بَاب مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَقْرَأُ بِهِمَا قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي وَاقِدٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهَكَذَا رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمِسْعَرٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ وَأَمَّا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَيُخْتَلَفُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ يُرْوَى عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَلَا نَعْرِفُ لِحَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ رِوَايَةً عَنْ أَبِيهِ وَحَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ هُوَ مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَرَوَى عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَحَادِيثَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ نَحْوُ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ وَرُوِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بِقَافٍ وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ
الشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروح
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ ( اسْمُهُ وَضَّاحٌ بِتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ الْوَاسِطِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ، ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنْ رِجَالِ السُّنَّةِ ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ( الْأَجْدَعِ الْهَمْدَانِيِّ الْكُوفِيِّ ، ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ السُّنَّةِ .
قَوْلُهُ : ( وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا ) أَيِ : الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ ( فَيَقْرَأُ بِهِمَا ) أَيْ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَ هَلْ أَتَاكَ . وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالْغَاشِيَةِ ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا بِـ ق وَ اقْتَرَبَتِ لِحَدِيثِ أَبِي وَاقِدٍ الْآتِي . وَاسْتَحَبَّ ابْنُ مَسْعُودٍ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِسُورَتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ : وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَرَأَ فِي يَوْمِ عِيدٍ بِالْبَقَرَةِ ، حَتَّى رَأَيْتُ الشَّيْخَ يَمْتَدُّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ . وَقَدْ جَمَعَ النَّوَوِيُّ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَقَالَ : كَانَ فِي وَقْتٍ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ ق وَاقْتَرَبَتْ ، وَفِي وَقْتٍ : بِـ سَبِّحْ وَهَلْ أَتَاكَ .
قُلْتُ : وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ الظَّاهِرُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ . وَوَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ بِهَذِهِ السُّوَرِ أَنَّ فِي سُورَةِ " سَبِّحِ " الْحَثَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي تَفْسِيرِ - ص 63 - قَوْلِهِ تَعَالَى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى فَاخْتَصَّتِ الْفَضِيلَةُ بِهَا كَاخْتِصَاصِ الْجُمُعَةِ بِسُورَتِهَا . وَأَمَّا " الْغَاشِيَةُ " فَلِلْمُوَالَاةِ بَيْنَ " سَبِّحْ " وَبَيْنَهَا كَمَا بَيْنَ " الْجُمُعَةِ " وَ " الْمُنَافِقِينَ " . وَأَمَّا سُورَتَا " ق " وَ " اقْتَرَبَتْ " فَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَإِهْلَاكِ الْمُكَذِّبِينَ وَتَشْبِيهِ بُرُوزِ النَّاسِ فِي الْعِيدِ بِبُرُوزِهِمْ فِي الْبَعْثِ وَخُرُوجِهِمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ .
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ فَأَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وَسَيَجِيءُ لَفْظُهُ فِي هَذَا الْبَابِ . وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ : أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَ هَلْ أَتَاكَ . وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ ،وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي مُسْنَدِهِ : أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَ بِـ الشَّمْسِ وَضُحَاهَا . وَفِي إِسْنَادِهِ أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٌ : لَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْجُوزَجَانِيُّ : لَيْسَ بِثِقَةٍ . وَقَالَالنَّسَائِيُّ : مَتْرُوكٌ ، وَلِابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا حَدِيثٌ ثَالِثٌ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْعِيدَيْنِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَقْرَأُ فِيهِمَا إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ لَمْ يزِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا ، وَفِي إِسْنَادِهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
قَوْلُهُ : ( مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ ( يَعْنِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ) وَأَمَّا ابْنُ عُيَيْنَةَفَيُخْتَلَفُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ ) يَعْنِي يَخْتَلِفُ أَصْحَابُ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَلَيْهِ ، وَالِاخْتِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي زِيَادَةِ لَفْظِ أَبِيهِ بَيْنَ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍوَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، فَبَعْضُهُمْ يَزِيدُهُ وَبَعْضُهُمْ لَا ، وَبَيَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ بِقَوْلِهِ : ( فَيُرْوَى عَنْهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ( بِزِيَادَةِ - ص 64 - لَفْظِ أَبِيهِ بَيْنَ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ وَبَيْنَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ) وَرَوَى عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَحَادِيثَ ) أَيْ رَوَى حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ أَحَادِيثَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ أَبِيهِ ( وَقَدْ رُوِيَ ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ : فَيُرْوَى عَنْهُ ( عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ نَحْوُ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ ) أَيْ نَحْوُ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ وَسُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ وَمِسْعَرٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ لَفْظِ أَبِيهِ بَيْنَ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ وَبَيْنَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ بِقَافْ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ ( وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ فِي هَذَا الْبَابِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّوَأَسْنَدَهُ بِقَوْلِهِ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ إلخ