تبصير الأذهان في كشف حقيقة حكومات الحيتان -
1
عقود الكهرباء وأبعاد أزمتها
د.
عمر الكبيسي
كانت أمسية اهتزت بها مشاعري وارتجفت أوصالي تلك التي
أسمعني فيها برلمانيون عن تفاصيل حقيقة عقود تجهيز الكهرباء التي تم التوصل
اليها بقسمة رضائية بين الكتل الحاكمة وسرعة متناهية تعطي للسيد المالكي
حيزا من الإيفاء بوعوده لتحسين الخدمات امام الجماهير الغاضبة قبل انتهاء
المئة يوم والتي بسببها هب المالكي والوفد المرافق له لزيارة كوريا لحل مشكلة
توفير الغطاء المالي لقيمة العقود التي تصل الى حدود ست مليارات ونصف مليار دولار
والتي سيتم تسديدها على شكل ديون تستوفى بتصدير النفط تباعا والذي سيتم بموجبه
تجهيز 5000 ميغا وات من الكهرباء لعموم العراق بشكل سريع لحين ان يتم تشغيل مولدات
غازية من جنرال الكترك الامريكية وسيمنز الالمانية تستغرق تقنية إنجاز نصبها
وعملها ثلاث سنوات قادمة لتغطي احتياج ايضا جزئي وليس جذري لتصعيد حجم التوليد
والتوزيع والتجهيز واحتياطاته والتي تم شرائها ضمن مبلغ الثلاثين مليار
دولار التي تحدث عنها وزير المالية السابق المهندس صولاغ والتي تم تخصيصها منذ
تعاقب حكومات الاحتلال لغاية تسلم الحكومة الناقصة مهامها والتي لن يكون لها
دور أو شأن في تحسين حالة تجهيز الكهرباء قبل عام 2014 , كون الأجهزة المستوردة
لازالت طريحة في موانئ خارج العراق تتفاقم كلف خزنها عام بعد عام لتصبح كلفة الخزن
أعلى من كلفة الشراء بسبب الحاجة لعقود نصب وتشغيل وصيانة مع شركات أخرى غير شركة
التجهيز التي صنعتها لم تعقد لغاية اليوم !. قد تبدو القصة مقبولة للبعض وقد
يحسب البعض ان مثل هذا التحرك السريع لحل مشكلة الكهرباء اِلتي تعقدت وتأزمت
شأن ايجابي يحسب لحنكة المالكي وشركائه , ترى ماهي المفاجئة إذاً في الموضوع والذي
يستوجب تبصير الأذهان ويثير الهزيز بالمشاعر والأبدان ؟.
هكذا يتم التعاقد مع شركات أجنبية لحل مشكلة وتنفيذ عقود
لتجهيز الطاقة الكهربائية بوحدات ديزل صغيرة كحل جزئي سريع لعموم
العراق ومن خلال إخضاعه وفقا لمتطلبات الشراكة البرلمانية المتكاملة
وسياسة تقسيم الكعكة بين الكتل وتوزيع حصص الكهرباء وفقا لسياسة الفدرلة والتقسيم
, نعم توافقت الكتل على توزيع المنافع والمكاسب فيما بينها بطريقة المحاصصة
فتتقاسم الكتل العقد وفق كمية الطاقة التي ستزود المحافظات التي
انتخبتها فتكون حصة قائمة التحالف الوطني تنفيذ عقد التجهيز للمحافظات
التي تمثلها الفين وخمسمائة ميغا واط وان تكون حصة محافظات القائمة العراقية الف
وتسعمائة ميغا واط فيما تكون حصة الإئتلاف الكوردي ستمائة ميغا واط . وبهذا
المضمون تم تقسيم مخصصات العقد بين الكتل وفق كلفة التشييد والمعدات الأصلية لكل
ألف ميكا واط بمبلغ مليار وثلاثمائة دولار وطبعا تعتبر هذه الكلف عالية جداً
إذا قورنت بمعدل كلف التشييد والمعدات في دول أخرى والتي تكون بحدود الثمانمائة
مليون دولار لكل الف ميغا واط. وتركت حرية التعاقد وهوية المتعاقدين ومناشئ شركات
التجهيز والاشراف والإنجاز وفقاً لما ترتأيه قيادات الكتلة فيما حددت مناشئ
التصنيع من شركات كوريه والمانيه وتركيه , وهكذا تتدخل وتتحكم في التنفيذ
والاشراف واجهات وشركات وحيتان عديدة لتأمين تقاسم حجم من الفساد والإستثمار
يصعب تحديده بالتضامن بين الكتل وقادتها التي !!. ومن المتوقع ان تكون كلف الانتاج
والتوزيع والتشغيل والإدامة خمسة أضعاف كلفتها في الولايات المتحدة والتي سيكون
المستفيد من توزيع المغانم والتوظيف في هذه الكوادر من حيتان هذه الكتل بالتحديد
!.
عقد دولة لتجهيز الطاقة الكهربائية , تتحكم بحرية التصرف
بمخصصات تنفيذه وانجازه وتشغيله حيتان كتل المحاصصة العرقية والطائفية طبيعة
التعاقد فيه مع شركات مختلفة المناشئ لا تتوحد فيه طبيعة التشييد والمعدات الاصلية
او الصيانة او التدريب او النوعية او الجودة او الأداء , تستقتل فيه الكتل على
تحقيق اكبر الارباح وتامين اكبر المبالغ وفقا لخبرة هذا المقاول او المتعهد او الوسيط
او التاجر عن غيره في التعامل والكسب والإرتشاء وهكذا سترتوي أفواه اولئك
التجار والممولين الذي أداروا عملية تنصيب رجال الدولة المزعومة ليحصدوا أضعاف ما
أنفقوا , عقد تكون الأفضلية فيه لمن ينجزه باسرع وقت على حساب الجودة ويحصل على
اعلى نصيب له من المال السحت كأرباح وتسهيلات قبل فوات الأوان .
دفعني ما استمعت اليه لقضاء يوم كامل استعرض فيه تفاصيل
دراسة قيمة حول أزمة الكهرباء في العراق نشرها موقع كتابات للدكتور نزار احمد وهو
خبير في شؤون الطاقة ومتابع من خلال موقعه وخبرته العملية في ميشغن كاعلامي
ومحلل وناشط سياسي عراقي والتي اشعلت دراسته في الفؤاد غليان ممزوج بالإحباط
والإستبعاد من ان جيلي سيشهد قبل رحيله اثرا لأي عملية إعمار في العراق الحبيب ,
أي إعمار هذا سيتحقق بلا كهرباء وطاقة ؟ .
وجدت من المناسب ان انقل من هذه الدراسة
للقارئ بعض من المقتطفات التي تظمنتها الدراسة والتي يسهل من خلالها نقل واقع هذه
الأزمة وردود فعل الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال وحكومتي المالكي بالذات في
تأزيم تفاقمها للقارئ الكريم دون الخوض بتفاصيل ينبغي ان يعتني بها المتخصصون
والمعنيون بهذه الأزمة للإفادة منها ان كانوا جادين بالمعالجة في نهاية
الدراسة يقول الدكتور نزار : (في ظل انعدام الستراتيجية الواضحة والثابتة
والفنية والعلمية وتخبط القرار السياسي واستنادا على خطط الحكومة العراقية
في معالجة ازمة الكهرباء فأن لاحل في الافق لهذه الازمة لا اليوم ولا في عام 2012
ولا بعد مائة عام. بل على خلاف ذلك ازمة الكهرباء تزداد تعقيدا وابتعادا عن
موعد حلها بعد كل خطوة تتخذها الحكومة. هذه الازمة لاتحل بخطط آنية تتغير كل سنة.
ايضا لايمكن حلها الا عندما يبتعد القرار السياسي عنها ويتحكم بخطواتها القرار
الفني. غير ذلك لا حل اطلاقا. العالم ابتعد عن محطات حرق النفط ومشتقاته منذ بداية
التسعينات ونحن لازلنا غارقين به. المنظومة العراقية نمت الى منظومة حجمها 15 الف
ميغا واط وفي نمو سنوي بمعدل 6 بالمائة ولازال المسؤول يعاملها على انها منظومة
بحجم الفين ميغا واط. المنظومة بحاجة الى قدرة انتاجية بالاضافة الى احتياجاتها
الآنية تقدر باكثر من 20 الف ميغا واط خلال العشر سنوات القادمة ولازلنا
نضيف وحدات بحجم اربعة ميغا واط.). ويقول أيضا : اغلب المحطات والوحدات
الغازية التي تم انشاؤها بعد 2003 كانت فاشلة فاما متكررة العطل او قدرتها
الانتاجية اقل من القدرة التصميمية او لم تشتغل اطلاقا. ايضا اغلب وحدات الانتاج
التي تم استيرادها لغرض التشغيل السريع استغرق وقت نصبها اكثر من التوقعات بعدة
اضعاف. فحتى هذه اللحظة لازالت وزارة الكهرباء تشيد محطات الديزل والوحدات الغازية
صغيرة الحجم التي استوردها وزير الكهرباء في حكومة علاوي ايهم السامرائي قبل ست
سنوات والتي كان يفترض الانتهاء من نصبها خلال اشهر بأكثر تقدير. ويستنتج د نزار
بتقديراته المنطقية ان ساعات التجهيز للكهرباء ستكون خلال السنوات القادمة
ستكون (من خلال قراءتي لما بين السطور أخذا بنظر الاعتبار تضخيمات المسؤول
العراقي واحتياجات الشبكة الراهنة والمستقبلية والمشاريع قيد التنفيذ وصدق
المشاريع المزمع تنفيذها فأن الواقع الفعلي والاكثر تفائلا يتخذ الشكل التالي:
1: صيف 2011: 7 ساعات تجهيز.
2: صيف 2012: 9 ساعات تجهيز.
3: صيف 2013: 14 ساعات تجهيز.
4: صيف 2015: 18 ساعات تجهيز (الانتهاء من نصب مولدات جي
إي وسيمنز) .
5: صيف 2019: 24 ساعة تجهيز.
للاسف ازمة الكهرباء سوف لاتحل لا في عام 2012 ولا
في عام 2015 ولا حتى بعد الف عام اذا لم تغير الكوادر القيادية لوزارة الكهرباء
ويستطرق الدكتور نزار بالقول : زار الوكيل الاقدم
لوزارة الكهرباء المهدنس رعد الحارس ضمن سلسلة زياراته الميدانية ظهر يوم السبت
الثالث والعشرون من نيسان 2011, محطة الكحلاء الغازية في محافظة ميسان واطلع على
وضع المحطة بعد دخول وحداتها الاربع برنامج التأهيل والصيانة واكد على تشغيلها قبل
موسم الصيف المقبل وذلك لرفد المنظومة ب (180 ميغا واط) بالكمال والتمام. على فكرة
محطة الكحلاء والتي انشئت قبل سنتين لم تشتغل اصلا, فكيف دخلت عمليات الصيانة
والـتأهيل والتي تدخلها عادة وحدات التوليد بعد ثلاث سنوات من العمل المستمر بدون
انقطاع. ايضا زار سيادته بارجة توليد الكهرباء في خور الزبير واطلع على واقع
التوليد وحث الشركة التركية على اكمال صيانة باقي الوحدات. البارجة التركية
اشترتها وزارة الكهرباء في صيف العام الماضي بسعة تصميمية مقدارها 145 ميغا واط.
لم تولد هذه الباخرة سوى 35 ميغا واط لفترة وجيزة جدا. فلا اعرف ماهي الحاجة
لصيانة الوحدات ان لم تشتغل هذه الوحدات اصلا؟. افليس شر البلية مايضحك؟.
السعة القائمة لوحدات التوليد المتواجدة في الخدمة حاليا
يصل الى 16,327 ميغا واط بينما الطاقة الحقيقية المنتجة لاتتعدى 6,000 ميغا واط.
هذه النسبة المنخفضة جدا في الانتاج مقارنة مع السعة القائمة سببه سوء اداء
وزارة الكهرباء في تشغيل وادامة وصيانة محطات التوليد وفشل الوحدات التي اضيفت بعد
عام 2003 بالاقتراب من سعتها التشغيلية. ممايدل على اهدار مايقارب سبعة مليارات
دولار في سعة غير مستغلة يضاف اليها مليار دولار سنويا كلفة الايادي العاملة
لهذه الطاقة غير المستغلة. في حالة تحسن اداء وزارة الكهرباء في التشغيل
والصيانة والانشاءات والوصول الى اهلية بنسبة 70 بالمئة والتي تظل منخفضة مقارنة
مع الدول المتقدمة فأن ما هو موجود في الخدمة يكفي لتوليد ما لايقل عن 11
الف ميغا واط ينتج عنه معدل تجهيز لايقل عن 20 ساعة في اليوم في فصل الشتاء وحوالي
16 ساعة تجهيز في فصل الصيف. لذلك وقبل اهدار مليارات الدولارات في انشاءات جديدة,
اليس من الاولوية ان نسأل وزارة الكهرباء عن سبب انخفاض اداء الوحدات الموجودة في
الخدمة والتي اغلبها اما وحدات اضيفت بعد 2003 وهي نفس نوعية الوحدات التي سوف يتم
اضافتها خلال الخمس سنوات المقبلة او وحدات تمت صيانتها وتأهيلها حديثا وهي وحدات
اغلبها شيدت في فترة الثمانينات ولا يمكن وصفها على انها وحدات قديمة بأي شكل من
الاشكال لاسيما بعد خضوعها الى دورات تأهيل كلفت خزينة الدولة مليارات الدولارات.
بالاضافة الى معاناة المواطن, خسائر الاقتصاد
العراقي نتيجة ازمة الكهرباء تقدر بحوالي 50 مليار دولار سنويا وهي في تزايد سنوي
بمعدل 10 بالمئة. زائدا مليارات الدولارات سنويا (6-7 مليار دولار سنويا) والتي
تصرفها الحكومة العراقية على قطاع الكهرباء كميزانية تشغيلية ومشاريع اعمارية
لاتولد اكثر من نصف قدرتها التصميمة او لاتشتغل اصلا زائدا اكثر من سبعة مليارات
دولار سنويا تصرفها الدولة نتيجة تخفيضات في وقود محطات توليد وزارة الكهرباء
والمولدات الاهلية. هذه الارقام ترتفع سنويا بنسب لاتقل عن العشرة بالمئة. فألا
يادولة رئيس الوزراء قد حان الوقت كي تسأل وزارة الكهرباء عن انتاجيتها مقابل هذه
الاموال الطائلة؟ ولماذ كل هذه الاخفاقات؟. خسائر الاقتصاد العراقي نتيجة ازمة
الكهرباء زائدا الميزانية التشغيلة لوزارة الكهرباء زائدا تكاليف سعات التوليد غير
المستغلة زائدا تكاليف تخفيضات الوقود تكفي لاستيراد 110 الف ميغا واط (او ثمانية
اضعاف احتياجات العراق من الطاقة الكهربائية). او مايعاد انتاج اليابان او نصف
انتاج امريكا.
ويستطرق الدكتور نزار بالقول :
باختصار جميع خطواتحكومات ما بعد 2003 في معالجتها
يمكن وصفها بعبارة واحدة وهي "تصحيح الخطأ بخطأ اكبر منه", فبعد كل خطوة
تتخذ او مشروع ينفذ تزداد الازمة تعقيدا وتزداد كلفة حلها الجذري ويبتعد افقه.
الى هنا وانا أعتز بعلمية ما كتب الأخ د نزار أحمد
في دراسته الوافية واستميحه عذرا لتضمين معظم مقالي ببعض ما تضمنته هذه
الدراسة القيمة من حقائق مع كل ما زاد همي من هموم , لأترك للعراقيين حقهم في
استخدام أذهانهم ليدركوا ألى أين هم ماضون في ظل هذه الحكومات التي تحكمهم ؟ وأي
كتل هذه التي انتخبوها ؟ والى متى تبقى حيتان السحت والكسب الحرام تقضم
ثروات العراقيين وتكبل كفاءاتهم ؟ والى متى يستمر الفساد سمة السلطة في عراقنا
المنكوب ؟.
لا أستغرب إذا اختارت شراكة الكتل والأحزاب
الحاكمة الوانا مختلفة تطمس نور الكهرباء التي سيجهزوا بها
العراق ليصنعوا من تشكيلة هذه الألوان مصباحا لاهباً قاتلاً بديلاً عن
فانوس( السندباد السحري) يقوّض مكرهم ويحرق فعلهم أو (مرجانة علي بابا والاربعين
حرامي) تغليهم بزيتها وتمسخ فعلهم بل ربما سيرفعوا علماً جديدا للعراق يكتب
فيه (الظلام مستقبلنا ) بديلا عن علم تطرزه كلمة ( الله أكبر) التي لم تعد تليق
بواقع العراق الذي يحكموه !!. ويلكم ماذا تفعلون ؟.