في سابقة تثير المخاوف من انتشارها وتعميمها في محافظات اخرى
شيوخ عشائر ووجهاء في محافظة صلاح الدين يستعدون لاصدار وثيقة (براءة) من ثلاثة مسؤولين جبوريين متهمين بالتعاون مع الحشد الشيعي
تسارعت الاتصالات خلال الاسبوعين الماضيين بين شيوخ عشائر ووجهاء في محافظة صلاح الدين من ضمنهم شخصيات مؤثرة وقيادات عسكرية سابقة من عشيرة (الجبور) لاصدار وثيقة براءة اجتماعية وعشائرية من كل شخص في المحافظة او ينتسب اليها او ينحدر منها تثبت عليه تهمة التعاون مع الحشد الشعبي الذي يضم مليشيات شيعية دعاها آية الله علي السيستاني للتوجه الى سامراء اكبر اقضية المحافظة للدفاع عن مرقدي الامامين علي الهادي وحسن العسكري المدفونين فيها ضد هجمات محتملة لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش) عليهما.
وجاءت هذه التحركات في اعقاب تصريحات ادلى بها مسؤولون حكوميون ونواب عن محافظة صلاح الدين اثنوا فيها على مجاميع الحشد الشعبي (الشيعي) التي انتشرت في جنوب المحافظة وخصوصا في سامراء وبلد والضلوعية التي شهدت معارك ما تزال حامية مع مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
ونقلت (العباسية نيوز) عن مصادر عشائرية تقيم مؤقتا في بغداد واربيل ان محافظة صلاح الدين تتعرض حاليا الى هجمة شرسة يقودها قائد فيلق قدس الايراني الجنرال قاسم سليماني الذي افتتح مقرا له في قضاء بلد، تترافق مع هجمات داعش المستمرة عليها منذ اكثر من ستة شهور، مؤكدة بان الهجمتين الداعشية والايرانية تعملان على نسق واحد وتحملان اجندة مشتركة لتغيير هوية المحافظة العربية والسعي الى استقطاع أجزاء منها بدوافع طائفية .
واوضحت تلك المصادر ان مواقف وتصريحات عدد من المسؤولين والنواب الذين ينحدرون من المحافظة في تبرير انتهاكات المليشيات الشيعية في المحافظة وتشجيع ايران على التدخل فيها، تشكل جريمة لا يمكن السكوت عليها، خصوصا وان هناك دلائل ملموسة تشير الى ان هذه المليشيات استغلت حجة المشاركة في محاربة داعش وبدأت سياسة الهيمنة على المناطق التي تنتشر فيها وتهجير سكانها وتغيير ديمغرافيتها بالقوة والاكراه.
وتتهم المصادر ذاتها كلا من محافظ صلاح الدين الجديد رائد الجبوري ووزير الدولة لشؤون المحافظات احمد الجبوري الملقب (ابو مازن) والنائب مشعان ركاض الجبوري بالضلوع في ما تسميه بـ(المؤامرة) الكبرى التي تنتظر المحافظة، وتؤكد ان هؤلاء الثلاثة سيصدر بهم بيان براءة يحظر عليهم زيارة المحافظة او التحدث باسمها مستقبلا.
ويعترف المحافظ الجديد لصلاح الدين رائد الجبوري، بانه يتعرض الى ضغوط سياسية واجتماعية للتنديد بممارسات مجاميع الحشد الشعبي في المحافظة، ولكنه غير قادر على ذلك نظرا لانتشار مسلحي هذه المجاميع فيها، ويبرر تصريحاته في الاشادة بالحشد ونفي انتهاكاته في مناطق جنوب المحافظة بانها جاءت من منطلقات وظيفية باعتباره محافظا لصلاح الدين، لان وحدات الحشد هي القوة الرئيسية المتواجدة في المحافظة وسط ضعف القوات الحكومية التي تعاني من مشاكل تنظيمية وتسليحية بعد اصابة قائدها اللواء عبدالوهاب الساعدي في معارك بيجي ودخوله الى المستشفى.
ويتهم رائد الجبوري الحزب الاسلامي بانه يقف وراء محاولات تسقيطه سياسيا والسعي الى ابعاده عن منصبه بدعوى دفاعه عن المليشيات الشيعية في حين يقلل المتهم الثاني احمد الجبوري وزير الدولة لشؤون المحافظات من اهمية الاتهامات الموجهة اليه ويقول ان البعثيين واصحاب المنصات في الحراك الشعبي وجماعة (متحدون) يتعاونون للنيل منه وتلطيخ سمعته بالتعاون مع ايران وقائد فيلق قدس الجنرال سليماني، مؤكدا في الوقت نفسه بانه غير معني بمحافظة صلاح الدين بعد تسلمه وزارة المحافظات.
وفي السياق ذاته فان النائب (التعويضي) مشعان ركاض الجبوري وهو المتهم الثالث بمساندة المليشيات الشيعية في محافظة صلاح الدين يدفع عن نفسه هذه التهمة ويؤكد في تصريحاته بان نائب رئيس الوزراء صالح المطلك ووزير البيئة قتيبة الجبوري يحرضان عليه بعض شباب وشيوخ المحافظة للتشكيك به واتهامه بالتعاون مع ايران والمليشيات الشيعية، رغم اقراره بانه حوّل مواقفه السياسية السابقة التي كانت ضد الشيعة والصفويين وايران بعد احداث سوريا، ويؤكد انه مستمر بالوقوف مع رئيسها بشار الاسد وتأييد كل من يسانده وخصوصا ايران والاحزاب والكتل الشيعية في العراق.
ويوجه مشعان الذي برأته محكمة عراقية عقدت على عجل قبل الانتخابات النيابية الاخيرة في نيسان الماضي من احكام بالسجن مع نجله (يزن) كانت قد صدرت ضدهما في عام 2006 لقيامهما بسرقة مرتبات ضباط ومراتب حمايات النفط، اتهامات الى المطلك وقتيبة الجبوري بتلفيق مزاعم عنه ويقول انه سيتابع فساد المطلك في لجنة النازحين ولن يترك قتيبة يهنأ في منصبه الوزاري.
ويقول الشيخ ماجد الجبوري وهو احد النازحين في اربيل للـ(العباسية نيوز) انه احد ضحايا داعش واضطر الى النزوح من قريته مع عائلته وعدد من افراد عشيرته وتحمل المشاق والاذى في غربته، ولكنه يرفض أي شكل من التعاون مع ايران ومليشياتها، ويضيف بانه لا يقبل لنفسه وعشيرته استبدال عدو كداعش بعدو أخر هو ايران، ويؤكد انه على يقين بان داعش حالة طارئة في محافظة صلاح الدين ويجزم ان قوات المالكي انسحبت منها دون ان يصل اليها داعشي واحد عقب سقوط الموصل مما يدلل بان هناك تبادل ادوار وتواطؤاً مكشوفاً بين رئيس الحكومة السابقة وقيادات داعش لتسليم المحافظة الى الاخيرة دون قتال.
ويتهم الشيخ الجبوري بعض المحسوبين على عشيرته بالتماهي مع الاجندة الايرانية ويقول ان عشيرة الجبور كانت وستبقى عربية في اصالتها وعراقية في وطنيتها ولن تسمح للطبيب الفاشل رائد والوزير الفاسد ابو مازن والنائب المتقلب مشعان ان يشيخوا عليها ويتحدثوا باسمها، فالعشيرة صاحبة سجل ناصع في حرب ايران ومقاومة الاحتلال الامريكي وحكوماته الطائفية ومواجهة القاعدة وداعش .
وتتخوف الحكومة العراقية والاوساط السياسية والنيابية من صدور بيان (براءة) عشائرية ضد محافظ صلاح الدين رائد الجبوري ووزير المحافظات احمد الجبوري والنائب مشعان الجبوري، لما لهذا الاجراء من آثار سياسية واجتماعية باعتباره خطوة غير مسبوقة تؤدي الى اختلالات مجتمعية لها تداعيات خطيرة على سكان وعشائر المحافظة.
ويتهم شيوخ آل جبارة وهي اسرة عرفت بانها تتولى رئاسة عشيرة الجبور في العراق منذ عدة سنوات عشائر اخرى منافسة لها بتأليب سكان محافظة صلاح الدين على المسؤولين الجبوريين والطعن بهم، ويؤكد الشيخ عبد الكريم الجبوري وهو ضابط سابق وقانوني يسكن بغداد، ان قضية البراءة العشائرية خطيرة ولا تتم الا باجماع جميع شيوخ العشيرة ووفق اعراف وتقاليد معروفة، ويدعو الى استبعاد السلوك السياسي من موضوع البراءة العشائرية وانما يقتصر على ما يسميه بالقضايا المخلة بالشرف مع تأكيده بان التعامل مع ايران والتنسيق مع اجهزتها وقواتها ومليشياتها جريمة جنائية وسياسية ولكن يجب اثباتها قبل اتخاذ أي قرار او اصدار بيان بشأنها.
ويرفض آل جبارة الذين غادروا تكريت والشرقاط والعلم وانتقلوا الى بغداد واربيل وبلد بعد احتلال داعش لاغلب مقراتهم السابقة انخراط خمسة شيوخ من الجبور اثنان منهم من سامراء والصينية مع شيوخ عشائر اخرى في حملة اصدار بيان او وثيقة البراءة من رائد واحمد ومشعان (الجبوريين) ويؤكدون ان ذلك سيؤدي الى مزيد من الانقسام في المحافظة التي تعاني الويلات من داعش (حسب وصفهم) ويقول الشيخ حمد ال جبارة، ان المحافظ رائد والوزير احمد والنائب مشعان يتصرفون كمسؤولين حكوميين وكل واحد منهم يتحمل مسؤوليته ويحاسب على افعاله واعماله بمعزل عن العشيرة التي ينتمون اليها.
صور لمحافظ صلاح الدين رائد الجبوري مع ابو مهدي المهندس وقادة الحشد الشيعي وقيس الخزعلي: