المكتب الاعلامي
عدد المساهمات : 3050 نقاط : 60723 تاريخ التسجيل : 14/10/2010 الموقع : http://www.ashairjanob.com
| موضوع: المالكي... إرهاب فكري باسم الصدر بقلم: رشيد الخيّون السبت أبريل 28, 2012 6:27 pm | |
| يجوب شبح الإرهاب المدن العراقية، ولم يترك أثراً طائفياً، فمثلما ضُربت الناصرية وبغداد المختلطة أنزل الإرهاب ضرباته على الأنبار. بمعنى ليس هناك مناطق آمنة بما فيها الخضراء، وربما نصف الثروة يُصرف على حمايتها، وصار للنائب (ممثل الشعب) سيارة مصفحة. أحسب في هذه الظروف أن على النواب ورؤساء السلطة الاقتداء بالطيارين المدنيين الذين يمنع عليهم ما ينجيهم دون الركاب، فذروة الأنانية أن تكون في مأمن والناس عُرضة للهلاك الجماعي. تلك مقدمة لما سيأتي في الإرهاب الفكري توأم الإرهاب المادي، الذي يبدو أن رئيس الوزراء نوري المالكي أخذ يصرح به، محاولاً اللجوء إلى بعث خلافات الماضي، كي يتجاوز عقد الحاضر المساهم هو في ربطها. ذلك ما جاء على لسانه في الذكرى الـ32 لإعدام محمد باقر الصَّدر (1980). خطب المالكي قائلاً: "كنا قد نشأنا على فكر الشهيد الصدر"! هنا أسأله ماذا بقي مِن تلك النشأة في القلوب والضمائر بعد ممارسة في السلطة؟ وهل الصحوة التي نسبها المالكي للصدر هي الحفاظ على الخراب الأخلاقي؟ إذا كان ذلك كذلك أليس في هذا ظلم لأبي جعفر! فالرجل لم يكن طموحه توظيف نفوس تحلب الدولة حلباً، وتضلل العقول عبر شعارات الدين! قدم المالكي الصدر عدواً للجميع إلا جماعته فهم "الأوصياء"، وقال: "هزمنا الإلحاد والعلمانية بفكر الشهيد الصدر"! لقد حسب المالكي، وصحبه الذين يرفعون راية الصدر وصورته حتى جعلوه خصماً للآخرين، أن النظام السابق ممثل للعلمانية، وبسقوطه سقطت! لكن ينسى المالكي أنه مازال ملتزماً بحملته الإيمانية، وهي ليست أكثر هزيمة للعقل مما جاء بعدها من حملات. أراه نسي أن العلمانية أسست دولة منذ 1921، شيدت بنية تحتية، وأسست مجلس إعمار، ذهبت إليه واردات النفط بلا فساد ولو بدرهم، وشيدت السدود: الثرثار ودوكان ودربنديخان وغيرها، وأسست لصناعة وزراعة، ولفن في مختلف مجالاته: الموسيقى والرسم والنحت، ونشر الأدب، وفي أقصى القرى وصل التعليم، وقدمت بغداد عاصمة دولية، وأخذ العراق يأكل من أرضه ويفيض ويصدر! إن العلمانيين الذين صرح المالكي بتكفيرهم والانتصار عليهم، لم ينافقوا الشعب بعنوان "دولة القانون"، بينما تحولت الرايات والأسماء المقدسة سلالم للانتهازية، وكأن الغاية هي هذه الصحوة الرثة، التي أعادت المجتمع إلى ما قبل الرُّقم الطينية. يُدخل المالكي في عداوته الصَّريحة للعلمانية أسماء مراجع دين كبار، كانوا للصدر أساتذة حرصوا على فصل الدين عن السياسية! مع أنها الدولة المدنية التي اعترف المالكي بوجودها في غير مناسبة! إن العلمانيين الذين يهددهم المالكي، ولغ السابقون في دمائهم قبل دماء حزبه، وإذا كان هو ترك العراق عام 1979 فالعلمانيون الذين يقصدهم، ويريد إثارة غبار الماضي ضدهم، سبقوه وساهموا بقدر ما حزبه ساهم في المنافحة، بل ودخل قادة حزبه بحمايتهم بغداد (2003). هذا، ولم يسقط صدام (أعدم 2006) لا حزبه ولا العلمانيون، إنما أسقطه العلمانيون الأميركان، ولولا رضاهم ما بقي المالكي رئيس حكومة. أزيد أن نظام "البعث" استخدم الصَّدر، مثلما أن المالكي يستخدمه اليوم في إحياء الضغائن، ولك رواية مَن سماه الصدر بالشاهد الأخير، وهو الشيخ محمد رضا النعماني. قال: جاء "مدير الأمن العام فاضل البراك ليبحث مع السيد الشهيد فكرة السماح بطبع كتاب فلسفتنا بعد إجراء تعديلات عليه. وكان الشهيد يعلم بالمأزق الذي وقعت السلطة فيه، إلا أنه تجاهل ذلك أمام فاضل البراك، وأخبره بأنه لا يشعر بضرورة لطبع كتاب فلسفتنا، إلا أن فاضل البراك أصر على طبع كتاب فلسفتنا... وقد تحدث البراك عن اهتمام القيادة به" (النعماني، الشهيد الصدر... سنوات المحنة). وأضاف: "وطُبع الكتاب في مطبعة الميناء في بغداد"(نفسه). تلك استغلت محنة الصدر وظرفه العصيب، وهذه استغلت آلامه. أجد في ما قاله المختار الثقفي (قُتل 67 هـ) لابن الزُّبير(قُتل 73 هـ) مثالاً معبراً: "إني لأعرف قوماً لو أن لهم رجلاً له رفق وعِلم بما يأتي، لاستخرج لك منهم جُنداً تغلب بهم أهل الشَّام. فقال: مَن هم؟ قال: شيعة بني هاشم بالكوفة"، فولاه عليها (المسعودي، مروج الذَّهب). وكان الصَّدر مبهوراً بالثَّورة الإيرانية، لكن لصفاء ضميره وتقوى روحه لو عاش لوقف منها موقفاً آخر. أتراه يرضى بحبس شريعتمداري (ت 1985) في داره، ومنع الصَّلاة عليه، أو حبس الخاقاني (ت 1985) في دارٍ بقم وهو الكفيف؟! ألا يتساءل عن حبس منتظري (ت 2009)؟! أيرضى الصَّدر بممارسات المتلفعين بعباءته والرافعين رايته من العابثين بثروة العراق والذالين نساءه في الدوائر؟! أقول على آل الصدر أن يمنعوا توظيف محنة صدرهم في هذه المهزلة. لو لم يكن المالكي رئيساً لوزراء العراق، ونحن أردناه هكذا لا يحجر نفسه داخل عصبة، ما اعترضنا ولا كتبنا ناقدين خطابه بالنجف، لكنه رئيس وزراء للإسلامي والعلماني، لا أن يرفع راية الصدر لبعث الضغائن. فهو لم يكن بمعزل عن الماضيات المؤلمات، فقد فجر حزبه ونظم كمائن ضد أبرياء، بذريعة مقاومة السلطة السابقة، فأصبح عميلاً في إعلامها ومناضلاً في إعلامه، وها هي الدوائر تدور فيُسمي هو القائمين بالتفجير إرهابيين ويسمون أنفسهم بالمناضلين المقاومين! قال المالكي: "إن طائرةً حملت أمر إعدام الصدر من خارج الحدود"؟! أقول هذا ليس كلامَ شخص عادي بل لسان رئيس وزراء، المفروض ألا يكون بالونة إعلامية! وأقول: إن المحفز على إعدام الصدر مَن كتب وأذاع برقية الخميني إليه عبر إذاعة طهران التي توصيه بعدم مغادرة العراق؟! فماذا تعني برقية قائد ثورة بدولة أجنبية من خطورة على شخص مثل الصدر؟! مَن رتب البرقية ومَن أشار بإذاعتها؟! هنا لو امتلك المالكي الجرأة وتحدث عنها، أو كشف عن الجهة التي حملت أمر إعدام الصَّدر! مَن أشار بتفجير الجامعة المستنصرية له مسؤولية بالتحريض! راجعوا هفوات إسلامكم السياسي الفئوي. لا تغشونا به، إنه السياسة لا الدين! ختاماً، أحاذر أن يكون خطاب المالكي تدشيناً للإرهاب الفكري، وكيف ستطاق الحياة مع شبح الموت الدائر! سنتذكر ما قاله العراقيون الأوائل في محنة غابرة: "لا يكون الطاعون والحجاج" (ابن تغرى، النجوم الزاهرة). يعنون ابن يوسف الثقفي (ت 95 هـ). | |
|