل جماعي لـ 72 في مدينة الحرية في عهد الجعفري رئيس حزب الدعوة كانت شرارة الحرب الطائفية عبر التعذيب والقتل والمسالخ البشرية "حكومة الدريل" واستمرت في عهد المالكي بشكل أكثر بشاعة وشمولية وتناسلت التفجيرات الدامية والقتل خارج القانون وقتل الرهائن في كنيسة النجاة ومجالس المحافظات والقائمة تطول أنها "طوئفة القوة وفوضى السلطة المسلحة" عبر المليشيات الحزبية المتغلغلة بجسد القوات الأمنية لتفرض سلطة المليشيات داخل سلطة الطائفة أو ما يطلق عليه إيرانيا "حكومة المذهب" التي تبيح كافة المحرمات الشرعية والوطنية لأجل السلطة وتلغي هوية العراق, ولعل حرب الكاتم وتهريب قادة المليشيات وقتل المسافرين جميعها تعد ترويع وإرهاب سياسي منظم يمارس ضد الشعب ليبقى تحت وطأة الصدمة ولا يعي ما يحاك له ولكيانه وهويته وأمواله .
في ظل النزيف المزمن والإرهاب المحصن بالطائفية السياسة والقانون والشعارات الوطنية المزيفة لابد من إعلان ((الحرب العراقية على الإرهاب)) والبدء بخارطة طريق ترفع الهوية العراقية الأصيلة "أنا عراقي" وتحقق التجديد والتأهيل السياسي لشريحة الشباب الواعد وترفع من الوعي الشعبي لانتزاع حقوق الإنسان والمواطنة المفقودة في ظل المسالخ البشرية التي امتهنت واعتنقت عقيدة القمع والقتل والإرهاب ونهب المال العام وشرعت الفساد ((الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة)) ولابد للشرعية الدولية أن تقوم بمسئولياتها تجاه الشعب العراقي المظلوم وتلزم ممارسي الإرهاب بمعاهدات دولية لحماية الشعب العراقي حتى لو تطلب ذلك وضع قوات سلام دولية لإيقاف الشر الأصفر القادم من الشرق ومحاكمة أدواته التي أوغلت بدماء العراقيين بالتزامن مع اتفاقية جلاء قوات الاحتلال الأمريكي وضمان حقوق العراق التي سلبت لسنين مضت .
الخميس، 06 تشرين الأول، 2011
http://www.saqrcenter.net/?p=3247