كشف ضابط أمني رفيع عن أن قادة عسكريين متنفذين
ومقربين من مكتب ما يسمى "القائد العام للقوات المسلحة" يرفضون تسليم الملف
الأمني في بغداد لوزارة الداخلية،
مؤكدا أنهم يمارسون الضغط على المكتب لكي لا ينقل وحداتهم إلى خارج حدود بغداد.
ونسبت الأنباء الواردة اليوم السبت إلى المصدر، وهو ضابط كبير في احد
الأجهزة الأمنية قوله: إن هؤلاء القادة يخشون فقدان مصادر دخل غير رسمية
تتجاوز أحيانا ملايين الدنانير شهريا من خلال التلاعب بمخصصات التغذية
ووقود العجلات وفرض الإتاوات.
وأضاف المسؤول الامني الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن بعض القادة المتنفذين
الذي يتمتعون بعلاقات خاصة مع مكتب القائد العام عرقلوا اوامر الاخلاء عبر
ايهام القيادات العليا بوجود مخاوف من انهيار الوضع الامني في تلك المناطق
في ظل عدم جاهزية قوات الداخلية.
وأوضح ان هؤلاء القادة لا يرغبون في تحسن الوضع الامني؛ لأن ذلك سيعني
فقدانهم كثيرا من الامتيازات التي حصلوا عليها خلال سنوات خدمتهم التي
استمرت في بعض المناطق خمسة أعوام على الرغم من ان القانون يمنع بقاء
القائد العسكري في منطقة واحدة اكثر من سنتين؟!!.
وأشار الضابط الرفيع الى ان الفساد في المؤسسة العسكرية بات حقيقة لا يمكن
التشكيك فيها، فقد وصل الامر إلى أن يكون لكل وحدة عسكرية تسعيرة خاصة،
فعلى سبيل المثال اصبح سعر منصب آمر الفوج يتراوح بين 200 و600 ألف دولار
وحسب المناطق، إذ تعد مناطق الكرادة وعرصات الهندية ومنطقة الـ 52 الأغلى
ثمنا لوجود عشرات النوادي والملاهي الليلة، الأمر الذي جعل القادة يتقاتلون
للخدمة في هذه المناطق بالذات؟!!.
وتابع ان ايرادات بعض الضباط قد تصل شهريا الى عشرات الملايين من الدنانير،
وهي اموال يحصل عليها من خلال التلاعب بنوعيات الغذاء وسرقة وقود العجلات
واحتكار الحوانيت، فضلا عن الاسماء الوهمية التي تعرف بـ"الفضائي" والتي
يدر الواحد منها عليهم ما بين 500 إلى 700 ألف دينار.
ويلفت الى وجود حالات كثيرة يعجز فيها الجيش عن مطاردة المسلحين بسبب نفاد
وقود العجلات، بل هناك اوامر مشددة من قادة فاسدين تمنع حركة السيارات
لضمان كميات اكبر من الوقود؟!!.
ويؤكد الضابط الرفيع ان الارباح التي يجنيها القادة الفاسدون من خارج
وحداتهم اكثر مما ذكر، اذ تشمل اتاوات قدرها 1000 دولار على كل ساحة لوقوف
السيارات والتي تقدر بين 10 و20 ساحة في المنطقة الواحدة، وأن الاتاوات
تفرض ايضا على صالات العاب البليارد وصالونات الحلاقة النسائية، وأن من لا
يسدد الرسوم يمنع من مزاولة العمل.
وكشف المصدر عن ان النوادي والملاهي الليلة تعد "مناجم الذهب" لبعض قادة
الالوية والافواج، مضيفاً ان قادة امنيين وضباط استخبارات باتوا يتقاتلون
للخدمة في مناطق الكرادة وعرصات الهندية وشارع 52 بسبب وجود عشرات النوادي
الليلية التي تدر ارباحا طائلة.
وزاد بالقول: يتعرض اصحاب النوادي لابتزاز متواصل من اكثر من جهة، وبعضهم
اخبرني أنه اضطر للانتقال الى اربيل بعدما كان يجبر على دفع ثلاثة ارباع
ارباحه كإتاوة للشرطة والجيش والاستخبارات وغيرهم؟!!.
ولفت الى ان عناصر الاستخبارات يكتفون بجني الاتاوات من اصحاب الملاهي
والنوادي فقط على الرغم من اهمية هذه الاماكن للعمل الاستخباري؛ لكونها تعد
ملتقى لعناصر الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة.
وتابع المسؤول الامني ان هناك 200 سيطرة ونقطة تفتيش داخل بغداد، اغلبها
وهمي او ما نطلق عليها بـ"الفضائي"، مشيرا الى ان فساد بعض القادة بات يدفع
ثمنه الجنود والمراتب الذين يقفون في السيطرات مدة 18 ساعة بدلا من ساعتين
كما هو مقرر.
وأكد ان الضغط الكبير الذي يواجهه الجندي في الشارع وابتعاده عن اسرته اكثر
من شهرين احيانا -لا سيما وأن هناك اكثر من 100 مناسبة وطنية ودينية- تدفع
بالمراتب الى تعاطي المخدرات والخمر اثناء الدوام، وهو ما يفسر فضاضتهم
وسوء تعاملهم مع المواطنين عند نقاط التفتيش.
وكشف عن ان بعض القادة العسكريين يغضون الطرف احيانا عن الخروقات الامنية
للإيحاء بأن الوضع الامني لا زال هشا؛ لأن بعضهم كون ثروات كبيرة، واشترى
بيوتا فخمة في مناطق راقية، ولا يريد خسارتها.
وتقول حكومة المالكي الناقصة غير الشرعية: إن خطة إخراج قطعات الجيش من
أحياء بغداد وتسليمها إلى "الشرطة الاتحادية" تسير بشكل منتظم وفق المعايير
المحددة، مؤكدة أن أكثر من 70 % من مساحة بغداد هي الآن تحت سيطرة وحدات
تابعة لوزارة الداخلية؟!!، حسب زعمها.
وقد سحبت الفرقتان السادسة والحادية عشرة مؤخرا من داخل بغداد إلى الأطراف،
وستحل قوات الداخلية "الشرطة الاتحادية" محل هاتين الفرقتين.
وتقضي خطة "القائد العام للقوات المسلحة" المعلنة بتسليم الامن في بغداد
الى وزارة الداخلية خلال منتصف العام الحالي، فقد صدرت الاوامر باخلاء
مناطق المنصور واليرموك والحارثية والاسكان والقادسية في ناحية الكرخ.