يواجه العراق بلد الرافدين أزمة نقص مياه خطيرة تركت آثارها على قطاعات الاقتصاد والبيئة
فقد أطلق محافظ ذي قار، يحيى الناصري، في جنوب العراق تحذيرا من تداعيات تلوث المياه الناجم عن انخفاض مناسيب نهر الفرات، مشيرا الى ان «المحافظة تقع في نهايات الأنهر والانخفاض الحاصل في الإطلاقات المائية انعكس عليها بصورة مباشرة وأثر بشكل كبير على السكان المحليين وعلى الواقع الزراعي والبيئي». 
 
وأكد المحافظ في بيان له أمس الأثنين أن «الموارد المائية باشرت بإطلاق كميات إضافية من المياه في نهر الفرات عبر سدة الهندية». واشار الى أن المحافظة «ما زالت تعاني من شح المياه ورداءة نوعيتها، ما تسبب في ارتفاع نسبة الملوحة الى معدلات قياسية الحقت أضرارا كبيرة بالأراضي الزراعية الواقعة في حوض نهر الفرات». 
وأشار الناصري الى ان «الدوائر الصحية سجلت أكثر من 900 حالة إصابة بجدري الماء، ونفوق أسماك، وإصابة قطعان من الثروة الحيوانية بالأمراض، وظهور حالات من العمى في قطعان الجاموس. وكل هذا نتيجة شح وتلوث مياه الفرات والمصادر المغذية لمناطق الأهوار التي تنتشر في المحافظة.
كما أعلنت لجنة الإعمار في مجلس محافظة بابل جنوب بغداد الاثنين تشكيل خلية أزمة لمعالجة شح المياه في ناحيتي ابي غرق شرقي الحلة والكفل جنوبي الحلة. وعزت أسباب شح المياه إلى انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات، وأشارت ايضا الى ان اللجنة باشرت أعمالها لمعالجة هذه المشكلة.
وضمن السياق نفسه حذر الاستشاري في منظمة «طبيعة العراق» المعنية ببيئة مناطق الأهوار، جاسم الأسدي، مما وصفها بأنها «أقسى موجة جفاف تتعرض لها مناطق أهوار الجبايش بعد انخفاض الإطلاقات المائية الى اكثر من 70 سم عن معدلاتها في العام الماضي وارتفاع الملوحة الى 7000 جزء بالمليون».
وقال الأسدي في حديث لراديو محلي إن الأهوار العراقية «تواجه أزمة مياه حقيقية بعد إغلاق جميع المنافذ التي تغذي مناطق الأهوار. وهو الأمر الذي ينذر بأزمة مخيفة تتعرض لها المنطقة».
واشار الأسدي الى ان هذه الأزمة سببت تدهورا كبيرا في نوعية المياه بعد ارتفاع نسبة الملوحة فيها الى اكثر 7000 جزء بالمليون فضلا عن ان أغلب مربي حيوانات الجاموس بدأوا بالرحيل عن بعض مناطق الأهوار الى مناطق أخرى. وأوضح ان السنة الحالية ستكون قاسية على جميع سكان مناطق الأهوار وكذلك التنوع الإحيائي. وقال إن الثروة الحيوانية والسمكية ستشهد تضررا كبيرا جراء هذا الأمر
وكان ممثل المرجعية، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، قد حذر في خطبة الجمعة الماضية من «تقارير تشير إلى وجود انخفاض في الإيرادات المائية ونقص شديد في السدود والخزانات مما سيؤدي إلى شح واضح في الموارد المائية». ولفت النظر إلى أن ذلك سيؤدي إلى صعوبة في تلبية احتياجات المحافظات الواقعة أسفل عمود نهر الفرات. ودعا الحكومة العراقية إلى العمل لكي تقوم الجارة تركيا بزياد الإطلاقات المائية في دجلة والفرات.
وسبق أن أشارت مراكز بحوث في البصرة جنوب العراق الى أن إيران أقدمت على قطع المياه عن أكثر من 45 رافداً وجدولاً موسمياً كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق. وأهم هذه أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند، ونهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية. وقد أدى هذا إلى تغيير مجرى نهري الكارون والكرخة من قبل إيران، وتسبب في زيادة الملوحة في شط العرب، وأدى إلى القضاء على مزارع النخيل والحناء في الفاو. كما تسبب في آثار سلبية على الثروة الحيوانية والبيئة.
يذكر أن مشكلة نقص المياه في العراق منذ عام 2003 أخذت تبرز بشكل تدريجي نتيجة قيام بلدا المصب لنهري دجلة والفرات – وهما تركيا وإيران – بإنشاء المزيد من السدود وتغيير مجاري الأنهار بدون التنسيق مع الحكومة العراقية وبدون الاهتمام بالآثار السلبية على الاقتصاد والبيئة العراقيين.