ساخت إيران
عبد الرحمن العبيدي
كل دول العالم لديها من المنتجات والصناعات التي تسد حاجتها المحلية ، وتصدر الفائض منها ، وهذه الصادرات أما أن تكون منتجات زراعية أو صناعية تنتجها إبداعات عقول كوادرها أو ثروات طبيعية أوجدها الله عز وجل بباطن أراضيها أو في مياهها الإقليمية أو طاقات بشرية ، وأن عملية الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة المحلية وكمية الصادرات هي المقياس لتطور ونمو الدول واستقلاليتها ، فمثلا أن دول أمريكا اللاتينية تصدر البن والكاكاو والموز ,وأيسلندا تصدر الأسماك ، وألمانيا تصدر سيارات المرسيدس والفولكس فاغن ، وأمريكا تصدر الطائرات والصواريخ والغواصات والياهو والتوتير والفيسبوك و(ديمقراطية الفرهود) وهولندا تصدر منتجات الألبان ، وفنلندا تصدر الهواتف الخلوية ( نوكيا ) ، والهند بهارات الطعام والعمبة علامة الباخرة وأنواع البخور، والبرازيل تصدر لاعبي كرة القدم ، ودجاج الكفيل ، وبنغلاديش وسريلانكا تصدر العمالة ، أما الصين الشعبية فأنها تصدر جميع المنتجات التي تكاد دخلت كل بيت في أرجاء المعمورة من عيدان تنظيف الأسنان والأذان إلى سيارات الشيري والجيلي والزوتاي مرورا بجميع أنواع المولدات الكهربائية ، التي ندين لها نحن العراقيين بالجميل .
أما العراق فقبل عقدين من الزمن كانت فيه صناعات متنوعة تصنع في عدة معامل ومصانع تسد حاجة السوق المحلية ، وكان يصدر النفط والتمور .
واليوم فلم تعد في العراق أية صناعات و لايصدر إلا النفط الخام الذي تستخرجه شركات نفطية عالمية بطريقة الاستثمار ويستورد كل شيء حتى ( تمور الزهدي والسمك أبو خريزه)و المحروقات والكهرباء وكل مايخطر على البال
من دول عديدة حسب ماتحتاجه السوق المحلية ووزارات ومؤسسات الدولة ، لكن هنالك أسبقية للبضائع والسلع الإيرانية ( ساخت إيران ) كونها مفروضة و مباركة ببركات ( حجي أغا ) المرشد الأعلى ، وهذه تبدأ من أنواع المكسرات خاصة الفستق الإيراني ومحتويات أكلة ( الفسنجون ) الإيرانية الشهيرة لرغبة الساسة الجدد في تناولها لمعالجة ( القولنج )، والكافيار ( اللي جان حسره عليهم ،أيام التسكع والصياعة ) مرورا بسيارات سمند وسابا إلى وسائل عاشوراء وأسلحة تصفية الحسابات الخاصة كمسدسات الكاتم والعبوة اللاصقة والناسفة والعملة المزورة والترياق والمخدرات وحبوب الهلوسة .
إضافة إلى ذلك هنالك صادرات إيرانية غير تقليدية ومتداولة في عمليات الاستيراد والتصدير، وهي عديدة ومتنوعة مثل صناعة وتصدير الأحزاب والميليشيات الطائفية ومراجع الدين ،والرواديد والحركات والمؤسسات السياسية والثقافية والطقوس والمذاهب الدينية، والفتاوى والروزخونيات وحسب ماتتطلبه حاجة الستراتيجية الإيرانية في الزحف والهيمنة شرقا فقط فمثلا حزب الدعوة تأسس في خمسينات القرن الماضي وفق ( الدزاين ) الإيراني وبوسائل إيرانية وفقا للنظرية الفارسية في مايسمى الدعوة الإسلامية .أي انه يحمل علامة ( ساخت إيران ) ، ( دك النجف ) بلون طائفي ( ميتا ليك ) ، ثم أنشطر فيما بعد إلى خمسة أو ستة أحزاب وحركات مثل حركة الدعوة وحزب الدعوة الإسلامية ، وجميعها ماركة مسجلة في إيران ، وعمل ببركات ( حجي أغا خميني ) الولي الفقيه لتصدير الثورة في التفجيرات والاغتيالات التي حدثت في بغداد ومدن عراقية أخرى في نهاية سبعينات القرن الماضي ، ومنها تفجيرات المستنصرية ، و في ثمانينات القرن الماضي ، تأسس في إيران المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وجناحه العسكري فيلق بدر، (فخر الصناعة الإيرانية ) ، الذين شارك عناصره الجيش الإيراني القتال ضد العراق في الحرب العراقية الإيرانية ، ودورهم في أحداث الشغب عام 1991 ، ثم زجتهم إيران في تحالفها مع الغزاة الأمريكان عام 2003 ،ودورهم المفضوح في فرق الموت ،وتصفية الكفاءات والعلماء وضباط الجيش والوطنيين العراقيين ، وبعد الاحتلال ظهر مايسمى جيش المهدي الذي تم إعداد تصاميمه والياته ( بورشة حجي أغا سليماني ) حسب جودة الميليشيات الطائفية البالغة العنف والفوضى والملائمة لقياسات التوغل الإيراني وهيمنته على العراق ، الذي صال وجال في النهب والسلب والقتل والتخريب والخطف (الصك والعلس ) وترسيخ الطائفية . وحاليا يظهر على الساحة أحزاب من موديلات حديثة ملائمة لعصر فوضى الديمقراطية الطائفية ومافيا الفساد وظاهرة الايمو مثل عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي اللذان أعدا بتقنية تلائم متطلبات إحكام بسط النفوذ والسيطرة الإيرانية على العراق وختم هويته ( بمهر )الولي الفقيه .بالإضافة إلى عشرات الحركات والمكاتب التي تنتظر الظهور في الساحة السياسية العراقية مثل حركة سيد الشهداء وجند الإمام وجند الله وثأر الله.
وإزاء هذه الصادرات الخبيثة الهدامة العميلة المأجورة الضالة التي تهيمن على الحكم في العراق والتي وصلت رائحة فسادها حتى سكان جزيرة (زنجبار) وأزكمت رائحتها النتنة أنوف القصابين في ( الواق واق ) ، التي أعادة العراق إلى عصور الظلام والتخلف وشعبه إلى الجهل والأمية وخرافات (الطنطل والسعلوة ) نطرح الأسئلة التالية :
إلى متى يبقى الشعب العراقي يتفرج على هذه الأحزاب والروبيضات ومهزلة العملية السياسية ودستور التناحر والفرقة والمادة 4 إرهاب وبرلمان (شعيط ومعيط وجرار الخيط ) وأرضه تغتصب وثرواته تنهب ومقدساته تدنس ومستقبله إلى المجهول . ولازالت ماتسمى الفتوى ومراجع الدين وشيوخ (اللنكه ) لهم الكلمة الفصل في حياتهم أم أن عقول العراقيين غيبت بفعل روزخونيات الحوزة وأباطيلها وخزعبلاتها . وباتوا لايميزون الصالح من الطالح والنافع من الضار والوطني من العميل والحارس من اللص .
وهل أصبح الشعب العراقي عقيما إلى هذا الحد الذي لايستطيع أبنائه من تأسيس حركات وتجمعات سياسية وثقافية قادرة على بلورة فعل عراقي وطني للتخلص من كل هذه الأدران . وإدارة عراقهم بأنفسهم دون تدخلات خارجية .
أم استكان قادة الرأي العراقيين الوطنيين للوضع الحالي وجانبوا السياسة لفعل مسدسات الكاتم والعبوة الناسفة وتلفيقات الدعاوى الكيدية ، ولجأوا لمتابعة مباريات ريال مدريد وبرشلونة ، عملا بالمثل الشعبي ( لاأدوس على الشيطان ولا أكول بسم الله ) . أو ( باب اليجيك منه عبوة سده وأستريح ) .