أمام أنظار النزاهة ... مسؤولون كبار في وزارة الصحة متورطون بأستيراد أدوية مغشوشةيتمدد
الفساد في عراق ما بعد الإحتلال أفقيا بصورة أخطبوطية ليشمل كافة مرافق
المؤسسات والوزارات العراقية، فكلما قطع ذراع منه حل محله أذرع أخرى أشد
فسادا وفتكا بالدولة والمواطن العراقي المسكين، الذي يعاني الأمرين من
تنامي الفساد الذي تولد حكومة تستمد حياتها منه. والواقع أن وزارة الصحة
ورغم خطورة دورها وأهميته ليست أقل شأنا من نظيراتها الوزارات من حيث
الفساد، وتكشفت خلال السنوات الماضية العديد من قضايا الفساد في هذه
الوزراة. ويبدو أن المسؤولين في هذه الوزارة لا يهتمون بالمواطن العراقي،
بقدر أهتمامهم بتحقيق المصالح الفردية، فقد كشفت معلومات حصلت عليها "شبكة
أخبار العراق" عن أن كبار المسؤولين في وزارة الصحة العراقية يديرون مع
شركاء لهم شركات متخصصة بتجارة الأدوية في العاصمة الأردنية عمان، حيث
تمكنت هذه الشركات من الحصول على أغلب عقود استيراد الأدوية للوزارة.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع، طلبت عدم الكشف عنها بالأسم خوفا من الملاحقة
القانون والإغتيال، أن هذه الشركات التي نتحفظ على ذكر أسمائها في الوقت
الحال، تقوم بشراء متطلبات العقود بعد أخذها من وزارة الصحة العراقية
بمبالغ كبيرة جدا، بشراء أدوية (نخب ثاني) من أوروبا الشرقية وعدد من
الدول الأسيوية مثل الهند وماليزيا، ويتم شحن هذه الأدوية الرخيصة الثمن
وردئية النوعية عن طريق البواخر المبردة، إلى ميناء العقبة البحري وبعدها
يتم نقل شحنات الأدوية ببرادات مكيفة ومجهزة لهذا الغرض إلى منطقة الحرة
في محافظة الزرقاء الأردنية حيث يتم هناك تغيير أغلفة الأدوية والصناديق
الخارجية ويتم تعديل تاريخ الأنتهاء ومصدر الأدوية، ويكتب محلها صنع في
"الولايات المتحدة الأمريكية" و"صنع في بريطانيا". وتبين المصادر ذاتها أن
هناك العديد من المطابع الخاص في الحرة والزرقاء يخصص عملها فقط لطبع
أغلفة الأدوية وتاريخ الصنع والأنتهاء ومصدر التصنيع، وتتوفر لدى الشبكة
أسماء هذه المطابع وأماكن تواجدها في الأردن. وأشارت المصادر أن أغلب هذه
الأدوية هي الأدوية المتعلقة بأمراض القلب والسكري والتخدير وبعض الأدوية
التي يتم الحاجة اليها في غرف العمليات. وأكدت المصادر والوثائق التي
بحوزة الشبكة أن المتورطين في هذه القضية هم كبار المسؤولين في وزارة
الصحة بالإضافة لمدير معمل سامراء، وعدد من مدراء أذخرة الأدوية في العراق
والتي تتعامل مع الشركات الوهمية العراقية في الأردن. وتقول المصادر
ذاتها، ان المفاجئة المؤلمة الأشد هي أن تلك الشركات تقوم بتزويد معمل
سامراء ببعض المواد الطبية الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية، والتي يتم
التعامل معها وفقا لنفس الآلية الفاسدة التي تتم مع الأدوية، حيث تجلب
المواد من النخب الردئ ويعاد تغليفها مرة أخرى قبل أن تشحن إلى العراق.
وتؤكد المصادر أن الشركات ذاتها، تمكنت من الحصول على عقود لتدريب موظفي
وزارة الصحة، حيث قامت إحدى الشركات المتواجدة في العاصمة الأردنية عمان
من الحصول على عقد لتدريب 70 صيدلاني عراقي تابعين لوزارة الصحة في تركيا
لمدة أربعة أيام، ونقلوا الأسبوع مطلع الأسبوع الحالي على طائرة خاصة من
مطار بغداد الدولي إلى تركيا. وأضافت المصادر، أن وزارة الصحة خصصت مبلغ
2500 يورو لكل شخص مشارك في الدورة بتركيا، كتكلفة إجمالية تغطي الطعام
والإقامة طوال فترة الدورة،ويستثنى منها تذاكر السفر على الخطوط الجوية
الناقلة لهم، في حين أن التكلفة الفعلية لا تتجاوز 1200 يورو ويذهب ما
تبقى إلى المشرفين على الشركة ومسؤولين كبار في وزارة الصحة. ومن المعروف
أن ملف الفساد في وزارة الصحة مثقل وكبير لتوالي قضايا الفساد وتنوعها،
وليس ببعيد تلك الفضيحة الكبرى التي كشف عنها بتورط مسؤولين في الوزراة
بفساد مالي بلغ 445 مليون دولار أمريكي، وشحنات الأدوية المنتهية الصلاحية
التي تم حرقها بالكامل وهي في مخازن الوزارة، على الرغم من أن قيمة تلك
الأدوية تجاوزت المائة مليون دولار أمريكي.
