صحابة وصحابيات
حمزة بن عبد المطلب
شرف نسب حمزة بن عبد المطلب :
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، عم رسول الله وأخوه من الرضاعة ، يقال له : أسد الله ، وأسد رسوله . يكنى أبا عمارة ، وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، وكان حمزة أسنَّ من رسول الله بسنتين . له من الأبناء : عمارة ، ويعلى ، و إمامة ، وسلمى ، وفاطمة ، وأمة الله .
حال حمزة بن عبد المطلب في الجاهلية :
شهد حمزة حرب الفجار الثاني ، وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة ، وبعد موت أبيه عبد المطلب باثنتي عشرة سنة ، ولم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم ، وتعدّ حرب الفجار أول تدريب عملي بالنسبة لحمزة ، مارس فيها التدريب العملي على استخدام السلاح ، وعاش في جو المعركة والحرب الحقيقية ، وكان عمره آنذاك نحو اثنتين وعشرين سنة ، وكان مغرمًا بالصيد والقنص ، مما يدل على مهارته في الفروسية والرمي .
قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب :
حينما أُخبر حمزة - وكان يومئذ مشركًا- أن أبا جهل اعترض لرسول الله عند الصفا فآذاه وشتمه ، خرج سريعًا لا يقف على أحدٍ كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت متعمدًا لأبي جهل أن يقع به ، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم ، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة ، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقالوا : ما نراك يا حمزة إلا صبئت . فقال حمزة : وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه، أنا أشهد أنه رسول الله ، وأن الذي يقول حق ، فو الله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين .
فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله قد عزَّ وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه ، فكان حمزة ممن أعز الله به الدين .
حمزة بن عبد المطلب في غزوة بـدر :
قبل نشوب المعركة ، خرج أحد المشركين الأسود بن عبد الأسد وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربَنَّ من حوضهم أو لأهدمنه ، أو لأموتن دونه . فخرج إليه حمزة فإطار قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تَشْخَب رجله دمًا ، ثم حبا إلى الحوض ليبرّ يمينه ، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض .
قد أبلى حمزة بلاءً عظيمًا يوم بدر، وكان يقاتل بسيفين ، وقد قتل أشجع شجعان قريش ، وأكثرهم إقدامًا؛ فقتل الأسود بن عبد الأسد ، وقتل شيبة بن ربيعة ، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة ، وهما من أشراف قريش وشجعانها ، وقتل طعيمة بن عدي ، وبذلك أثر أعمق الأثر في معنويات قريش ، فانهارت معنوياتهم.
حمزة في بني قينقاع :
لما عاد رسول الله من بدر، أظهرت اليهود له الحسد بما فتح الله عليه ، فبغوا عليه ونقضوا عهدهم معه، فغزاهم رسول الله وتحصنوا بحصونهم ، فحاصرهم 15 ليلة فنزلوا على حكمه ، فأجلاهم إلى أذرعات . وكان حمزة هو حامل لواء النبي في هذه المعركة .
من مواقف حمزة بن عبد المطلب مع رسول الله:
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله فقال : يا رسول الله ، اجعلني على شيء أعيش به . فقال رسول الله: " يا حمزة ، نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها ". قال : بل نفس أحييها . قال : " عليك بنفسك ".
في غزوة أحـد.. سيد الشهداء
لما كانت غزوة أحد ، والتحم الفريقان ، يذكر قاتل حمزة وَحْشِيّ : كنت غلامًا لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أُحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة عم محمد بعمِّي ، فأنت عتيق . قال : فخرجت مع الناس ، وكنت رجلاً حبشيًّا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما أخطئ بها شيئًا ، فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة و أتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهدّ الناس بسيفه هدًّا ما يقوم له شيء ، فو الله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني ، إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فضربه ضربة كأنما أخطأ رأسه .
قال: وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه فوقعت في ثُنَّته حتى خرجت من بين رجليه ، وذهب لينوء نحوي ، فغُلب ، وتركته وإياها حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ، ولم يكن لي بغيره حاجة ، وإنما قتلته لأُعتق .
فلما رأته "هند بنت عتبة " بقرت بطنه ومثّلت به ؛ لأنه كان قد قتل أباها في بدر . وحينما رأى رسول الله ما جرى لحمزة ، حزن عليه النبي حزنًا شديدًا ، وقال : " رحمك الله أي عم ، فلقد كنت وصولاً للرحم ، فعولاً للخيرات ، فو الله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلَنَّ بسبعين منهم ". قال : فما برح حتى نزلت : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] ، فقال رسول الله : " بل نصبر". وكفّر عن يمينه ، ونهى عن المُثْلة .
وكان يوم قُتل ابن تسع وخمسين سنة ، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد .
من مناقب حمزة بن عبد المطلب :
عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله : " دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها فإذا جعفر يطير مع الملائكة ، وإذا حمزة متكئ على سرير".
وعن محمد بن كعب القرظي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله جُنُبًا، فقال رسول الله: " غسّلته الملائكة ".
وعن علي قال: " إن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله الرسل ، وأفضل الناس بعد الرسل الشهداء ، وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ".
بعض ما قيل في رثاء حمزة بن عبد المطلب :
قال عبد الله بن رواحة
بكت عيني وحق لها بكاها *** وما يغني البكاء والعويـل
على أسد الإله غداة قالـوا *** أحـمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعًا *** هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يَعْلَى لك الأركان هدت *** وأنت الماجد البر الوصول
عليك سلام ربك في جنان *** يخالطها نعيـم لا يـزول