ندوة تعويض العراق عن دمار وأضرار الاحتلال , وجهة نظر!
د. عمر الكبيسي
انعقدت في عمان بتاريخ 22مايس 2011 ندوة اقامها مركز الخلد باسناد ومشاركة اكاديميين ومتخصصين عراقيين ودعم اعلامي واسع كان لقناة البابلية مشكورة مع القنوات و وسائل الاعلام الأخرى دورا بارزا في تغطيته وابراز وقائعه وقد تميزت الندوة بحضور واسع للمتخصصين والمهتمين بالشأن العراقي ونوقشت موضوعة التعويضات من جميع جوانبها السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية وقد اغنى المتخصصون الموضوع ببحوث رصينة القي بعضها وتم توزيع نصوص البعض الآخر على الحاضرين كما أثار حضور قسم من النواب والمسؤولين والمشاركين في العملية السياسية وجهات نظر كثيرة تخص إمكانيات وضع آليات لتفعيل المطالبة بالتعويضات على صعيد الجانب الشعبي والجماهيري و التنظيمات والقوى السياسية كما ناشد العديد من المشاركين البرلمان والقوى السياسية المشاركة فيه بالتحرك والإسهام في تحريك ملف التعويضات من خلال واجهات السلطة بدلا من ان تستمر حالة الصمت واللامبالاة التي مارستها قوى العملية السياسية والبرلمان في تجاه ملف التعويضات بالرغم من شموليته واهميته كمطلب وطني وجماهيري .
من وجهة نظر شخصية وكمشارك ومساهم في هذه الندوة المهمة بإمكاني ان أيجاز أهم ملاحضاتي حول الندوة والتعويضات بالتالي :
اولا : يشكل حجم الدمار والانتهاكات التي تعرض لها العراق والعراقيون من جراء الاحتلال والعدوان الامريكي وقوى التحالف معه كما كبيرا من الضرر المادي والجسدي والمعنوي والبيئي لا يسهل تحديد حجمه بمعايير التعويض المادية أو تحديد فترة تاثيره بفترة زمنية معينة او حصره ببقعة جغرافية محددة .
ثانياً : لا يمكن الفصل بين موضوعة المطالبة بالتعويضات وبين عدم شرعية العدوان وثبوت عدم صحة مبرراته المعلنة .
ثالثا : ينبغي التأكيد على توفر عوامل سبق الاصرار والتعمد لدى دول العدوان في ايقاع الضرر واقتراف الجرائم والانتهاكات المقترفة سواء كانت شخصية او عامة , إذ أن قسما كبيرا من هذه العوامل قد تم توثيقها بتصريحات ورسائل سبقت الحرب واعقبت اصدار قانون تحرير العراق كما وردت في خطاب الحرب ورسائل الخارجية والسفراء وتصريحات الحاكم المدني وقيادات القوات المسلحة الغازية واوامر وتشريعات المحتلين ومستشاريهم ناهيك عن وسائل واساليب التخطيط والتنفيذ والاسناد والتشجيع لإيقاع الجرائم والاضرار.
4 . البحث في عدم شرعية النصوص والقرارات والاتفاقيات التي يستند عليها الغزاة والمحتلين في توفير الحصانة وعدم المسؤولية لما سيقترفوه من افعال وجرائم قبل بدء العدوان لما تنطوي عليه هذه القرارات من تشجيع وتعمد واستهداف لاقتراف هذه الجرائم والحاق الضرر علما بان العراق لم يوقع معاهدة استسلام او هدنة طيلة فترة العدوان والحرب والاحتلال ولا توجد معاهدة مشتركة بين الطرفين قبل وبعد الاحتلال تضمن هذه الحصانة .
5 . ان طبيعة الاضرار الناجمة عن العدوان تشكل جرائم ذات طابع شخصي وعام وبالتالي فان مسؤولية المطالبة بها تضامنية وشخصية ووطنية كما انها تشكل جرائم تضامنية بالنسبة لمقترفيها وبالتالي فان جميع دول التحالف التي شاركت بالغزو والاحتلال تعد مسؤولة عنها .
6 . أضهرت نقاشات الندوة ان أطراف العملية السياسية والحكومة ومجلس النواب خلال الفترة المنصرمة لم يتبلور فكرهم ودورهم السياسي لمستوى المطالبة بالتعويضات كمطلب وطني وجماهيري الى حد التقصير لأسباب عديدة منها ارهاصية ومنها توافقية وقد تم التذكير خلال الندوة بضرورة ان تكون لهذه القوى وسلطاتها وللبرلمان دور وموقف واضح من قضية التعويضات وإصدار التشريعات وتشكيل اللجان المتخصصة بكل ما يتعلق بها من توثيق وتقييم ومطالبات ونصوص في أي اتفاقية تعقدها السلطة الحاكمة مع دولتي الاحتلال اميركا وبريطانيا حول التسويات او الانسحاب وان التنصل من هذه المسؤولية يحسب تنصلا من مسؤولية وطنية وتقصيرا متعمدا بحق الشعب والوطن .
7. ونظرا لأهمية جانب التعويضات والمطالبة فيها للقوى الجماهيرية والشعبية المناهضة للإحتلال والتواقة الى يوم التحرير الشامل والكامل بإذن الله فأنا أرى ويتفق معي الكثيرون أن تشكيل هيئة وطنية شعبية متخصصة في موضوعة التعويضات وجوانبها المتعددة اصبح امرا ملحا كي تستمر هذه الهيئة بعملها البحثى والاعلامي والميداني لجمع التوثيقات والاحصائيات وتقييم الاضرار وتحديد اوجه المطالبة وتهيئة الرأي العام العراقي والدولي لتحقيق الهدف المنشود على ان تضع هذه الهيئة في ثوايتها ان التعويضات حق وطني عام وشخصي وان المطالبة بها ليست من السهولة بسبب تعنت الخصم لكن التصميم والاستمرار بالعمل حتى وان استغرق عقودا كفيل بتحقيق الهدف المنشود .
8 . وحيث ان موضوع التعويضات عن الاضرار والدمار امرا مرتبطا بمطالب الجماهير والمتظاهرين والقوى المناهضة للاحتلال بضرورة الانسحاب الفوري لقوى العدوان فان على جميع هذه القوى ان ترفع شعار المطالبة بالتعويضات كمطلب مهم لايقل عن مطلبي الانسحاب الفوري لقوات الاحتلال واطلاق السجناء والمعتقلين اهمية في كل ساحات التحرير والتظاهر .
9 . انا اعتقد ان عقد هذه الندوة يجب ان يعد خطوة اولى وإن كانت متأخرة يجب ان تؤسس لخطوات لاحقة من أجل نشاط فاعل ومستمر وجهد اكاديمي وبحثي وسياسي وجماهيري يرسخ شرعية واهمية مطلب التعويضات والخطوات العملية لتحقيقه مهما وضعت المعوقات وطال الزمن .