عبد الحسين حيدر ... رجل شريف وأبن عائلة شريفة ..أطلقوا سراحه
بقلم
ابن كربلاء البار
هو بذاته، وكما عرفناه كل سنوات العمر، طيب السريرة، وديع الطباع، خفيض الصوت حياءا وكبرا، متعالي على الصغائر، رافض للدنيء والدنايا من الأفعال، موزون القول في البوح وفي الرد، سليم الكلمة ينتقيها انتقاء حتى يظن المرء لوهلة انه ما عرف من ألفاظ شوارع وحارات كربلاء التي عايشها معايشة المرء لأنفاسه لفظا بذيئا واحدا.
قد تحكى له وشاية أو نميمة، وقد تصله معلومات وتقارير، ويكون الحكاة والرافعون في حماس لا نظير له لدفعه لاتخاذ موقف من الطرف الغائب غير أنهم لا يجدون منه سوى رد فعل بارد باهت يقع كما الماء على حريق حماسهم الغاضب ... ينظر في الأمور بترو وعقل وحكمة وإنسانية تضع الله فوق كل اعتبار وقيم الدين والحق فوق كل مردود، فيحيل كل أمر إلى من يعنيهم أو يقبر الوشاية في مهدها ويرمي الأوراق الصفراء إلى حيث استحقاقها في القمامة. في الوقت الذي كان الناس يجدونه في كل ميادين العمل والإنتاج يشحذ الهمم ويعلي صوت الواجب والأمانة وشرف الموقف ويمد يدا عراقية أمينة حانية تغازل أي بناء يعلو وأي انجاز يتأسس.
أو ليست هي ذي صفات العربي الفذ والمسلم المؤمن؟
بلا والله فهو ابن العشيرة العربية المسلمة المؤمنة الأصيلة التي ما سمعنا عن رجل من رجالها خان أو باع ذمته أو اعتدى على غيره، بل سمعنا عن أبناءها شيوخ كرام وأهل دين تقاة, قرّاء وباحثون ومقتني مخطوطات فريدة ونادرة وكذلك نسخ نادرة من كتاب الله العزيز وكتاب نهج البلاغة وسواها الكثير من عيون إرثنا الفكري والثقافي..
عبد الحسين حيدر، قارئ فذ لإرث الأمة ونتاجها العبقري وحامي أمين لعيون في هذا الإرث والعبقرية.
لم نر ولم نسمع عن عبد الحسين حيدر، عضو قيادة فرع كربلاء أو أمين سر قيادة الفرع لحزب البعث العربي الاشتراكي انه قام باعتقال مواطن ولا مداهمة دار مواطن بل لم نسمع قط انه قد أصدر أمرا بذلك لا مكتوب ولا شفاها.
لم نسمع يوما عن خلاف بين عبد الحسين وموظف أو شرطي أو معلم أو أستاذ جامعي أو فلاح أو عامل أو كاسب أو تاجر. لم نسمع يوما إن عبد الحسين حيدر قبل هدية تحسب عليه من أحد ولم يرفض قط دعوة (شاي وكعك) من أي جار أو ابن حارة أو كربلائي، كما لم يتخلف يوما عن مجلس عزاء في الريف أو المدينة، بل وفي المدن البعيدة.
لم نعرف للرجل ولدا أو بنتا أو أخا أخذ ما لا يستحق أو صعد إلى حيث لا يستحق أو تجاسر على الناس من باب الاستقواء، بل على العكس فكل العائلة كريمة الخلق متواضعة متوازنة موصوفة بالطيب والحياة الاجتماعية المتوافقة.
كان ناقدا لاذعا لمن يخطئ ويقصر ويتجاوز أو يتطاول على الناس. وكان الجميع يحسبون ألف حساب لردة فعله إزاء أي تصرف يسئ للناس أو يقصر بحقهم أو يحاول الاعتداء على هذا الحق.
نعم ... كان رجلا قائدا مثقفا موزونا يستحي الناس ويخاف الله.
و يجدر بمن يحاكم عبد الحسين حيدر أن يعود لحظة واحدة إلى نهج القانون والعدل ويراجع تزكيات الناس لهذا الرجل وان يخشى الله في قرارة نفسه فلا تأخذه العزة بالإثم فيكون عداءه لحزب البعث العربي الاشتراكي هو المعيار الوحيد الذي يحرك مفردات القانون في رأسه. رجال العدل والقانون في كل مكان يبحثون في تأريخ المتهم علهم يجدون نقطة ضوء ولا يقومون بحرق كل الصفحات المشرقة التي تغشي أبصارهم لكي لا تنير معتمات نفوسهم الساقطة تحت مطارق الغل والحقد والضغينة والدفع المأجور والدوافع السياسية التافهة.
رجل القانون يجب أن يخشى الله في رقاب الناس وفي معاناتهم من الظلم والجور والطغيان والتعسف... وهذا يتوجب على القاضي أن لا يسقط من حساباته وإلا فان خسارته ستكون كارثية هو وأهله. على القاضي أن يتذكر أنه يحاكم قادة شعب ووجهاء قوم ورجال فكر وعقيدة ... شاء أن يصدق أم لم يشأ فهذا هو وصفهم.
لقد تابعنا تفاصيل محاكمة الأستاذ والرفيق والأخ الكبير عبد الحسين حيدر ..غير إننا لم نجد ولم نسمع ولم نعرف أية تهمة موجهة ضده ولا شكوى مثبتة عليه ..فلماذا يبقى كل هذه السنوات يكابد ويعاني ليس لأمر بل لإرضاء حقد من جاء يحكم العراق بالحقد؟؟