تبصير الأذهان في سلوك سلطة الحيتان - 2
موت العراقيين المنًّظم والمستورد عبر الحدود بعلم السلطة
كتابات - د. عمر الكبيسي
كتب
الكثير ونشر عن صناعة الموت في العراق بعد الاحتلال وكيف أن الدولة
العراقية بكامل مرتكزاتها استهدفت وانهارت ومنها انهيار حماية الحدود
وفلتانها ومن خلال ذلك دخلت الى العراق عناصر مخابرات دولية عديدة وقاعده
وميليشيات وفيالق وعصابات خطف وقتل وتهريب وتوريد وعناصر معارضة ومقاومة
وحدث ما حدث بكل ما شهده العراق من صراعات وعنف واقتتال ومواجهات وصراعات
وجرائم .
بعد
مضي ثمان سنوات على تشكيل ما يدعيه أركان العملية السياسية بالدولة
البديلة وانجازاتها المزعومة من المؤسف ان تتخذصناعة الموت في العراق
اليوم شكلا آخر منظم و بغطاء حكومي ضمن ملفات الفساد الإداري والمالي الذي
أصبح سمة السلطة القائمة إذ لو كانت دولة فعلاً لتمكنت من حماية أفراد
وثروات هذه الشعب الذي تتولى قتله بكل الوسائل .
أدرج
أدناه بعض النماذج من أشكال الموت الجماعي المستورد عبر الحدود الذي
يستهدف حياة العراقيين بالصميم وهو استهداف منظم بدافع المال والإثراء غير
المشروع ومقبول لكون تفاصيل أشكاله تعلن ويتم الكشف عنه من قبل لجان
النزاهة والتفتيش والرقابة ومع ذلك يتفاقم ويستمر بشفافية ودون رادع بل
أصبح حديث الساعة علما بأن قسم كبير مما سأذكره يصلني من مسؤولين وسياسيين
ومهنيين ونواب .
أولاً
: عندما كتبت مؤخرا عن عقود الكهرباء الجديدة وعقد استيراد مولدات الديزل
والاحتراق كتب الأخ عصام الخالصي عن أضرار نشر هذه المولدات في عموم
العراق على البيئة وتلوثها وانعكاساتها على صحة الإنسان والحياة وتلويث
الملوث وتفاقم أمراض الأورام والسرطانات وأمراض التنفس والجلد ومخاطرها
كما اعتبر آخرون إن العودة إلى تعميم توليد الطاقة الكهربائية بهذه
الطريقة يعني العودة الى عقود سالفة من الزمن كما أشاار آخرون الى وسائل
مكلفة ومعقدة لتقليص حجم التلوث الناتج والذي لم يحسب له حساب . ترى هل
تمت الاستعانة قبل توقيع العقد بخبراء من البيئة والصحة والتلوث لبحث هذا
الأمر الخطير ؟.
ثانيا
ً: عندما كتبت عن الوضع الصحي في العراق تم نشر الكثير عن أساليب الموت
الذي يستهدف صحة الإنسان وهو مستورد عبر الحدود وليس ضمن المؤسسة الصحية
التي اعتدنا ان نكتب عن فسادها. نشر موقع كتابات تقريرا رئيسيا ضمنته لمن
لم يقرأه من النواب والمسؤولين طرق وتسهيلات إدخال اي مادة بصفة دواء تطبع
له في مناطق المنافذ الحدودية اغلفة وتورايخ نفاذ ومصادر صناعة رصينة
ليتم إدخاله وتوزيعه بالمسمى والمواصفات الجديدة فيما ان حقيقة هذا
الدواء ومواده من دول آسيا الشرقية ومن شركات وهمية او دخيلة , ليس ذلك
وإنما كيف يتم الترويج بصياغات غير علمية ورخيصة لكوادرنا الصيدلانية
الجديدة ليتعلموا كيف تشترى الذمم حتى ولو استهدفت حياة الإنسان خارج
الحدود بغطاء التدريب والإيفاد وذكرني ذلك بما كتبت قبل سنين حول منظومة
القيم النبيلة لدى الكوادر الطبية والعلمية العراقية التي تميز بها الطب
العراقي على مر العصور التي نبغ خلالها وكيف يتم اليوم اختراقها وتلويثها
بصيغ الإثراء والإرتشاء . عندما اطلعت على ما نشر بموقع كتابات , اتصلت
بمصدر التقرير وتأكدت من صحته بعد أن نوقش الموضوع أمام العديد ممن يعملون
في ميدان النقل وذكروا كيف أن المسؤولين على علم بما يجري من استغلال في
المنافذ الحدودية وان وجود تسهيلات لتغيير هوية وطبيعة المواد المستوردة
بات هو المعتاد مع وجود مفارز السيطرة النوعية ورجال التفتيش والرقابة !.
أليس في هذا قتل متعمد وجماعي للإنسان العراقي ؟. بل ذكر أحدهم إن سر
قفلية نقل شرطي من المنفذ الحدودي ببديل بلغت أكثر من مائة مليون دينار
عراقي ، أليس هذا فساد وإفساد ؟.
ثالثاً
: والأمر لا يتعلق فقط بالدواء بل يشمل المواد الغذائية التي كثيرا ما
تكون تالفة او فاشلة بالفحص النوعي ويتم إدخالها تحت مسميات وفحوص قبول
غير حقيقية , فلماذا العجب من وجود مواد غذائية تالفة عالقة بالموانئ
لعقود حكومية وهو نزر قليل مما يتم إدخاله بعقود شخصية تجارية صرفة ؟ إنه
نوع رهيب ومخيف من أنماط الموت الجماعي الذي يستهدف العراقيين بتقصد وبثمن
ليس فقط من قبل أجهزة السلطة المنظمة والمحمية ! يا لها من كارثة !!. ألا
يكفي تزوير هوية الدواء بمطابع في الداخل وجموع الصيدليات والمذاخر الغير
مجازة المنتشرة ؟، ألا يكفي حرق مخازن المعدات والأدوية في مخازن الدواء
في حي العدل ؟ ألا يكفي حرق مستندات العقود المشبوهة في طوابق وزارة الصحة
؟ ألا يكفي ما تم الحديث عنه من قبل هيئة النزاهة في وزارة الصحة وما سيتم
عنه الكشف قريبا بعد ان اصبح الصراع محتدا في هذه الوزارة بين واجهات
الفساد ؟ ألا يكفي فساد عقود محارق النفايات وعقود أجهزة المختبرات
المستأجرة وعقود الأدوية الملوثة وكل ما أباح به المفتش العام في الوزارة
من انتهاكات ، فتكاً بصحة الإنسان العراقي ؟. المذهل والمثير ان دورة مجلس
النواب الحالية تظم أكثر من سبعين طبيباَ في تشكيلتها ويحدث كل ذلك
والمذهل أيضا ان يتزعم أكثر من طبيب كتل وأجنحة سياسية حاكمة ، بل المذهل
الأكثر إثارة ان يكون وزير المالية طبيباً وسياسيا متنفذاً تقع ضمن
مسؤوليته دوائر الجمارك فيما يكون خبير الزراعة العراقية نائبا لرئيس
الوزراء لشؤون الخدمات وتدخل كل هذه الأغذية والمنتجات الزراعية التالفة
في زمانه , أما الطبيب زعيم القائمة العراقية الممانعة والناقدة للفساد
وأداء حكومة المالكي، والمنشغل حاليا بمعضلة تعيين رئيس الوقف السني
وكأنها أسبقية وطنية ومسألة توافقية داخل القائمة ملحة وعلى عهدة ما
يرويه نواب القائمة ! ، لم نسمع له تصريح يتعلق بالوضع الصحي العراقي
الكارثي وكأنه لا يعنيه من قريب أو بعيد !. إنه الموت المنظم والموعود
للعراقيين . اليوم يموت العراقي رخيصٌ بلا ثمن بكل الوسائل المتاحة سواء
كان بسلاح المحتل وسجونه او بصراع الساسة وطائفيتهم أو بسلاح الجيش البديل
وسجونه أو بالكواتم والمتفجرات والقنابل اللاصقة والمخدرات او بالغذاء و
بالدواء، بل أصبح الحديث عن مطالبة المحتلين بتعويضات عادلة عن حقوق وحياة
هذا الإنسان في نظر ساسة ونواب العراق الجدد أمر مهين ! فيما يعد التعويض
عن الأذى النفسي للمواطن الأمريكي وهو قابع في داره أمر مشروع ، فياله من
هوان ما بعده هوان !