جاءت استقالة النائب الاول لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي , التفاتة مثيرة للانتباه والارتباك معا في الوسط السياسي العراقي لتلقي بظلالها من حول ازمة تصاعد دخانها داخل الاتئلاف الوطني نفسه وهو ما يعني ان الخنادق الشقية بين الكتل السياسية بدأ ت حافتها تنهار وعقدها ينفرط مزيحا بعضها البعض انتظارا للساعات الحرجة من المهلة التي اعطاها لنفسه نوري المالكي لتقييم دور وزرائه او تقديم استقالالتهم وهو ما يهدد بتشكيل وزارة الاغلبية النيابية , فهل هذه هي الديمقراطية التي وعدنا بها وصارت وبالا علينا ..؟ لنحزم امرنا ونقرأ ماذا يخبئ لنا المستقبل في العراق ..
.ولعل من اروع التوصيفات التي وسمت هذه الحركة الدراماتيكية في مهلة المائة يوم هو ما اشار اليه اياد علاوي حينما وصف الامر بانه ورطة اوقع نفسه بها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ولايعرف كيف يخرج منها, وهو مثله مثل غريق يحاول النجاة حتى ولو بسحب منقذه الى الاعماق ولقد جاءت استقالة عادل المهدي بالتاكيد ضمن صراع الاضداد داخل الائتلاف الوطني واعني بهم دولة القانون والمجلس الاسلامي الاعلى لابعاد الانظار عن مشهد مروع قادم خلال الثماني والاربعين ساعة قادمة مشهد يجب ان لايٌفٌُوته مجلس النواب في استعراضات كلامية ونزالية لاتقدم ولا تؤخر, بوضع النقاط على الحروف في حكومة لم تنجزشيئا ولن تنجزه طالما انها حكومة محاصصة طائفية سياسية .
الاحداث ان تسارعت فصولها واخرج منها ما هو مخبئ كورقة اخيرة, فاننا حتما سنصل الى نتيجة ,هي الانقلاب على الذات الحكومية وخلط المزيد من الاوراق لتعطيل دور القوى الوطنية التي تراقب عن كثب مجريات الامور وتتحين الفرص لاسقاط جكومة المالكي ديمقراطيا جراء فشله في مجمل السياسات الحكومية او ما عرف بالمنهاج الوزاري والاخفاقات التي القت بظلها على كل مفاصل الدولة العراقية وفي المقدمة منها ملفي الامن والخدمات ... اذن علينا ان ننتظر المزيد من القنابل الصوتية المثيرة للانتباه عما يجري داخل الائتلاف الوطني ولأيهام شعبنا وتغيير الانظار عن الشروخ العميقة في تشكيلات الائتلاف ومديات استعداد كل منها لتقبل فكرة الشراكة الوطنية السياسية من عدمها ...وانتظروا ايها العراقيون المزيد من هذه الصوتيات للتغطية عن احداث مؤلمة قادمة او انسحاب احدهم من واجهة سياسية كانت اعدت سيناريوهاتها باتقان هنا او في طهران للتخلص من هذه الورطة التي اوقع بها نفسه نوري المالكي ولن ثبت انه لن تفيد معها حتى الاستمارات التقيمية التي بعثت بها الامانة العامة لمجلس الوزراء لوزراء الحكومة والمحافظين
والتاريخ يحدثنا عن رؤساء دول وحكومات وحتى ملوك قادوا انقلابات على انفسهم ليعيدوا انفسهم بصورة اكثر تقبلا لدى شعبهم . المالكي وما لوح به وغيره من قادة ائتلاف دولة القانون بتشكيل حكومة الاغلبية النيابية ستتطلب منه تنازلات كبيرة للتيار الصدري ياتي في مقدمتها عدم تجديد البقاء للقوات الامريكية بالعراق بعد نهاية العام وهو امر لااعتقد ان خلفيته وطنية بقدر ماهي ضغوط ايرانية تستهدف ابعاد امريكا عن الحدود القريبة منها في العراق لكي يسهل لها الانفراد بالعراق في غيباب جيشه الوطني وقادته الوطنيين وليس من همه الصدريين الجلاء بعينه كما يزايدون على ذلك ويستعرضون عظلاتهم في شوارع بغداد لكي يقال ان الامريكان خافوا ومن التنازلات الاخرى ضغوطهم لتعيين وزير لهذا الفصيل من بين ثلاثية الوزراء الامنيين, او حتى رئاسة المخابرات وهو مايعني ان تنازلات المالكي ستكبر لكي يضمن سكوت التيار الصدري وتخندقه معه مثلما فعلها في المرة الاولى فمن يقف ورائها , والاحداث في العراق تسجل لهذا التيار تقلباته السريعة وبعظها ياتي على النقيض من تصريحات الناطقين باسمه او المحسوبين عليه في اللحظات الحاسمة ومع ذلك لننتظر ونرى.. اما في الجانب الاخر من المعادلة فقد اشار اليه رئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني بقوله : إن طلب استقالة عبد المهدي من منصبه وصل إلى مكتب رئيس الجمهورية جلال الطالباني، الذي سيجتمع واياه لبحث الأسباب التي دعت إلى تقديم الاستقالة.لكن العاني استدرك بان القضية لم يبت بعد بها الرئيس ما لم يعرف الأسباب التي دعت عبد المهدي إلى التقدم بطلب الاستقالة.
اما عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق الذي فجر قنبلة استقالة عادل عبد المهدي، احد نواب الرئيس العراقي الثلاثة،فقد شدد بقوله انه كان من المفترض أن تقدم هذه الاستقالة في وقت سابق، ولكن رئيس الجمهورية كان خارج البلاد، فلذلك انتظرنا عودته لتسليمه الاستقالة , الحكيم الخصم السياسي القوي داخل الائتلاف الوطني لرئيس الوزراء نوري المالكي لطالما تبادلا الاتهامات عبر وسائل الاعلام حول تسيب امور البلاد, نقل عنه ان الاستقالة تأتي استجابة لرغبة الشعب العراقي والمرجعية الدينية في تقليص عدد المناصب الحكومية...؟.. الحكيم حينما يعبر عن رايه من جديد بالحكومة ويحرض في ان يحذو آخرون حذو عبدالمهدي، (لتقليص حجم الحكومة) على حد تعبيره. يفهم منه بلا شك انها دعوة لاسقاط الحكومة وتقديم استقالات جماعية وهو ما يعتقد بانه الاسلوب الافضل لاسقاط المالكي شعبيا وسياسيا في ايامه الاخيرة في الحكم ...؟
اقدام النائب الاول لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي على الاستقالة بعد ايام قليلة من اختياره لموقع النائب الاول , هي استقالة ملفتة للانظار ولم يتوقعها احد رغم ان هذا الموقع وحتى موقع رئيس الجمهورية هو موقع شرفي وليس تنفيذي في الدستور الا انها مع ذلك جاءت صدمة للوسط السياسي لان من كان يجب ان لايرتضي لنفسه اعتلاء هذا المنصب هو خضير الخزاعي النائب الثالث للرئيس والذي ارتضت جميع القوى السياسية ادخاله هذا الموقع مخافة ان تسقط اتفاقات الشراكة وتقاسم السلطات بين القوى السياسية علما ان هذا الاخير لو كان حقا كفؤا لكان في الاقل دافع عن نفسه امام تهم طويلة وعريضة تتعلق بالفساد الاداري والمالي في وزارة التربية سابقا وبخاصة المدارس الحديدية الهياكل والايرانية الهوىحيث قدرت (هيئة النزاهة) الخسارة التي مني بها العراق بسبب المدارس الايرانية الصنع التي تعاقدت معها وزارة تربيةووزيرها (خضير الخزاعي) والتي لم يكتمل بناؤها بحوالي 260 مليار دينار عراقي ..! ولكن من المحزن حتما ان تنخرط هذه القوى ومنها العراقية في عملية الصفقة الواحدة وهكذا مرر خضير الخزاعي رغم كل المثالب التي يتحمل وزرها , لأن دولة القانون وتحديدا حزب الدعوة يرى فيه رجلها المؤهل بحساباتهم فانها حسب المثل العراقي( دكت رجل ) وارادته وهكذا صار الاتفاق وهو ما اشار اليها بألم اياد علاوي في مقابلاته الاخيرة التي اذاعتها العديد من الفضائيات ..
ولأن اسلوب الصفقة هو من اكثر الاساليب ابتزازا واسقاطا للقيم والمبادي والحقوق ويمرر عبره كل مسيئ الى منصب رفيع لقاء التغاضي عن غيره, وهذا الغير قد يكون النموذج في ادارة الدولة,فاننا شعب العراق الذي حمل معظمكم على اكتافه لم يكن ينتظر ان يعامل هذه المعاملة وكنا ننتظر منهم ومن العراقية بالذات ما لاترتضيه لنفسها من وقفة غير مبدئية والرجل الخزاعي كما نقل عن سيرته وكما اثبتت كل الاحداث وحتى غيره من رجالات السلطة غير محصنين امام المال السياسي..؟ تلك وغيرها هي من حركت الكوامن عند المجلس الاسلامي الاعلى فكان ان حرك الاحداث ماساويا في ظاهرها كما يفهم من سياقات كلمات الحكيم عند اعلانه بالامس استقالة عادل عبد المهدي والطلب منه ان ينسحب بطريقة تجعل الصراع المقبل داخل هذه المؤسسة وغيرها صراع بين ائتلاف العراقية ودولة القانون وتلك لعبة باطنية ..؟ فتحت دواعي تخفيف الاعباء عن خزينة الدولة سيكون القادم فيها لامحالة اشد غموضا وقتامة , حيث يتردد ان هذا الرجل الهادئ والمٌقل في كلامه هو رجل المرحلة المقبلة والمجلس الاعلى في آن واحد لرئاسة الوزارة القادمة سواء اسقطت الوزارة هذه او تهاوت بعد مهلة المائة يوم ام ان انتخابات مبكرة ستفرز قوى جديدة للسطح وستكون قريبة على الابواب,, اليوم وغدا وبعد غد هي منعطفات خطيرة ومن يتقن قواعد اللعبة ويجيد احتضان الخصوم لاي الفريقين سيكون هو الفائز في مسرحية يجري تدبير وحياكه فصولها باتقان ... بعيدا عن شعب يئن من جراحه وينتظر مخلصه الحقيقي وخلاصه ..
صراع اقطاب العملية السياسية الذي نشهده اليوم يمر باحلك حالاته ويكشف بما لايقبل جدلا ان التوازن الهش داخل الائتلاف نفسه هو من يتصدى اليوم داخل الفريق الواحد لدكتاتورية يوصف بان المالكي ينتهجها في تسيير امور البلاد وقادت العراق الى منحدرات الحضيض سياسيا واقتصاديا في كل المحافل الوطنية والاقليمية والدولية.. ولم تكد تمضي ساعات على تقديم عبد المهدي استقالته جاء ليعقبها قرار موازاتخذه ائتلاف العراقية ربما اشد وامضى له على حكومة المالكي االتي تنتظر أجلها حينما ُاعلن عن تعليق ائتلاف العراقية التي يترأسها رئيس الوزراء الاسبق ، اياد علاوي ،مشاركتها في اجتماعات الكتل السياسية في العراق.واكدت إنها لن تعود عن قرارها إلى حين رد قائمة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على طلباتها بتوضيح الموقف من تشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا والوزرات الأمنية التي ما زالت شاغرة منذ ستة أشهر. واقع الامر ومحصلة الالامه اننا لم نكن نتوقع ان تكون تعليق العراقية لمشاركتها مبنية فقط على غيباب دورها او تغييبه في مجلس السياسات الستراتيجية وانما ان يكون ضمن سلة واحدة هي مطالب شعب يذبح ويعيش تحت خط الفقر ,الكثير من ابنائه ولايقارن باي شعب بالعالم من حيث توفر الخدمات والامن والبطالة وتردي احواله المعيشية...لماذا ياعراقية جاء الاعلان هذا عبر بيان صادر عن مكتب نوري شاويس ولحين ورود جواب من التحالف الوطني على آلية اختيار مجلس السياسات الاستراتيجية العليا، وليس من ائتلاف العراقية او الناطقين باسمها..؟وما اكثرهم ..؟
يا ترى هل هذا هو القحط في الرجال كما يصوره البعض ام انه خلل في التركيبة الايدولوجية لهذا الحزب وغيره ممن ارتضى تعريض شعبنا الى تداعيات منهج مصلحي ووصولي في السياسة لم يستخدم من قبل في العراق الا نادرا وهو اسلوب الصفقة الواحدة اي (انت تمرر رجلي وانا امرر رجلكم ) ؟ الى مناصب نواب الرئيس.. وهكذا تمت الصفقة دفعة واحدة ودفع العراقيون جميعا ثمنها ..؟ ما اضاف اعباء مالية كبيرة لميزانية الدولة المنهكة والمستنزفة لتنفق في اتجهات مختلفة غير مثمرة , ولان كل القوى المهيمنة على القرار السياسي هي من ارتضت هذا السلوك في الاختيار لهذا الموقع رغم قناعتها ان الخزاعي رجل لايؤتمن على هذه المسؤولية , لاكن ارادة حزب الدعوة شاءت ذلك وارتضت مع شديد الاسف القوى السياسية الاخرى بالامر اتقاء لمخاطر اكبر ...؟ لانها كانت تريد ان لاتختلف على الصغائر في وقت يتم التباحث حول كبائر الامور ومنها الوزارات الامنية والمجلس الوطني للسياسات الستراتيجية ...لكن هذه النظرية المصلحية على ما يبدو سقطت , فريسة بين خصوم يتشابكون بكل شئ وقعت عليه ايديهم ..؟ ونارهم تأكل حطبهم والساتر ربك ياشعب العراق