سارا محمد محمد
عدد المساهمات : 155 نقاط : 49687 تاريخ التسجيل : 05/06/2011 العمر : 43
| موضوع: من تلك المدينة في العراق إلى مدينة القدس في فلسطين الأربعاء يونيو 15, 2011 10:17 pm | |
| [SIZE="5"]من تلك المدينة في العراق إلى مدينة القدس في فلسطين[/SIZE] [SIZE="4"] ماذا رأيت؟ وماذا سمعت؟ ثم ماذا فهمت؟ سعيد الغزالي – القدس المحتلة [/SIZE] [SIZE="4"] لن اذكر اسم المكان الجغرافي, ولا اسم القطر, ولن أحدد هوية القوات المهاجمة, ولا من هم المدنيين العزل الذين هوجموا كما يظهر في شريط الفيديو الذي شاهدته. لن اذكر الخلفيات التاريخية, ولا الأسباب الأيدولوجية ولا الدوافع السياسية حتى لا يتحفز المرء لاتخاذ مواقف تبعا لأفكار مسبقة, تأييدا للقوات العسكرية المهاجمة وتشفيا وإدانة للرجال والنساء العزل الذين يقتلون تحت سمع وبصر الكاميرا. فماذا رأيت؟ وماذا سمعت؟ الفيديو بث في أحد المواقع، أرسله شخص راسلني لا أعرف إلا اسمه الأول سلام. ردا على رسالتي له والرابط الذي أرسلته له من مقالة من مدونتي (Hankashtika.blogspot.com) كان من الواضح أنه هناك بعض التجاذب الفكري الذي جمعنا, فكلانا يقف موقفا معاديا للقهر والخنق والظلم الذي تمارسه أنظمة القمع ضد شعوبها, وكلانا يريد نشر وتعميم رسالة المضطهدين والمقموعين, بهدف إنساني بحت, وهو تحسين إنسانية الإنسان, وتخليصه من وحشيته الوضيعة, المقرفة, وممارساته ضد أخيه الإنسان, بغض النظر عن القومية أو العرق أو الدين. تكرر تبادل الرسائل بيننا, وأرسل إليّ المزيد من الأخبار, والفيديوهات, لم أفهم الخلفيات. فتعاملت مع المسألة بهذا الشكل, ولما رأيت ما رأيت وسمعت ما سمعت. أرسلت له بعض الأسئلة, فأجاب عليها مشكورا. سآخذ القاريء إلى نفس المسار الذي سرت به, وأصور له حالتي النفسية. سأفعل ذلك قبل أن أذكر كلمة واحدة عن المكان, وأوضح خلفيات الصراع, وذلك لأننا نحن البشر, بطبيعتنا البشرية العنصرية, ميالون إلى تنزيه أنفسنا, وذم الآخرين, تبعا لتركيبتنا العنصرية, العرقية, الدينية, والفكرية. وهذا ما رأيت: الوقت قبيل حلول الفجر, والمكان صحراوي, عجلات مجنزرة تدهس مواطنين عزل, وقوات أمنية تنهال بالضرب على مواطنين حتى الموت. الظلام لا يزالا مخيما على المكان, والفجر ينبلج تدريجيا, هناك أعمدة من النيران والدخان الكثيف, هنا وهناك, وظلال أشجار سامقة, لم أتبين نوعها. رجال يهتفون: الله أكبر. أصوات إطلاق نار. رجال عسكريون يضربون بالهراوات مواطنا ويسقط المواطن على الأرض. الكاميرا تركز على جندي يطلق النار, فتبرق شرارات الصليات من رشاشه. المزيد من إطلاق النار, وعمليات الدهس, أصوات نساء يولولن: الله أكبر... الله أكبر. مزيد من الصليات, ويمكن مشاهدة آليات عسكرية مجنزرة تتحرك بسرعة وسط جموع من إناس يتراكضون في كل الإتجاهات. يبدو المنظر كمجموعة من الذئاب الكاسرة تهاجم قطيعا من الأغنام. ترفع بعض الآليات العسكرية أعلاما. يستمر إطلاق رصاص من قبل رجال بملابس عسكرية. آخرون قد يكونوا مسعفون يضعون خوذا بيضاء وصفراء وحمراء على رؤوسهم, ويتراكضون لإنقاذ المصابين. ينتهي المشهد بسيارة جيب تدعس مواطنا. مدة شريط الفيديو ثلاث دقائق. المادة المصورة التقطت في فجر يوم الثامن من شهر نيسان الماضي. والمكان مدينة أشرف. المدينة يقطنها 3400 معارض إيراني ينتمون إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة للنظام القائم في طهران و من بينهم 1000 امرأة. والمواطنون عزل. وقد جاءوا إلى العراق وسكنوا الصحراء هربا من قمع النظام الإيراني, فوجدوا لهم مأوى في العراق الذي كان معاديا للنظام الإيراني في عهد صدام حسين. تغيرت الأحوال في العراق, ووقع العراق في قبضة الإحتلال الأمريكي, وخضعت الحكومة العراقية تحت النفوذ الإيراني, وتعالت أصوات في الحكومة أو الأحزاب الشيعية مطالبة بطرد هؤلاء من مدينة أشرف. إلى أين يذهبون؟ ألا يستحق الضيف أن يحمى؟ ألا تكفل له الاتفاقيات الدولية حق العيش بسلام ومن دون خوف؟ ألا تقضي هذه الاتفاقيات بعدم تعريضه للتعذيب أو سوء المعاملة المهينة للكرامة, وعدم تسليمه إلى حكومته, أو أي جهة يشعر معها أن حياته في خطر, أو أنه سيتعرض للملاحقة والاضطهاد سياسيا أو قوميا أو دينيا أو لأي سبب كان؟ منذ بداية الإحتلال الأمريكي, 2003 تم نزع أسلحة أعضاء "مجاهدي خلق" وقامت القوات الامريكية بعمليات تفتيش ممنهج منذ الأول من يناير كانون أول عام 2009. قدمت الحكومة العراقية ضمانات خطية لإدارة الولايات المتحدة الأمريكية حول التعامل الإنساني مع سكان أشرف طبقاً للدستور العراقي والقوانين والتعهدات الدولية. لايمكن للساسة ورؤساء الأحزاب وأعضاء المجتمع المدني العراقي نكران هذه الحقوق التي يجب أن يتمتع به اللاجئون في مدينة أشرف, فهم لاجئون سياسيون. ولكن على ما يبدو فإن الحكومة العراقية لا تعبأ بالمواثيق الدولية. ففي عام 2009 شنت الحكومة حملة عسكرية على "أشرف"، استجابة لضغوطات إيرانية، وفرضت حصارا اقتصاديا عليها. وق في فجر يوم 8 من شهر نيسان ارتكبت القوات العراقية مجزرة جديدة في مدينة أشرف، فقد قامت قوات يزيد عددها عن 2500 من الجيش و الشرطة ومن بعض المقربين للنظام الإيراني بمداهمة هذه المدينة و احتلال أجزاء كبيرة منها مستخدمة الرصاص الحي في هذا الاعتداء, مما أدى إلى استشهاد 34 شهيدا, وأصيب أكثر من 300 جريح تم اختطاف بعضهم واحتجازهم مما أدى إلى استشهاد ستة منهم بسبب الإهمال وعدم علاجهم في المستشفيات من الجروح التي أصيبوا بها و من بين الشهداء حوالي سبعة نساء و البعض منهن في العقد الثاني من عمرهن. الحجج التي تدلي بها الجهات الرسمية العراقية بخصوص مهاجمة "أشرف" والاعتداء على اللاجئين الإيرانيين العزل مدعاة للضحك، فتارة تقول إنهم يقتلون العراقيين !! وأخرى تؤشر إلى تدخلاتهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتلاعب بنتائجها !! وثالثة تقول أنهم كانوا عوناً للنظام السابق واشتركوا في قمع انتفاضة عام 1991. لأن هناك لبساً بصدد علاقة منظمة "مجاهدي خلق" بالنظام العراقي السابق، يصار إلى استغلاله وتوظيفه في الدعوة إلى طرد المنظمة من العراق، فان من الضرورة بمكان مناقشة ما كان بتجرد بعيداً عن الميول والأهواء، فالمنظمة هي إحدى المجموعات ضمن حركة المعارضة الواسعة للشاه، ساندت الثورة الإيرانية، وكانت جزءاً فاعلاً في تثبيت أركانها، وسرعان ما تصاعدت الخلافات بينها وبين رجال الدين المحافظين، الذين قضوا بالتدريج على كل القوى السياسية الأخرى، ومارسوا نهجاً استبدادياً في الإقصاء ليستقر الوضع لهم من دون منازع. وتبنت المنظمة التركيز على قضايا الحريات الديمقراطية وضمان حقوق الأقليات القومية والدينية وحقوق المرأة، فضلاً عن الامتناع عن التصويت على دستور ينطلق من مبدأ "ولاية الفقيه". ومن هنا بدأت مرحلة تعتمد استراتيجية الكفاح المسلح ضد النظام، حيث تعد المنظمة التشكيل الوحيد الذي نجح في توجيه هجمات عسكرية ضد نظام خميني. الأمر الذي حملها على الاستقرار في العراق، لتكون على مقربة من فعالياتها الداخلية. بعبارة أخرى كان للخصوصية الجيوبولتيكية أثرها في اختيار العراق بلداً حاضناً للمنظمة، بقصد استغلال الحدود المشتركة للقيام بعمليات عسكرية, والضغط على نظام الملالي في إيران, ولعلها منفعة مشتركة جمعت بين النظام العراقي السابق, الذي تصدى لمشروع "تصدير الثورة" الذي أطلقة الإيرانيون في أعقاب زوال حكم الشاه. وأريد به تثبيت هيمنة إمبراطورية فارسية, تمارس أقصى درجات العنصرية الاستعلائية في إلغاء شعوب وقوميات, لها إسهاماتها البشرية والحضارية والتاريخية. تحت غطاء ديني مقدس قد يصدق من وجه نظر فريق بعينه، وتختلف معه عشرات الاتجاهات الأخرى. من جانب آخر فان تعاون النظام السابق مع المنظمة جاء رداً على تأسيس إيران "لفيلق بدر" كجناح عسكري لـ "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية". وما قام به من أعمال مسلحة داخل العراق، وتفجيرات ذهب ضحيتها ابرياء وأوقعت تخريباً في الاقتصاد والبنى التحتية. بعد كل هذا, اليس الهجوم على أشرف مدعاة للإدانة والتنديد الشديد؟ إنني شعرت معك يا أخي سلام, رغم هذه المسافة الكبيرة الفاصلة بين أشرف ومدينة القدس العظيمة, وهي مدينتك أيضا.[/SIZE] | |
|