بغداد - إيران تتدرّج في تدخّلها في العراق من الحضور غير المباشر عبر الميليشيات التابعة لها هناك، إلى التدخل العسكري المباشر الذي يجد بين العراقيين من يروّج له ويسوّقه باعتباره إنقاذا للدولة.
كشفت إيران أمس عن استعدادها لاقتحام الحدود إلى عمق أربعين كيلومترا داخل الأراضي العراقية في إطار ما سماه أحد كبار قادتها العسكريين “خطا أحمر ضد تنظيم داعش”.
وجاء ذلك في غمرة الحديث بكثافة عن تدخّل عسكري إيراني ميداني في العراق في نطاق الحرب على تنظيم داعش ليذكي الجدل بشأن انتهاك إيران لسيادة العراق بتواطؤ من بعض القيادات العراقية.
وقال قائد القوة البرية للجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان أمس “إن خط إيران الأحمر مع المجاميع الإرهابية يمتد على مسافة 40 كيلومترا داخل الأراضي العراقية”.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية الإيرانية: “إن القوات البرية للجيش على أهبة الاستعداد لتدمير زمرة داعش حينما تحاول التسلل إلى إيران عبر الحدود الغربية للعراق، وتصل بالقرب من الحدود الإيرانية”.
ولم يكشف المسؤول إن كان التدخل المحتمل سيجري بالتنسيق مع الحكومة العراقية وبموافقتها، أم سيجري اتخاذ القرار وتنفيذه من جانب واحد. وجاء تصريح بوردستان يوما واحدا بعد كشف مصدر أمني رفيع في وزارة الداخلية العراقية عن مقتل جنود إيرانيين في عدة جبهات قتال بالعراق، مؤكدا بذلك تدخل إيران عسكريا في العراق بالمخالفة لقوانين البلد التي تفرض موافقة البرلمان بشكل مسبق على استدعاء أي قوة أجنبية إلى داخل الأراضي العراقية.
غير أنّ التدخّل الإيراني في العراق، والذي يحذّر مراقبون من تدرّجه نحو السيطرة الكاملة على مقاليد الدولة العراقية وامتلاكه أدوات فاعلة لتنفيذه تتمثل بالميليشيات الشيعية، لا يعدم من يدافع عنه ويروّج له باعتباره مصلحة للبلاد. وتجلى ذلك بوضوح في اعتبار قائد إحدى أقوى الميليشيات الشيعية إيران منقذة للدولة العراقية.
| | هادي العامري: لولا إيران لكانت حكومة العبادي اليوم في المنفى |
| |
وقال هادي العامري قائد ميليشيا بدر إنه لولا مساندة ايران وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني لما كانت الحكومة العراقية متواجدة في بغداد حاليا.
وكان العامري الذي برز اسمه بشكل لافت من خلال قيادته لميليشيات الحشد الشعبي في الحرب ضد داعش يتحدّث أثناء مشاركته في مراسم تأبين الضابط الإيراني حميد تقوي الذي لقي حتفه في مهمة قتالية بسامراء قائلا: “لولا مساندة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتواجد الحاج قاسم سليماني في العراق، لكانت حكومة حيدر العبادي الآن خارج العراق”، مضيفا: “أن انتصارات العراق في حربه ضد الإرهابيين جاءت في ظل دعم إيران وقوات الحشد الشعبي”، معتبرا مواصلة “عمليات التحرير” غير ممكنة دون دعم إيران ومشاركة الميليشيات الشيعية.
ويعتبر البعض تلك الميليشيات “احتياطيا عسكريا إيرانيا داخل العراق”، نظرا لدور إيران في تشكيلها وتدريبها وتسليحها وقيادتها عبر أتباع لها مثل هادي العامري.
إلاّ أنّ إيران تبدو مستعدة لتجاوز التدخل غير المباشر في العراق عبر تلك الميليشيات، إلى تدخل مباشر حسب تطور الموقف وهو ما لمّح إليه بوردستان أمس بقوله إنّ القوات الإيرانية، فضلا عن جهوزيتها الكاملة، رسمت خطا أحمر على مسافة أربعين كيلومترا داخل الأراضي العراقية. وفيما لو اجتاز تنظيم داعش هذا الخط فستواجه ردا ساحقا من قبل القوات المسلّحة الإيرانية. وأضاف قائد سلاح البر للجيش الإيراني أن تنظيم داعش تلقى هذه الرسالة وابتعد بسرعة من النطاق المحدد.
وتلقت أوساط عراقية مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق هذا التصريح باستياء، معتبرة أنه استعادة لفكرة احتلال شريط بمحاذاة الحدود الإيرانية في عمق الأراضي العراقية بذريعة التصدي للإرهاب. وهي الفكرة التي اقترحها ودافع عنها من قبل العضو البارز في اللجنة المركزية للجبهة الوطنية الإيرانية كوروش زعيم، متعللا باقتراب داعش من الحدود الإيرانية، ومؤكدا أنه لو استطاع التنظيم الاستقرار في أي من المحافظات العراقية المجاورة سينهال مسلّحوه على إيران التي ستواجه خطرا كبيرا ما لم تبادر إلى احتلال الشريط المقترح.