سرور ميرزا محمود
إزداد الكلام والتصريحات حول قانونية غزو واحتلال العراق سواء من قبل المحللين أوالسياسيين حيث مازالت تدور في الساحة البريطانية تحقيقات مستقلة ذات طابع قانوني، ما أحوجنا أليها لأن من يقول الحقيقة ويسرد الوقائع بصدقية لكي تكون دلائل لمعاقبة ومحاسبة المعتدي لما أقترف على العراق من تدمير لدولته ومؤوسساته المدنية والعسكرية والامنية وما جرى من قتل وتشريد لم نسمع إنه حدث لأي بلد في العالم الحديث.
أن التطورات التي تشهدها بريطانيا في ما يخص العراق جائت على خلفية تحرك ألعائلات هناك التي فقدت أبناءها من الجنود وكذلك المصابين منهم مما أدى الى انشاء لجنة مستقلة برئاسة السيد جون تشيلكوت والتي سميت لجنة تشيلكوت للتحقيق في أسباب الحرب على العراق معتمدة على ابراز الأسس القانونية المبررة وغير المبررة ودراسة مدى انسجام الموقف القانوني للحرب وظروفه الموضوعية التي أدت لذلك.
من خلال المتابعة والتحليل لما جرى في اللجنة لحد ألأن أن هناك إعتراف شبه إجماعي حول عدم قانونية الحرب وإن
بريطانيا تم جرها للحرب نتيجة تضخيم العامل ألأستخباري وعدم دقته بل إن البعض كان مقتنعاً بأن ألإعداد والتخطيط للحرب كان معداً له سابقاً وما أسلحة الدمار الشامل ووجودها في العراق وكذلك دعمه لتنظيم القاعدة إلا ذريعة استخدمها بوش وبلير لتبرير الغزو.
سنركزهنا عن شخصية تعاملنا معها لسنوات عديدة نعتقد ألأن أنها مراجعة أشبه بالتخلص من أدانة للنفس حول ما حدث للعراق منذ الحصار والى ألأن أنه الدكتور هانز بليكس، والتطور اللذي حصل بمشاركته بالأدلاء بشهادته امام لجنة التحقيق البريطانية متطوعاّ وهو أول شخص غير بريطاني يمتثل للأجابة حول الظروف الموضوعية لغزو العراق، إننا هنا ليس إندفاعاَ للدفاع عنه ولكنها حالة مراجعة منه يجب تشجيعها لتكون عامل تشجيع للآخرين ليحذو مثله، إننا سبق وإن تناولنا مسيرة عمله ومواقفه في مقالات عديدة آخرها المقالة المعنونة(البرادعي وبليكس في كفة الميزان لما حصل على العراق) واللذي فاتته مقالاتنا خلاصتها بأن مواقفه نوعاَما سيئة ولا تتماشى مع المهنية المطلوبة طالما كان في المسؤولية سواء عندما كان مديراًعاماَللوكالة الدولية للطاقة أو بعد ترؤوسه لجنة الامم المتحدة للتحقق والتفتيش(أنموفيك) التي تأسست عام 1999 .
في بداية 2003 صرح بليكس بأن المفتشين لم يعثرو على دليل عن وجود أسلحة دمار شامل لكنه ذكر أيضاً بأن التقارير العراقية لم تأتي بشيء جديد مما يعني انها غير كافية ولا تعطي المصداقية المطلوبة علماً انها تقارير واقعية وعلمية ومحتوية على كافة المعلومات وطرق العمل للبرنامج النووي والجدير بالذكر ان مجموعة مسح العراق التي أنشأت بعد الاحتلال واللذي ترأسها اولا ديفد كاي وبعده تشارلس دولفر والتي ظمت1700 من الموظفين والعلماء والعسكريين لم تضيف حرفاً واحدا الى تلك التقارير، ومن الانصاف الاشارة الى ان بليكس في شباط 2003 قدم تقريراً بموجب القرار 1441 أشاد بتعاون العراق وشكك في صدقية معلومات المخابرات الامريكية مما احبط وبمساعدة روسيا وفرنسا والصين محاولة امريكا وبريطانيا إصدار قرار يجيز العمل العسكري، كما انه في آذار2003 طلب فترة ودعما اضافياَ لمدة ستة اشهر لعمل فرق التفتيش ليتسنى له تقديم تقريره ولكن الحرب كانت على الأبواب، وفي عشية الحرب قال لمجلس الامن انه يشعر بالحزن بطبيعة الحال لعدم منح المفتشين المزيد من الوقت ولم يذكر شيأ لما سيحصل للعراق ولشعبه وفي هذا الموقف كان يتوجب له التلويح بالأستقالة او ادانة الحرب لكنه لم يفعلها.
بعد سنوات من الحرب حدث له موقف يسجل بأنه تطور ايجابي حيث قال في برنامج(هارد توك)على بي بي سي بتأريخ 2/8/2008 بأن وزير الخارجية جاك سترو قدم إجابات غير صحيحة للجنة التحقيق في حرب العراق وإنه مشدوه من إن سترو أخطأ بقوله إن مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة لم يسمح لهم بالوصول الى مواقع معينة عام 2002 وأن سترو لم يركز اطلاقاً على ما قلته عن زيادة التعاون العراقي..لكنه ركز..لنقل..على إن العراقيين لايسمحون بإستجواب علمائهم وإنهم يمنعون الوصول الى المواقع ولم يكن ذلك صحيحاً، وفي نفس البرنامج تطوع بليكس للمثول امام لجنة التحقيق وهذا ما حدث.
امام لجنة التحقيق ادلى بليكس بإفادته ويمكن اجمالها كما يلي:
1- عدم قانونية مسببات الحرب على العراق.
2- تشكيكه في القرارات التي اتخذها بوش وبلير في فترة التحظير للحرب مما يعني ان مسألة سلاح الدمار الشامل كانت حجة للغزو والاحتلال.
3- تشكيكه في صحة ملف الاستخبارات البريطانية وانه ابلغ في شباط 2003 بلير وكونديليز رايس شكوكه عن وجود اسلحة دمار شامل في العراق.
مطالبته بمزيد من الوقت لأكمال مهمته لكن امريكا وبريطانيا تجاهلتا طلبه وقامتا بالغزو.
هذا الموقف يمكن ان يشجع آخرين لمراجعة مواقفهم اخص بالذكر السيد ايكيوس, وبتلر اللذي اساء كثيراً عند ترؤؤسه اللجنة الخاصة, وأنت يا دكتور البرادعي لماذا لا تراجع ما عملته من سوء عندما كنت في المسؤولية وتتخذ القرار الشجاع للمشاركة بالأستجواب امام لجنة التحقيق البريطانية والتي ستنهي أعمالها نهاية العام .
إننا نناشد السيد رامزي كلارك و المنصفين من الامريكيين اللذين وقفو ضد الحرب ان يقنعو عوائل الجنود الامريكان اللذين فقدو ابنائهم وعوئل الجرحى وهم اضعاف اضعاف ما فقدتهم العوئل البريطانية من تشكيل لجنة للتحقيق طالما ان اللوائح والقوانين الامريكية تسمح بذلك لأستجواب مسببي الحرب وهم الان خارج المسؤولية وكذلك دعوة بليكس وديفد كاي ودولفر وغيرهم.
كما اننا نناشد كافة المنظمات الوطنية ورجال القانون توثيق كل ما حصل في لجنة التحقيق البريطانية وغيرها والأتصال بالمنصفين السياسيين والقانونين لجمع كافة المعلومات لتوضيفها في محكمة العدل الدولية لأنها شهادة قانونية لعدم شرعية الحصار والغزو والاحتلال وسيشهد التأريخ محاسبة مسببي أكبر جريمة في القرن الواحد و العشرين والسنوات العشر من القرن العشرين .ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
