عراق10
سارة علي
وصل معدل ارتكاب جريمة الاغتصاب في المجتمع الأمريكي إلى نسب كبيرة، ولذلك
ليس ببعيد عن الشخص الذي تربى في مجتمع أَلِف هذه الجريمة واعتاد عليها أن
يرتكبها في أي مكان في العالم، فقد ذكرت إحصاءات حديثة أن نسبة 80% من
الأمريكيات يتعرضْن للاغتصاب مرةً واحدةً على الأقل في حياتهنَّ، وأن 20%
منهن يغتصبْن من قبل آبائهن، وأن المعدل اليومي للاغتصاب 1900 امرأة، وأن
30% من الفتيات الأمريكيات يتعرضْن للحمل والإجهاض!.
هذا الفساد والانحلال داخل المجتمع في الولايات المتحدة، يعيش فيه الجندي
الأمريكي، وعلى هذا النحو ينطلق هذا الجندي ليمارس جرائمه بدون أي قيد في
الدول التي تقوم أمريكا باحتلالها.
وهذا ما حصل في العراق؛ حيث بدأ الاغتصاب الأمريكي لنساء العراق في أعقاب
الحرب مباشرة لدرجة أنه بعد أقل من 40 يومًا من سقوط بغداد وإعلان نهاية
الحرب في 2 مايو 2003م اتهمت لجنة حقوق الإنسان في العراق قوات الاحتلال
الأمريكي والبريطاني باغتصاب العشرات من نساء وأطفال العراق، وقتل مئات
العراقيين بعد اعتقالهم.
كما وجهت اللجنة رسالةً بذلك إلى المنظمة العربية لحقوق الإنسان قالت فيها:
إنها سجلت 57 حالة اغتصاب لنساء عراقيات على يد القوات الأمريكية
والبريطانية و27 حالة اغتصاب لأطفال، منها 11 حالة على يد القوات
البريطانية، و3 حالات على يد القوات الدنماركية.
وقد ازدادت نسب جرائم الاغتصاب في العراق من جانب الأمريكان ودفع هذا الأمر
الكثير من الكتاب الأمريكان إلى الكتابة في هذا الموضوع، ومنهم وليام بود؛
حيث كتب تحت عنوان (الاغتصاب الديمقراطي) في صدر الصفحة الأولى من صحيفة
(ويست بومفريت) الأمريكية: إن بوش قد ترك لجنوده أن يفعلوا ما يحلو لهم مع
ضحايا سجنه الكبير في العراق، تركهم من أجل أن يتناسوا الرعب الذي يعيشون
فيه من طلقات المدافعين عن بلادهم ضد المحتل: ترك المجندين كول وديفيد
يغتصبان نساءً عراقيات بلغ عددهن 26 فتاة وسيدة، فـ"كول" و"ديفيد" يتميزان
بالعدوانية الشديدة ضد العرب ويتميزان أيضًا بالهمجية وعدم الرحمة أو عدم
الإنسانية، وقبل أن يقدِم المجندان على جريمتهما يقومان باختطاف ضحيتهما
واغتصابها ويقومان بتصويرها وإرسال صورها إلى أصدقائهما في أمريكا.
ويضيف أن 26 فتاة وسيدة عدد ضحايا ديفيد وكول؛ كأنهما حضرا إلى العراق من
أجل ارتكاب جرائم الاغتصاب وخصَّصهما القائد الأمريكي لهذا الهدف والدور،
وقد اعتادا اختطاف العراقيات بعد الثامنة مساءً من شوارع العاصمة، دون
تسويغ سبب الاقتياد فقط، بنادقهما تتحدث وتتكفل بإسكات أية ضحية وبث الرعب
في المحيطين بهما، عشرات الشكاوى وصلت إلى رؤسائهما ولم يتخذ ضدهما أي
إجراء يمكن أن يمنعهما عن هدفهما!.
وأوضح الكاتب الأمريكي قائلاً: هذه ليست ديمقراطية.. عار على الولايات
المتحدة أن تستمر في احتلال هذا البلد، ويكفي تحقيق بعض الأهداف كالبترول
والتوسع من أجل مصلحة الأعوان، ولنرحل ونرحم نساء وأطفال وشيوخ العراق.
من الإرهابيون؟!
هول الجرائم المرتكبة في العراق دفع بعض الجنود الأمريكان إلى إصدار كتب
يسجِّلون فيها ما حدث من جرائم الاغتصاب في العراق، ومنهم الجندي الأمريكي
جوشو كي (28 سنة)؛ حيث أصدر كتابًا بعنوان (حكاية هارب من الجيش الأمريكي)،
روى فيه واقعة اغتصاب جماعي لفتيات المنزل الخالي من الرجال والسلاح من
قبل ضباط الجيش الأمريكي.
ويقول: لقد حدث شيء ما زلت أراه في كوابيسي حتى اليوم.. لقد اقتيدت النساء
إلى داخل المنزل، وطُلب منا جميعًا أن نقف حرسًا في الخارج، ثم دخل أربعة
عسكريين أمريكان مع النساء وأغلقوا الأبواب، ولم نستطع أن نرى أي شيء من
خلال النوافذ، ولم أعرف من هم الرجال العسكريون؟ أو من أية وحدة كانوا؟
ولكني كنت أعرف أنهم أعلى رتبًا منا أو على الأقل في مستوى ملازم أول فما
فوق.
ويبرِّر دخول الضباط لوجود جويس وهي ملازم ثان في فرقتهم، ويقول: كانت
هناك، ووجودها لم يعقهم.. وعادةً حين نقوم بمداهمة أي دار كنا نستغرق 30
دقيقة أو أقل في الدخول والخروج فنحن لا نرغب في البقاء في مكان واحد مدةً
أطول؛ خوفًا من التعرُّض للهجمات بالهاون، ولكنَّ فريقنا أمرنا بالبقاء
خارج المنزل لمدة ساعة.
ويتابع: "بدأت النساء داخل المنزل يصرخْن مستغيثاتٍ، والرجال معهم خلف
الأبواب المغلقة، واستمر هذا طويلاً، وأخيرًا خرج الضباط وأمرونا بالانصراف
بعد أن أقاموا حفلة اغتصاب جماعي، وقد طرأ على ذهني حينها أن الإرهابيين
هم نحن الجنود الأمريكان"!.
الأمر لم يقتصر على اغتصاب العراقيات، بل شمل أيضًا المجندات الأمريكيات،
فقد كتبت "د. ماجوري كوهين" الأستاذة بكلية "توماس جفرسون" للقانون في
كاليفورنيا قائلةً: أصبح الاعتداء الجنسي مشكلةً كبيرةً وسط القوات
الأمريكية في العراق.. ليس فقط لأنه زاد كثيرًا ولكن أيضًا لأن المسئولين
(الرجال) حاولوا عدم إعلانه، وانتقدت وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد
وحملته المسئولية.
وكتبت بيكي جونسون في موقع "منظمة كود بنك": لم أتصور أننا في القرن الحادي
والعشرين سنعود إلى الوراء، ونقرأ ونسمع عن اضطهاد الرجل الأمريكي للمرأة،
بعد سنوات قليلة، سنحتفل بالذكرى المئوية لتعديل الدستور الأمريكي الذي
ساوى المرأة بالرجل، وها نحن نشاهد اضطهاد الرجل للمرأة، أين؟ في العراق
البعيد، ومن العسكريين الذين يجب أن يحمونا!.
واضطرت وزارة الدفاع البنتاجون أمام هجوم ليبرالي قوي إلى التحقيق في
الموضوع، وأصدرت تقريرًا من 99 صفحة ذكرت فيه أن وزارة الدفاع لا تقبل
التحرش الجنسي.
ظروف الحرب
وكان البنتاجون قد أصدر تقارير جاء فيها أن ما يقرب من 90% من ضحايا
الاغتصاب في الجيش هم من النساء الأصغر مستوى، وأن متوسط العمر هو 21
عامًا، في حين أن معظم المهاجمين وضباط صف الرجال كان متوسط العمر هو 28
عامًا.
الجندية الصحفية "كايلا وليامز" حاربت في العراق، وعادت وكتبت مؤلفًا
عنوانه "أحب بندقيتي أكثر منك"، ويوضح اسم الكتاب أن هذه الأمريكية تفضِّل
الحل العسكري على الحل السياسي، وأشارت فيه إلى كيفية تعذيب العراقيين
والعراقيات، وقالت: رأيت فتيات يخضعن لرغبات الجنود ليحصلن على إجازة أو
راحة وأخريات ينهزمن أمام إغراء الرجل، لكنني شخصيًّا بذلت كل ما أستطيع
لأقاوم.
لم تقل مؤلفة الكتاب إنها نجحت في مقاومة الأمريكيين في العراق، لكنها
أوضحت أن ظروف الحرب تجبر الأمريكية على أن تفعل أشياء لا تفعلها في ظروف
السلام.
واهتمت النساء أيضًا بتقرير أصدرته الجنرال كاربسكي بعد أن أجبرت على
الاستقالة، قالت فيه: إن كثيرات من الجنديات الأمريكيات في العراق لقيْن
حتفهنَّ بسبب العطش، لماذا؟ لأنهن تعمَّدْن عدم شرب الماء كثيرًا، حتى لا
يتبولْن في الليل ويذهبْن إلى حمامات مظلمة ومشتركة للجنود والجنديات؛ لأن
هذا معناه التعرُّض للاغتصاب أو على الأقل المضايقات والإحراجات.
شهادات الضحايا
ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ حيث خصَّصت مجموعة من النساء- من أصول أمريكية
لاتينية سبق لهن الالتحاق بالجيش الأمريكي في العراق كمجندات- موقعًا لهنَّ
على الإنترنت يسردْن فيه كيف تعرضْن للاغتصاب الجماعي، وكيف قام جنود
أمريكيون بتصويرهن أثناء تعرُّضهن للتعذيب السادي على يد رفاقهن في معسكرات
الجيش الأمريكي في العراق.
إن ما حدث ويحدث من جرائم تُرتكب في العراق- ومنها جريمة الاغتصاب- تدل على
وحشية وهمجية وعدم إنسانية الجندي الأمريكي الذي يعدُّ نفسه منقذًا
للعالم، وفي حقيقته ما هو إلا حيوان على شكل إنسان
